قائد الطوفان قائد الطوفان

قمتان في مكة بعنوان مواجهة إيران

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة- وكالات

على وقع استمرار التوتر المضبوط بين الولايات المتحدة وإيران، تستضيف السعودية اليوم الخميس قمتين عربية وخليجية طارئتين في مكة، على أن تليهما غداً الجمعة قمة منظمة التعاون الإسلامي بهدف رئيسي هو حشد أكبر عدد ممكن من الدول في مواجهة طهران. وفيما سيتفاوت مستوى التمثيل العربي والخليجي في القمتين الطارئتين، يُتوقع أن يكون الموضوع الفلسطيني مهمشاً فيهما، على الرغم من المخاطر الكبيرة التي تحيط به مع استعداد إدارة دونالد ترامب لإطلاق مشروعها الهادف فعلياً لتصفية القضية الفلسطينية والمعروف بـ"صفقة القرن" من خلال مؤتمر اقتصادي يُعقد في البحرين في 25 و26 يونيو/ حزيران المقبل. 

وقبيل القمتين، كانت طهران تصدر موقفاً لافتاً بإعلانها الاستعداد للتفاوض مع واشنطن ولكن بشروط، وذلك بعد تأكيد ترامب أنه لا يريد تغيير النظام في طهران، مع تمسك الأخيرة باستعدادها لمواجهة أي حرب، في وقت كان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون يزور أبوظبي، متهماً منها طهران بالوقوف وراء الهجمات على أربع سفن قبالة سواحل الفجيرة في 12 مايو/ أيار الحالي، وذلك على عكس كلام ترامب الهادئ في الأيام الأخيرة.
واتهم بولتون إيران، في جلسة مع صحافيين في السفارة الأميركية في أبوظبي، بالوقوف وراء "العمليات التخريبية" التي استهدفت أربع سفن قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية في 12 مايو/ أيار. وقال بولتون "بعض قواتنا للعمليات الخاصة دعيت لكي تبدي رأيها" و"من الواضح" أنّ السفن كانت هدفاً لـ"ألغام بحرية، من شبه المؤكد أنها من إيران". وأضاف "لا يوجد أي شك في ذهن أي أحد في واشنطن عن هوية المسؤول عن هذا الوضع"، في تلميح ضمني إلى إيران. كذلك تحدث عن هجوم فاشل استهدف ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر قبل يومين من العملية التي وقعت قبالة ساحل الإمارات. ومضى المسؤول الأميركي بالقول إن إيران "بكل تأكيد لم تحد من أنشطتها الإرهابية في المنطقة، كما لم تقلل من سلوكياتها الخبيثة الأخرى في استخدام القوات التقليدية". 


واتهم المسؤول الأميركي طهران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية، مستنكراً تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي الذي أبرمته مع الدول الكبرى. وتابع: "ليس لديهم سبب لزيادة مستوى اليورانيوم المخصّب سوى الشروع في (امتلاك) أسلحة نووية". 
وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول أن تتحلى بالحكمة في الرد على أنشطة إيران ووكلائها في المنطقة. وبحث بولتون أمس، مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، "الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الإرهاب، وعلاقات التعاون والتنسيق"، وفق وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام).
ولم تتأخر الخارجية الإيرانية في الرد على تصريحات بولتون، واصفة إياها بـ"المزاعم المضحكة". وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، وفقاً لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، إن هذه الاتهامات "تنم عن سياسات تخريبية لمجموعة ب"، مؤكداً أن بلاده تمنع "دعاة الحرب من خلق الفوضى في المنطقة وتحقيق أمنياتهم الخبيثة". وأضاف أن "على بولتون وبقية دعاة الحرب والفوضى أن يعلموا أن الصبر الاستراتيجي واليقظة القصوى والتأهب الدفاعي الكامل للجمهورية الإسلامية، والذي ينبع من إدارة شعب عظيم ومقاوم، سيحول دون تحقيق أمانيهم الخبيثة لخلق الفوضى في المنطقة".
في المقابل، وتعليقاً على تصريحات ترامب من اليابان، الإثنين الماضي، والتي أكد فيها أن إدارته لا تريد تغيير النظام في إيران، وأنها تريد الحوار معها، قال موسوي، لنادي "المراسلين الشباب"، إن "التغيير المحتمل في اللهجة الأميركية قابل للدراسة"، لكنه أكد في الوقت نفسه أن بلاده "لن تولي ذلك أي قيمة ما لم يؤد هذا التغيير في اللهجة إلى تغيير في السلوكيات ولم يتحول إلى سياسة واستراتيجية". وأوضح موسوي أنه "ما لم يحصل ذلك نعتبر هذه التصريحات خطوة تكتيكية مرحلية". كما أضاف أن "الأميركيين اختبروا الشعب الإيراني على مدى أربعة عقود وفشلوا في كل اختبار ولم يحققوا أي مكسب".

