كان لفلسطين نصيب من الحدث الأضخم في أوروبا "يورو فيجن" والذي أقيم في (إسرائيل) الأسبوع الماضي، في خطوة تضامنية من المشاركين أصابت الإسرائيليين بصدمة ووضعت قادة الاحتلال في موقف محرج.
علم فلسطين الذي رفعه المشاركون الأوربيون في "يورو فيجن" بوسط مدينة "تل أبيب" المحتلة، جاء ليؤكد مجددا أن القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي رغم محاولات تغييبها وطمسها.وكان الوفد الأيسلندي قد رفع العلم الفلسطيني أثناء مناداته في الحفل الغنائي، في حين وضعت المغنية الأمريكية الشهيرة مادونا صورة علم فلسطين على ظهر احدى طاقمها الفني أثناء أدائها أغنية "راب".
تضامن مع فلسطين
ولم يكتف الاحتلال بصفعات انسحاب الكثير من المشاركين والوفود من الانضمام للحدث الذي تعتبر (إسرائيل) الأهم هذا العام، ليأتي العلم الفلسطيني وسط "تل أبيب" ويضع قادة الاحتلال أمام موقف يصعب تفسيره.وعلى الجانب الآخر، كان عدد السياح الأجانب أثناء تنظيم الحفل العالمي، أقل بكثير من المتوقع حضوره وهو ما يضع علامات استفهام أمام قدرة (إسرائيل) على استضافة أي حدث أوروبي أو عالمي في المستقبل.
ولعل رفع فريق "هاتاري" الأيسلندي للعلم الفلسطيني أثناء المناداة عليه، أكثر ما شكل صدمة للاحتلال الإسرائيلي.
كما واستخدمت ملكة البوب الأميركية، مادونا، علم فلسطين أثناء أداء أغنية، خلال مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجين" التي نظمت في تل أبيب، مساء السبت الماضي، الأمر الذي فتح عليها بابا من الانتقادات (الإسرائيلية).
وكانت مادونا (60 عاما) تؤدي أغنيتها الجديدة "مستقبل" مع مغني الراب الأميركي، كويفو، عندما ظهرت إحدى الراقصات المرافقات، وهي تضع على ظهرها علم فلسطين.
وكانت الراقصة التي ارتدت ثوبا أبيض طويلا تسير بجانب راقص آخر وضع هو أيضا علم (إسرائيل) على ظهره، فيما إشارة إلى الدعوة "لإحلال السلام".
لكن هذا التصرف لم يلق قبولا لدى الإسرائيليين، إذ أعربت وزيرة الثقافة، ميري ريغيف، الأحد الماضي، عن رفضها استعراض الراقصين المرافقين للفنانة مادونا، أعلاما فلسطينية خلال مسابقة "يوروفيجن" في تل أبيب.
وقالت ريغيف الوزيرة اليمينية المعروفة بمواقفها الاستفزازية، إن ما حدث "كان خطأ".
وفي السياق ذاته، انتقدت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إظهار مادونا للعلم الفلسطيني في المسابقة، متهمة المغنية الأميركية بـ"تسييس يورو فيجين".
وأصدرت الجهة المنظمة للمسابقة، وهي اتحاد الإذاعات الأوروبية وهيئة البث الإسرائيلية "كان"، قالت فيه إن رفع العلم لم يكن جزءا من البروفات التي شاركت فيها مادونا قبل الأغنية.
وأشارت إلى أنها أعلمت مادونا بأن المسابقة ليست سياسية، مؤكدة أن ملكة البوب الأميركية اتخذت قرارها دون الرجوع إلى الجهة المنظمة.
وكانت مادونا صرحت الأسبوع الماضي إنها قادمة إلى (إسرائيل)، لتدافع عن حقوق الإنسان وتأمل بأن ترى "مسارا جديدا نحو السلام".
وقالت: "قلبي ينفطر كلما أسمع عن الأرواح البريئة التي تزهق في هذه المنطقة والعنف المستمر الذي عادة ما يُرتكب بما يناسب الأهداف السياسية لمن يستفيدون من هذا الصراع القديم".
ويرى متابعون، أن (إسرائيل) حاولت من خلال تنظيم "يورو فيجن" بإظهار نفسها موضع الدولة الديمقراطية السياحية، إلا أن حضور القضية الفلسطينية أكد للجميع أن هناك شعب يقع تحت الاحتلال ومجازر جيشه.
وحاول الإعلام العبري استغلال حفل "يورو فيجن" بما يتناسب مع دولته التي تحاول الانفتاح على العالم، إلا أن لقطات ظهور العلم الفلسطيني جعلت من تناول الحدث العالمي اعلاميا أقل من المتوقع.
بدوره، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي، أكرم سلامة أن حضور القضية الفلسطينية ورفع العلم الفلسطيني في "يورو فيجن" شكل صدمة للإعلام العبري الذي لم يعرف كيف يتعامل مع هذه القضية.
وقال سلامة لـ "الرسالة نت ": "إسرائيل حاولت طمس معاناة الفلسطينيين، والظهور في الحفل أنها دولة بريئة، إلا أنها فشلت في ذلك ورسالة الفلسطينيين وصلت بصورة أو بأخرى".
وأشار إلى أن الإعلام العبري تحدث كثيرا عن قلة عدد السياح القادمين وأعداد المشاركين والحاضرين للحفل العالمي، وكذلك عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي لحقت بالمنظمين، "إلا أنها حاولت المرور سريعا عن لقطات ظهور العلم الفلسطيني في الحفل".
وأضاف سلامة: "المتابع للشأن العبري خلال الأيام القليلة الماضية، يرى السخط الكبير من قادة الاحتلال على ظهور العلم الفلسطيني، وهو ما ينذر بصعوبة تنظيم مثل هذا الحدث مجددا في مرات مقبلة".
و"اليورو فيجن" كمسابقة ينظمها اتحاد البث الأوروبي منذ عام 1956، كأكبر حدث غير رياضي من حيث عدد المشاهدين، حيث يُقدر عدد مشاهديه من (100 إلى 600) مليون شخص حول العالم، ويشارك كل مغنٍ عن طريق المحطات المحلية التابعة للاتحاد الإذاعي الأوروبي، ليتم اختيار المغني الذي سيمثل بلده دوليا في المسابقة.
تخلل المسابقة عدة أحداث داعمة للقضية الفلسطينية، من ضمنها اختراق نشطاء لبث الحفل الختامي وبث مشاهد للدمار الذي تسبب به الاحتلال في قطاع غزة.
وكانت (إسرائيل) قد احتضنت هذه المسابقة وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث انتشرت الشرطة المسلحة حول مجمع "إكسبو تل أبيب" وكذلك سيارات الدورية والدراجات النارية مع مرور المتفرجين عبر أجهزة كشف المعادن وخضوعهم لفحوص أمنية دقيقة.