أكد وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أن بلاده عبرت حاجز الثلاثمئة كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67%، وأن الكرة الآن أصبحت في ملعب الطرف الأوروبي كي ينفذ تعهداته وفقا للاتفاق النووي.
وحسب ما جاء على لسان ظريف، فإن الأوروبيين لديهم 11 تعهدا وفقا للاتفاق النووي يجب أن ينفذوها، لكن لم ينفذوا أيا منها حتى الآن، مؤكدا أن آلية الإنستكس (التبادل التجاري بين إيران والاتحاد الأوروبي) ليست ضمن هذه التعهدات ولا حتى قريبا منها.
وفيما يتعلق بتهديدات الولايات المتحدة بوضع الإنستكس وكل من يتعامل معها تحت العقوبات، قال ظريف إن "هذا شأن الأوروبيين وهم الذين يجب أن يقرروا ماذا يجب أن يفعلوا؟".
من جهته، قال عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية بعد لقاء فيينا، إن الدول الأوروبية لم تقدم لإيران شيئا، مضيفا أن أقل شيء على الأوروبيين فعله هو شراء النفط الإيراني وفتح التعاملات المالية المصرفية.
حصار إيران
وحسب ما يأتي على لسان الدبلوماسيين الأوروبيين في طهران، فإنهم كانوا يعولون على أن الإيرانيين راضون بأن يسمعوا أن هناك خلافا بشأن إيران بين الاتحاد الأوروبي والولايات، لكن أكثر ما يرعبهم في طهران هو أن يتحد الجميع على حصارهم.
لكن ما لم ينتبه له الأوروبيون هو أن هذه الورقة لم تعد تخيف الإيرانيين، خصوصا بعدما اتفقت بروكسل وواشنطن على وضع العقوبات ضد طهران خلال العام الماضي.
وأوصلت العقوبات الأميركية الإيرانيين إلى مرحلة اقتنعوا فيها بأن الأميركيين يلعبون دور الشرطي السيئ، في حين أن الأوروبيين يلعبون دور الشرطي الجيد، وهم يريدون الاستمرار في العقوبات حتى تضعف إيران كما حصل الأمر مع العراق أو ليبيا وثم يقومون بمهاجمتها.
وعلى هذا الأساس، وحسب ما أفاد به الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني منذ حوالي الشهرين، فإن إيران غيرت إستراتيجيتها من الصمود إلى المواجهة.
وسبب تغيير هذه الإستراتيجية هو أن إيران تفضل أن تتغير قواعد اللعبة، وأن لا تلعب على أساس الخطط الأميركية بل تلعب وفقا لخططها هي.
وتفضل إيران مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في أفضل ظروفها التاريخية سواء عسكريا أو من حيث النفوذ في المنطقة حيث تستطيع أن تهدد الجميع بأن أي حرب معها سوف تشعل المنطقة برمتها.
ليست واشنطن فقط
وعلى هذا الأساس فإن إيران يجب أن تقنع جميع دول المنطقة والعالم بأن خلافها مع الولايات المتحدة لا ينحصر بين الدولتين، بل إن أثاره تشمل العالم، وعلى الجميع أن ينخرطوا في الحل.
وحسب هذه الإستراتيجية فإن إيران سوف تصعّد بأي شكل كي تضغط على الدول الموقعة على الاتفاق النووي لتكسر العقوبات الأميركية وإيجاد حل لعرقلة واشنطن للاتفاق النووي.
وفي حين أن الدول الأوروبية كانت تعتبر أن إيران تخادع في تهديدها بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة تزيد عن 300 كيلوغرام، حيث إن الاتفاق النووي مبني على أساس أن إيران يحق لها أن تخصب اليورانيوم ولكن يجب أن تبقى بعيدة عن المخزون الذي يسمح لها بإنتاج قنبلة نووية، أي طن على الأقل، بمدى عام واحد على الأقل.
وعلى هذا الأساس فإنها تستطيع إنتاج الكم الذي تريده من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67%، وإذا وصلت إلى هذا الحد يمكن أن تبيعه إلى طرف ثالث، ويوم الاثنين تخطت إيران عقبة 300 كلغ فبدأت تهدد بالخطوة التالية بعد السابع من شهر يوليو/تموز الجاري.
سيناريوهات متوقعة
حسب ما يفيد به المسؤولون في طهران، فإن الخطوة التالية يمكن أن تكون زيادة إنتاج اليورانيوم المخصب، أو زيادة نسبة التخصيب إلى نسبة 5%.
فحسب الاتفاق النووي ليس هناك حد للإنتاج اليومي، وهناك فقط حد لسقف الإنتاج بشكل كلي، أي أن إيران تستطيع أن تخصب 4600 غرام في اليوم بحيث تصل إلى 300 كلغ خلال 65 يوما، أو تخصب 10 كلغ يوميا وتصل إلى 300 كلغ خلال 30 يوما مثلا.
وتمتلك إيران ما يزيد عن 20 ألف جهاز طرد مركزي، لكنها حاليا تستخدم خمسة آلاف منهم تقريبا، وعلى هذا الأساس يمكن لها أن تزيد إنتاجها من اليورانيوم المخصب إلى نحو 20 كيلوغراما يوميا بكل سهولة.
من جهة أخرى استطاعت إيران تصنيع عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس والثامن خلال السنتين السابقتين، والتي تزيد قدرة تخصيبها لليورانيوم ثماني مرات أكثر من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول المستخدم حاليا، وإذا ما استخدمتها فيمكنها زيادة الإنتاج أو حتى التخصيب بسرعة أكبر، ويمكن لإيران أن تزيد من إنتاج اليورانيوم المخصب وتخزنه داخل البلاد للضغط على الجانب المقابل.
وعلى هذا الأساس، لا يمكن للجانب المقابل الاعتراض لأن إيران تعمل وفقا للاتفاق النووي، والولايات المتحدة هي التي وضعت عقوبات على شراء اليورانيوم الإيراني المخصب.
المصدر : الجزيرة