وقبل أن يدلي بولتون بهذه التصريحات "التصعيدية"، كانت الخارجية الأميركية قد دعت إيران إلى التفاوض على أساس الشروط الـ12 التي طرحها سابقاً وزير الخارجية مايك بومبيو، ووصفتها طهران بـ"التعجيزية" و"غير قابلة للتحقيق". وتطاول هذه الشروط كل الملفات المرتبطة بإيران، منها ما يتعلق بدورها الإقليمي وما يرتبط ببرامجها الصاروخية والنووية. وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، في بيان، عن استعداد واشنطن للتفاوض مع طهران بشأن "النقاط الـ12"، مؤكدة أن "العقوبات والضغوط القصوى على إيران ستتواصل حتى تقبل هي بالمفاوضات".
وقوبل هذا الأمر برد من الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أشار إلى أن المحادثات مع الولايات المتحدة قد تكون ممكنة إذا رفعت العقوبات. وأضاف "الباب لم يغلق إذا رفعوا العقوبات الجائرة ونفذوا التزاماتهم وعادوا إلى طاولة المفاوضات التي غادروها بأنفسهم"، متابعاً "لكن شعبنا يحكم عليكم بناء على أفعالكم وليس كلماتكم".

وقال روحاني، خلال اجتماع للحكومة أمس، إن بلاده تواجه تصريحات "متناقضة ومتذبذبة" من الإدارة الأميركية، لافتاً إلى "أنهم (الأميركيين) يدلون بتصريحات كثيرة ومتذبذبة، وصمود الشعب (الإيراني) هو الذي أجبرهم على بيان تصريحات متناقضة أحياناً". وأكد أن "الأساس بالنسبة لنا ليس الكلام بل أفعالهم".

كما عرّج الرئيس الإيراني على "صفقة القرن" في سياق حديثه عن مناسبة "يوم القدس العالمي" الذي يصادف الجمعة الأخيرة من رمضان، قائلاً إن "صفقة القرن هي إفلاس القرن لمن طرحها، والمؤامرة اليوم ليست ضد الشعب الفلسطيني فحسب وإنما ضد كل المنطقة". وأكد أن "زمن النضال بالحجر قد ولّى، وردّ الفلسطينيين على المحتلين هو الصاروخ مقابل الصاروخ"، لافتاً إلى أن "الصهاينة قد اضطروا للانسحاب بعد 48 ساعة والقبة الحديدة لم تتحمل صواريخ المجاهدين الفلسطينيين"، وذلك في إشارة إلى التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد قطاع غزة.

من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية أمس، "آمل أن نتمكن من بدء الحوار (مع أميركا)، لكننا مستعدون للحرب". وتابع: "الحرب ستكون كارثة على الجميع في المنطقة، ونحن نعلم أن هناك بعض العناصر والأشخاص الذين يحاولون دفع الولايات المتحدة للحرب مع إيران لأغراضهم الخاصة". وأعرب عراقجي عن أمله في أن "ينتصر المنطق في واشنطن"، قائلاً "لن نتفاوض تحت الضغوط". كما أشار إلى أن طهران تنتظر رد دول الخليج على مقترح حول التوقيع على اتفاقية "عدم الاعتداء"، معلناً أن بلاده مستعدة لبدء "نقاش تفصيلي حول هذه الاتفاقية.
وفي ظل هذا الوضع، كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، يزور طهران أمس، حيث التقى نظيره الإيراني عباس عراقجي، وبحث معه الاتفاق النووي. وذكر بيان صادر عن الخارجية الإيرانية أن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين.

البث المباشر