على شاطئ السودانية شمال قطاع غزة، يقف الصياد محمد عبد الحليم حائرًا ينظر لتقلبات موج البحر دون القدرة على خوضها عبر حسكته التي اعتاد يومياً اعتلاء ظهرها رفقة شباكه ليجلب قوت أسرته من صيد الأسماك المتنوعة وبيعها للمواطنين.
وقع قرار الاحتلال بإغلاق بحر قطاع غزة الأربعاء الماضي، كان أشبه بوحش التهم ما في جوف منزلهم الذي يضج بالأطفال من طعام، وأجبرهم على تناول الفتات، إذ أن رب الأسرة يطعمها يوميًا بما يعمل يوميًا ويرزق من مياه البحر.
بالرغم من أن القرار أثقل كاهل عائلة عبد الحليم، إلا أنه بدا أكثر تماسكًا حين قال "للرسالة"، إنه " يقف خلف ما يقتضي قرار المقاومة من وسائل مقاومة شعبية للضغط على الاحتلال وإجباره على إنهاء الحصار "الإسرائيلي" المستمر على القطاع منذ العام 2007".
ويضيف" لطالما كان قطاع الصيد الحلقة الأضعف أمام الاحتلال الذي تنتهك زوارقه يوميًا حرمة الصياد الفلسطيني، وتلاحقه وهو أعزل وسط مياه البحر، وتمارس ضده جميع أساليب القمع والعنف، لذلك يجب أن يوضع حدًا لهذا المسلسل من خلال المقاومة والدفاع عن النفس".
ويؤيد الصياد منار أبو عربية، ما قاله الصياد عبد الحليم، إذ أنه سئم من سطوة زوارق الاحتلال على الصيادين في بحر غزة، ويرى أنه من الضروري أن تزج قضيتهم بتفاهمات التهدئة للجم الإسرائيليين عن ملاحقة الذين يمارسون مهنتهم دون أن يلحقوا أي ضرر أو يشكلوا أي خطر.
ويبين في حديثه مع "الرسالة نت " أن قرار إغلاق البحر، يثقل كاهل جميع الصيادين، لاسيما أنهم يعيشون حالة فقر مدقع سببها قلة الأسماك وندرة الصيد، ويقول "إنه من الضروري إيجاد الحلول التي تخرج الصياد من الأزمات التي يعيشها مبدوءة بإدخال معدات وأدوات الصيد المحظورة، ووقف الملاحقات وإطلاق النار ومصادرة المراكب بحقهم.
وطالب فصائل المقاومة الفلسطينية بمواصلة الضغط على الاحتلال حتى كسر الحصار بشكل كامل، ما يجعلهم يمارسون مهنتهم دون خوفٍ أو ضغوطات سببها الزوارق (الإسرائيلية) القاتلة.
وفي ذات السياق، يصف نزار عياش نقيب الصيادين في قطاع غزة، وضع الصيادين بعد توقفهم عن العمل، في أعقاب القرار الجائر من الاحتلال، بالموت السريري، إذ أن ما يزيد عن 4 آلاف صياد فلسطيني وجدوا أنفسهم مجبرين على الجلوس بمنازلهم دون وجود أي مصدر للرزق.
وأكد عياش، أن هذا القرار يعتبر بمثابة انتهاك جديد من مسلسل الانتهاكات التي تمارسها الغطرسة الإسرائيلية بحق قطاع الصيد، يومياً ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والأعراف الدولية التي تنص على حماية المدنيين.
وقال عياش لمراسل "الرسالة" "إن الصياد الفلسطيني يواجه في الأيام العادة صعوبات وأزمات، نتيجة شح الصيد وانتهاكات الاحتلال، فما بالك في الأيام التي يمنع فيها من ممارسة مهنته بشكلٍ قاطع"ــ موضحاً أن معظم الصيادين الغزيين إذا صادوا في يومهم وجدوا لأسرتهم مصروفًا وإن لم يصطادوا يعيشوا معاناة طيلة اليوم.
وشدد على أن قطاع الصيد وجميع الصيادين، يقفون خلف الصف الوطني متراسين، ويتجهون نفس توجهم، وأضاف "نحن لسنا بمنأى عن أهلنا في قطاع غزة، وسواء قرر الاحتلال فتح البحر أو إغلاقه تبقى قضيتنا الأم هي فلسطين وليس الصيد".
وطالب عياش الأمم المتحدة والجهات الدولية بحقوق الإنسان، بالضغط على الاحتلال وإجباره على الكف عن التلاعب بأرزاق الناس، وقال "إن عقاب هذه الشريحة غير مبرر وينتهك القانون الدولي ويجب أن يوقف".
كما طالب الجهات المانحة والداعمة، على توفير الدعم اللازم للصياد الفلسطيني بعد توالي الأزمات على كاهله والتي يسببها الاحتلال بصورة متعمدة للنيل من صموده وإجباره على ترك المهنة التي تمثل له مصدرًا وحيًدا للرزق.