الرسالة نت–عبد الحميد حمدونة
شقاوة الأطفال الغزيين في العيد توصلهم إلى حد تقليد المسلحين في اقتناء أسلحة خفيفة تستخدم عيار ليس ناري وإنما يطلق عليه "دمدم".
تصنع هذه الأسلحة من المادة البلاستيكية وتحاكي بشكل كبير للغاية أسلحة الجنود ابتدءا من المسدس مرورا بالكلاشنكوف وانتهاءا بـقطعة عيار 250، والتي تعج بها أيدي الأطفال والبيوت والمحال التجارية والبسطات، وأيدي ممن استهواهم تطوير هذه اللعبة سنة عن سنة.
اشتباكات عنيفة
كثير من الناس أصيبوا بأعينهم ووجوههم جراء الاشتباكات العنيفة بين الأطفال، وإطلاق "العيارات الدمدمية" العبثية على بعضهم البعض والتي يقلدون فيها ألعاب الكمبيوتر التي غزت غزة مثل "كانتر سترايك"، ويصيحون بأصوات مشابهة لممثلي باب الحارة.
اشتباكات الأطفال في شوارع القطاع حالة أضحت بالمعتادة، خصوصا وأن المواطن حال سيره لصلة الأرحام في العيد يمشي "الحيط الحيط ويقول يا رب الستر من الدمدم".
الاستخدام العبثي في وجهة نظر الكبار لهذه الأنواع من الأسلحة هو بمثابة إسراف في الأموال ناهيك عن حدوث شجارات عائلية كبيرة(..) أهل غزة في غنى عنها.
يشار إلى أن هذه الأعيرة المطاطية اليابسة هي عبارة عن طلقات بلاستيكية مكورة توضع في مخزن قطعة السلاح البلاستيكي ويقوم الطفل بـ"سحب السحبة" وإطلاق الدمدمة.
جموع الأطفال تنتظر العيد على أحر من الجمر كي يجمعوا ثمن البندقية من "عيديتهم" وكأنهم ينتظرون العيد للتزود بهذه الأسلحة والتي تعني الكثير بالنسبة لهم، ويهرولون مسرعين إلى شراء أحد أنواع البنادق، والملفت أن بعضهم يتباهي بنوع البندقية التي يحوزها.
بطلوع الروح
يقول الطفل براء "9 أعوام":" أنتظر العيد بفارغ الصبر.. كي أسعد بحيازة البندقية والتي حصلت عليها بـ (طلوع الروح) من والدي".
الأهالي أبدو قلقهم من العيد، من ناحية شراء أطفالهم لهذه الأسلحة والتي يصل سعرها إلى 100 شيكل، والتي تضر أكثر مما تنفع.
المواطن أبو عدي حذر ابنه من شراء بندقية الدمدم، قائلا له:" إذا شريتها راح أكسرها على راسك!".
ويبدو أن العلاقة وطيدة جدا بين مسدس الدمدم والطفل الغزي، والسبب في ذلك الأوضاع الغير مستقرة الذي يعيشونها على الدوام، خصوصا وأنهم اعتادوا على ذلك، الأمر الذي يدفعهم لاستخدام الأسلحة.
سدة بسدة
أما بعض السائقين فينالهم نصيب من وابل العيارات المطاطية، فالمواطن أبو يامن كسر زجاج سيارته أول يوم عيد الأضحى الماضي، ويحاول الآن إخفاءها عن بنادق الأطفال المؤذية في حاصل جيرانهم.
يقول أبو يامن:" دفعت مبلغ كبير على تغيير زجاج السيارة الأمامي ونحن في حصار والمعروف أن قطع الغيار غالية الثمن، وما يثير غضبي هو أني لم ألقي القبض على الفاعل".
ويضيف أصبح "الدمدم" السلاح الخطير في أيدي الأطفال ودون مسئولية، ودائما عيون بعضهم البعض هي الهدف حين يعمدون إلى الاقتصاص من بعضهم البعض وبالمفهوم الطفولي "سدة بسدة".
بعض الأطفال أثناء الاشتباكات يوقع عليه الاختيار لأن يمثل دور الجندي الصهيوني، والذي سيناله ما يناله من تفريغ للمخزن في جسده لأن الأطفال يعتبرون اليهود أعداء الفلسطينيين ويجب قتلهم بأي وسيلة كانت حتى لو كان تمثيلا.
وفي هذا الصدد يصف الشبل خليل "12 سنة" اشتباكاته مع الأطفال، بقوله:" نجتمع ونقسم أنفسنا إلى مجموعتين مقاومة ويهود، ونبدأ بالاشتباكات القوية واللف من خلف ظهور العدو".
وغالبا لا يقبل الأطفال القيام بدور اليهود ولكن لاستكمال اللعب يقومون بعمل قرعة فيما بينهم ويلبس العديد من الأطفال الذين يمثلون طرف العرب الجعب ويضعون قنابل بلاستيكية تحوى بداخلها مجموعة من "الدمدم" المستخدم في تعبئة أسلحتهم البلاستيكية في مشهد يعيد للأذهان حالات الاجتياح التي يقوم بها العدو الصهيوني للمناطق الفلسطينية، حيث تشعر كأنك في حرب حقيقة، وتسمع دوي لإطلاق المفرقعات.
ويصف خليل كيفية الاشتباك باستخدام طرق المباغتة والحصار والأسر، والذي أبدى فرحه الشديد لتمكنه من شراء بندقية تشبه "إم 16" ومما زاده فرحا أنه تمكن من شراء حزام من القماش تماما كالذي يستخدم لـ "إم 16" الحقيقية مشيرا إلى أن هذا الحزام جعله يشعر وكأنه يحمل سلاحا حقيقيا.
اقبال شديد
الطفل أحمد الحصري "10 سنوات" يقطن مدينة غزة أجاب في معرض رده على سؤال حول نوعية الألعاب التي يود شراؤها خلال فترة العيد قائلا :"المسدسات والبنادق التي تطلق عيارات الدمدم البلاستيكي".
واستدرك الطفل قائلا: ولكنني لا أستخدمها لإيذاء الآخرين بل في التدرب على عمليات القنص والتصويب على الأهداف المختلفة.
من جانبهم أكد العديد من الباعة وجود إقبال شديد على شراء الأسلحة البلاستيكية وطبقاتها البلاستيكية بل إن جل بيعهم يعتمد عليها.
يقول المواطن طاهر والذي يملك مكتبة مدرسية يبيع من خلالها البنادق خلال فترة الأعياد بأنه تمكن من عمل دخل ما يقارب بـ 2400 شيكل وذلك لبيعه فقط للأسلحة البلاستيكية من بنادق وقنابل وذخيرة تستخدم كألعاب أطفال خلال أيام العيد المنصرم.
وما يتضح للعيان أن أطفال غزة يحملون في صدورهم هموم وطنهم السليب، والتي تخر لها الجبال الراسيات، ولو ببندقية بلاستيكية للتعبير عما يجول في خواطرهم تجاه المحتل الغاصب.