تتصاعد التوترات بين الأردن والسعودية حول الوصاية على القدس التي تحتكرها المملكة الهاشمية منذ عقود، حيث تحدثت وسائل الإعلام مؤخراً عن حرب خفية تدور رحاها بين الأردن والسعودية بشأن محاولة الأخيرة فرض سيطرتها ووصايتها على القدس المحتلة.
الكاتب بصحيفة (إسرائيل اليوم)، نداف شرغاي، قال إن الأردن "يناور في صفقة القرن ليضمن استمرار الوصاية على الأماكن المقدسة، كضمانة لاستقراره".
وقال شرغاي بمقال له إن عمان تتعرض "لضغوط وإغراءات شديدة لمشاركة وصايتها على الحرم القدسي مع السعودية التي تزاحمها المطلب".
وقال شرغاي إن القصر الملكي الأردني بات على قناعة بأن السعودية تزاحمه الوصاية على الأقصى بعد أن طلبت الولايات المتحدة منح السعودية دورا مركزيا في إطار ذلك بالقدس.
وقالت الصحيفة إن الأردن يشعر بخيبة أمل كبيرة "فهو الذي يستند على إرث تاريخي يمتد إلى نحو مئة سنة في الحرم القدسي وليس أقل من ذلك إلى سلسلة من الاتفاقات والتفاهمات مع (إسرائيل)".
وأضاف الكاتب: "تضغط الولايات المتحدة منذ أشهر طويلة على الأردن كي يوافق على أن تنتقل الوصاية إلى السعودية، أو أن يتقاسم معها صولجان الوصاية على المكان الثالث في قدسيته للإسلام - المسجد الأقصى (وذلك إلى جانب استمرار السيادة الإسرائيلية في الموقع)، ويدور الحديث عن ضغط اقتصادي غير رسمي، متداخل وإغراءات اقتصادية في الغالب".
ويبدو أن الأردن الذي يرى تهديدات خطيرة على استقراره في حال تطبيق صفقة القرن، ويتعرض لضغوط كبيرة سياسية واقتصادية، يعتقد في محاولة سحب الوصاية منه لصالح السعودية أنه جزء من ترتيبات صفقة القرن التي تحاول الولايات المتحدة فرضها.
وتزيد ديون المملكة الهاشمية عن 40 مليار دولار، وفي شباط الماضي، في اجتماع الدول المانحة للأردن في لندن، نجح الملك عبدالله في جمع تبرعات لنحو 3 مليارات دولار من السعودية، والكويت والإمارات، توزع على بضع سنوات، منها 350 مليون دولار حولتها السعودية إلى الأردن في الشهر الماضي كجزء من هذا الالتزام.
وتعد تلك المبالغ مجرد قطرة في بحر الاحتياجات الكبرى للأردن، أما الآن فللسعودية شرط مركزي واحد لمواصلة المساعدة: الشراكة في إدارة الحرم الشريف في القدس.
ويعتمد الأردن بدرجة كبيرة على المساعدات الأمريكية البالغة مليارا ونصف مليار دولار في السنة، والأمريكيون الذين تحدثوا في السنة الماضية مع الحكام العرب تحدثوا معهم ليس فقط عن البديل السعودي في الحرم، بل وأيضا عن إمكانية أن يستوعب الأردن ويوطن في أراضيه مليون لاجئ فلسطيني بشكل تدريجي، بعضهم من الشتات وبعضهم يعيشون على أراضيه.
وتحدثت تسريبات أن مقابل هذه الرزمة تعرض الولايات المتحدة على الأردن مبلغا خياليا يقدر بــــ 45 مليار دولار لتسديد ديون الأردن وترميم اقتصادها ولاستيعاب وتوطين لاجئين فلسطينيين في أراضيها.
وتحدثت تسريبات سابقة عن ملاسنة جرت بين الملك عبد الله ومحمد بن سلمان بشأن أحقية المملكة السعودية بالوصاية على القدس، ليكون الرد الأردني غاضباً أن الوصاية الأردنية على القدس لها آلاف السنوات، وعلى السعودية الاهتمام بمكة.
ويعتقد البعض أن توقيت المزاحمة السعودية المحتملة للدور الأردني قد يأتي في سياق حرج أكثر وأسرع مما يتصور الجميع لأن نشاطات “عقارية” واجتماعية قام بها ولي العهد السعودي في ضواحي القدس أثارت حساسية الأردن قبل أكثر من عام.
وبدأت السيادة الأردنية على المسجد الأقصى منذ “بيعة الشريف”، عام 1924، وانتقلت في سنوات لاحقة لقيادات محلية فلسطينية، لكن بعد حرب عام 1948، وعندما أصبحت الضفة الغربية بما فيها شرق القدس تابعة للحكم الأردني، عادت الوصاية أردنية بلا منازع، وأعلن الحاكم العسكري الأردني استمرار سريان القوانين والتشريعات الأخرى المطبقة في فلسطين دون أن تتعارض مع قانون الدفاع عن شرق الأردن لعام 1935.