ارتفع عدد ضحايا فض قوات الأمن السوداني لاعتصام الخرطوم فجر اليوم الاثنين إلى أكثر من 30 قتيلا ومئات الجرحى، بعدما كانت الحصيلة الأولية تشير إلى مقتل 13 شخصا وإصابة 116 آخرين، بينما دعا تجمع المهنيين إلى الاعتصام والصلاة في الميادين وشل الحياة العامة.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية المقربة من المحتجين في بيان "ارتفع عدد شهداء مجزرة القيادة العامة التي ارتكبها المجلس العسكري إلى أكثر من 30 شهيدا"، بالإضافة إلى "سقوط المئات من الجرحى والإصابات الحرجة".
وما زالت الصدمة والذهول تخيمان على الشارع السوداني بعد فض الاعتصام المستمر منذ نحو شهرين قبالة مقر القيادة العامة للجيش.
وأظهرت الصور التي بثت من داخل منطقة فض الاعتصام أن المعتصمين ظلوا متمسكين بشعار السلمية حتى اللحظة الأخيرة، وسط العنف والنيران التي تلاحقهم من كل جانب، ورغم مقتل وإصابة الكثير منهم.
وكان المتحدث باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي قال إن قوات الأمن كانت تستهدف منطقة "كولومبيا" المجاورة لساحة الاعتصام، وهي منطقة عرفت بأنها بؤرة سالبة للأمن وتضم مسلحين.
وأضاف كباشي في حديث للجزيرة أن قوات الأمن تلقت اتصالات من قادة الثوار وأبدت انزعاجها، لكنها تقبلت الأمر بعد ذلك على حد قوله.
من جانبه نفى عضو وفد التفاوض عن قوى الحرية والتغيير مدني عباس مدني ما جاء في حديث كباشي بشأن استهداف مظاهر سلبية في منطقة "كولومبيا"، وقال إن ذلك غير صحيح.
تحقيق نيابي
من جهة ثانية أمر النائب العام السوداني الوليد سيد أحمد محمود بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت صباح اليوم بمنطقة القيادة العامة للقوات المسلحة.
ووفق وكالة الأنباء السودانية فإن القرار نصّ على تشكيل اللجنة من رؤساء نيابات عامة ووكلاء أعلى نيابات ووكلاء أوائل نيابات وممثلين للشرطة وممثلين للقضاء العسكري.
عصيان مدني
وردا على فض الاعتصام وسقوط القتلى والجرحى، أعلنت قوى التغيير وقف التفاوض مع المجلس العسكري والدخول في عصيان مدني ردا على ما سمتها "مجزرة اعتصام القيادة" في الخرطوم، وأكدت أن منطقة الاعتصام لا تضم الآن إلا أجساد القتلى الذين لم يتسن إجلاؤهم.
وتعهدت قوى التغيير -التي تقود الحركة الاحتجاجية في السودان- بتقديم قادة المجلس العسكري لمحاكمات أمام قضاء عادل ونزيه في "سودان الثورة"، وقالت إنهم يتحملون مسؤولية إراقة الدماء.
جاء ذلك في بيان شديد اللهجة أصدرته قوى التغيير ظهر اليوم الاثنين بعد ساعات من اقتحام قوات الأمن السوداني ساحة الاعتصام المقام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وفقا لقوى التغيير ولجنة أطباء السودان المركزية.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين السودانيين للتجمع غدا في ميادين الأحياء لصلاتي العيد والغائب وللتظاهر السلمي.
كما دعا لتسيير المواكب بعد صلاة العيد وإغلاق الطرق وشل الحياة العامة والمؤسسات الحيوية.
ردود الأحزاب
وفي ردود فعل الأحزاب السياسية، قال حزب المؤتمر السوداني إن المجلس العسكري "من خلال المجزرة التي ارتكبها اليوم بحق المعتصمين، وضع المعارضين أمام خيار واحد وهو مواصلة الثورة من أجل إسقاط النظام".
من جهة أخرى، قال حزب الأمة السوداني في بيان إن المجلس العسكري "اختار أن يقف إلى الطرف النقيض لاختيارات الأمة السودانية، وهو الثورة المضادة". ودعا الحزب جماهيره وكافة جماهير الشعب السوداني للنزول إلى الشوارع، كما دعا إلى إقامة عشرات الاعتصامات في الخرطوم والولايات.
في السياق نفسه، قال الحزب الشيوعي السوداني إن ما فعلته الأجهزة الأمنية والمليشيات "جريمة يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكري الانقلابي، وسيأتي أوان حسابه".
وأضاف الحزب في بيان أنه "لم يتبق أمامنا سوى تصعيد عملنا النضالي في مواجهة بقايا نظام الإنقاذ، عبر الخروج فورا إلى الشوارع وتسيير المظاهرات وإعلان العصيان المدني، وصولا إلى الإضراب السياسي وإسقاط النظام كاملا وتفكيكه وتصفيته عبر الدولة المدنية".
وقالت الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال في بيان موقع باسم ياسر عرمان نائب رئيس الحركة إن "فض الاعتصام جريمة لن تمضي دون عقاب"، ودعا إلى "التمسك بالثورة وسلميتها ونزول الجماهير إلى الشوارع للدفاع عن حقوقها في كل مدن وريف السودان".