أقرت فرنسا، اليوم الأربعاء، بأن الصواريخ التي عثرت عليها قوات موالية لحكومة الوفاق الليبية في قاعدة تابعة للمشير خليفة حفتر، عائدة لقواتها، نافية في الوقت نفسه أن تكون قد زوّدته بها، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس" للأنباء.
وذكرت أن الصواريخ المضادة للدبابات، والتي كانت قد اشترتها من الولايات المتحدة، لم يكن الهدف هو بيعها أو نقلها إلى أي طرف في الصراع الليبي، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء.
وقالت وزارة الجيوش الفرنسية إن صواريخ جافلين الأميركية الصنع، التي عثر عليها في قاعدة غريان على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب غرب طرابلس، "تعود في الواقع للجيش الفرنسي الذي اشتراها من الولايات المتحدة"، مؤكدة معلومات كشفتها صحيفة نيويورك تايمز، أمس الثلاثاء.
لكنها نفت أن تكون قد قامت بتسليمها لقوات حفتر أو خرقت الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، موضحة أنها غير صالحة للاستعمال.
محاولات للتبرير
وكانت الصحيفة الأميركية ذكرت أن قوات موالية لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا عثرت لدى استعادتها في نهاية حزيران/ يونيو، قاعدة لحفتر؛ على أربعة صواريخ مضادة للدبابات.
وقالت الوزارة الفرنسية إن "هذه الأسلحة كانت تهدف إلى توفير الحماية الذاتية لوحدة فرنسية نشرت لغرض استطلاعي في إطار مكافحة الإرهاب"، ولذلك اضطرت الوزارة، تأكيد نشر تلك القوة بينما لا تتطرق باريس عادة إلى العمليات التي تشارك فيها قواتها الخاصة وعناصر استخباراتها.
وأكدت باريس أنه تم تخزين هذه الذخيرة "التالفة وغير الصالحة للاستخدام موقتًا في مستودع بهدف تدميرها" و"لم يتم تسليمها لقوات محلية"، وبذلك نفت باريس تسليمها لـ"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر لكنها لم توضح كيف انتهت في تلك القاعدة، في أيدي تلك القوات، غير أنه من المعروف أن فرنسا تدعم قوات حفتر، وتعتبرها مفيدة في قتال متشددين إسلاميين.
وتُعدّ هذه المرة الأولى منذ عام 2016 التي تقر فيها فرنسا علنا بأنها ما زالت تنشر قوات خاصة في ليبيا. ولم يتضح عدد القوات المنشورة.
وقالت وزارة الجيوش الفرنسية: "(إن هذه الأسلحة كانت) في حوزة قواتنا من أجل سلامتها" و"لم يكن مطروحا بيعها أو تسليمها أو إعارتها أو نقلها لأي كان في ليبيا"، لكنها لم تشرح لماذا لم يتم تدمير هذه الذخيرة بسرعة بدلا من تخزينها في بلد في حالة حرب.
واستولت القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية التي تعترف بها الأمم المتحدة عندما سيطرت على قاعدة غريان على مجموعة من الأسلحة الحديثة التي عرضت على الصحافة ثلاثة صواريخ من طراز جافلين مضادة للدبابات، وسبع قذائف مدفعية "نورينكو جي بي 6" موجهة بالليزر، صينية الصنع.
وفتحت واشنطن تحقيقًا لمعرفة كيف وصلت هذه الصواريخ الأميركية إلى بلد يخضع نظريًا لحظر صارم للأسلحة منذ عام 2011.
وعندما ضبطت هذه الأسلحة ساد الاعتقاد بأنها عائدة للإمارات التي نفت الأمر بشدة.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن وزارة الخارجية الأميركية خلصت مؤخرًا إلى أن صواريخ جافلين "بيعت في الأصل إلى فرنسا"، معتمدة بشكل خاص على "أرقامها التسلسلية".
حيرةٌ وتساؤلات
اشترت باريس نحو 260 صاروخ جافلين من الولايات المتحدة في 2010، وفقا لوكالة الأمن والتعاون الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
لكن التفسيرات التي أعطتها فرنسا عن وجود هذه الأسلحة في الموقع الذي أطلقت منه قوات حفتر هجومها على طرابلس في نيسان/ إبريل تجعل المحللين في حيرة من أمرهم.
وقال جيريمي بيني، من مركز "جاين" للتحليل في باريس: "ماذا كانت تفعل الوحدة الفرنسية في هذا الموقع، إلى جانب ’الجيش الوطني الليبي’ كنا نعتقد أن الفرنسيين يصبّون تركيزهم على الجماعات السنية المتطرفة" في مناطق أخرى.
وتساءلت كلاوديا غاتسيني، من مجموعة الأزمات الدولية: "هل كان العسكريون الفرنسيون يساندون فعليا حفتر في هجومه على طرابلس؟"، مشيرة إلى "نقاط غامضة" في البيان الصادر عن باريس.
وبعدما استعادت قوات حكومة الوفاق الليبية قاعدة غريان في 26 حزيران/يونيو، أقر قائد موال لحفتر بأن مستشارين عسكريين فرنسيين وإماراتيين كانوا موجودين في مقر القيادة إلى جانب قادة "الجيش الوطني الليبي"، وهو ما نفته السفارة الفرنسية.
وأقرت فرنسا بتزويد حفتر معلومات استطلاعية في حربه ضد الجهاديين في شرق وجنوب البلاد، لكنها نفت أي دعم عسكري له في هجومه على طرابلس.
ويحقق خبراء الأمم المتحدة في تورط عسكري محتمل لدولة الإمارات العربية المتحدة في ليبيا بعد إطلاق صواريخ "بلو أرو" الجوية في نيسان/أبريل من طائرات من طراز وينغ لونغ مسيَّرة صينية الصنع يُجهز بها الجيش الإماراتي.
في الوقت نفسه، نشرت حكومة الوفاق الوطني في أيار/مايو، صورا لعشرات العربات التركية المدرعة على الرصيف في ميناء طرابلس.
وخلال ثلاثة أشهر من القتال، قُتل نحو ألف شخص، بينهم عشرات المهاجرين في ليبيا.