حينما تدخل إلى البلدة القديمة من جهة باب الخليل مرورا وسوق البيزار وساحة عمر بن الخطاب ووصولا إلى باب حطة يمكنك أن تمر بفندق البترا العريق بنوافذه القديمة، واحد من العقارات التي سربتها الكنيسة والتي يطل مدخلها على باب الخليل مباشرة باتجاه قلعة القدس حيث يجلس البترا وفندق الامبريال وبينهما بيت المعظمية في ساحة عمر بن الخطاب وجميعها تنزل بك إلى القدس القديمة وتشكل زاوية للتحكم بالداخلين والخارجين الى القدس القديمة.
وفي بيت المعظمية، تاريخ تكتبه عائلة عدوين، التي تنام كل ليلة منقبضة القلب متأهبة خائفة، وحينما تشرق الشمس تتحضر لأي طارئ فتقفز النبضات خوفا من دخول شرطة الاحتلال بصحبة الجمعية الإسرائيلية الاستيطانية لمصادرة ثروة الأجداد في أي لحظة.
فعلى مساحة تقارب دونمين يقع بيت المعظمية المتهالك الجدران، وسط كومة من الأشجار المتسلقة التي تتشعب على جدرانه القديمة. ملاصق لبؤرة استيطانية ولا يبعد كثيرا عن أرض كانت مملوكة للكنيسة الروسية التي باعتها لجماعات استيطانية قبل عقدين من الزمان وينوي الاحتلال أن يقيم عليها أكثر من عشرين وحدة استيطانية.
في تلك الأرض تتذكر عائلة عدوين صداما بالجسد قاده الراحل فيصل الحسيني قبل أكثر من عشرين عاما وتعرض خلاله لاعتداء جنود الاحتلال مدافعا عن عروبة المكان، بينما تقف الآن وحدها أمام قرار المحكمة الجائر، وتتأسف لأن أيا من الجهات الحقوقية أو مناهضي الاستيطان أو حتى السلطة الفلسطينية لم يوقف إلى جانبها ولم تضامن معها ضد القرار.
وكانت قد صادقت محكمة الاحتلال مع بداية هذا الشهر على صفقة عقدتها جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية والبطريك اليوناني ثيوفولوس، والتي تنص على تأجير فندقين قرب باب الخليل وبيت في حي المعظمية قرب باب حطة لمدة 99 سنة، علما أن التسريب تم قبل 14 عاما سرا.
ويطل بيت المعظمية على أسوار البلدة القديمة وتسكنه عائلة عدوين منذ عقود عديدة حيث استأجرته العائلة من الكنيسة وحسب القانون فإنه لا يجوز اخراجهم من المنزل، الذي تربت فيه ثلاثة أجيال ومنعت العائلة من ترميمه أو إصلاحه فبات متهالكا، ولكن جدرانه كانت شاهدا على مؤامرات عديدة للحكومة الإسرائيلية وجمعياتها الاستيطانية في محاولة لمصادرة المنزل كان أولها بناء بؤرة استيطانية قريبة منه عام 1997 وثانيها قيام سلطة الآثار الإسرائيلية بحفريات دائمة في حديقة المنزل منذ عام 2000 وآخرها تزوير أوراق ملكية للجمعية الاستيطانية وكل هذه الإجراءات كانت تتطلب من العائلة الوقوف وحدها في وجه الطوفان الاستيطاني رغم وضعها المادي الذي لا يسمح لها بتعيين محام للتصدي لهذه القضية الكبيرة.
وتمتلك الكنائس المسيحيّة ما يقدر بنحو 24% من مساحة البلدة القديمة في القدس المحتلة، لذلك تعمل جهات إسرائيليّة على شراء هذه الممتلكات، من خلال اتفاقيات مشبوهة مع رؤساء الكنائس في القدس، وعلى رأسها الكنيسة الأرثوذكسية التي تمتلك 18% من مساحة الشطر الغربي من القدس، و17% من الشطر الشرقي من المدينة المحتلة، أي نحو 35% من مجمل الأوقاف المسيحية في المدينة.