تعد نتائج التحقيقات التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية نقلا عن الجيش بشأن العملية الاستخبارية الأمنية الفاشلة في خانيونس نهاية شهر نوفمبر الماضي تأكيدا على حجم الضرر الذي أصاب العمل الاستخباراتي داخل (إسرائيل).
واعترف الاحتلال في تقرير حول نتائج تحقيق لجنة مختصة شكلت للتحقيق في العملية، بفشل القوة في تنفيذ المهمة وأن القوة رغم احترافية عناصرها، لم تكن على القدر الكافي من المهنية التشغيلية.
"نتائج التحقيق التي نشرها الجيش الإسرائيلي حول العملية في قطاع غزة التي قُتل فيها الملازم أول العقيد (م) في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تبين أن الضابط قُتل برصاص أطلقته وحدته الخاصة وليس عناصر حماس".
وبحسب الإعلام العبري فإن "التحقيق أشار إلى العيوب التي أدت إلى كشف القوة الخاصة"، مشيدا بالدور الذي قامت به القوات الجوية والطبية التي شاركت في "عملية إنقاذ" القوة عقب اكتشافها.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن قائد وحدة النخبة "سييرت متكال"، الملقب بالرمز "ح" قرر إنهاء خدمته العسكرية والتفرغ للحياة المدنية، وهو القائد الأول للوحدة على مدار 23 عاما الذي لم ينهي فترته المقررة في قيادة الوحدة.
وأظهر التحقيق وجود "العديد من الأخطاء التكتيكية، في النقاش الذي جرى بين القوة ونشطاء حماس المسلحين، الذي طلبوا من القوة الإسرائيلية مرافقتهم للاستجواب، حيث فتح في هذه المرحلة قائد القوة النار، وهو المقدم (أ)، وقتل زمليه (م) من مسافة قريبة في المعركة التي تطورت".
وأكد التحقيق فشل العملية الإسرائيلية بشكل كامل، وقال: "المهمة لم تكتمل على الإطلاق"، منوها أن "تدريب القوة الخاصة على تنقيذ العملية استمر لعدة أشهر، ولكن كانت هناك ثغرات وحوادث".
وفي تعليق له على نتائج التحقيق، اعترف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، أن "تحليل الأحداث في العملية، يكشف عددا من الأخطاء والحوادث التي أدت إلى كشف القوة، مما يشير إلى وجود ثغرات في طريقة التنفيذ وعملية الاستعداد".
وأطاحت العملية بجنرالات في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أولهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي قدم استقالته، وكذلك استقالة قائد وحدة هيئة الأركان الخاصة "سييرت متكال" في سابقة هي الأولى في تاريخ الوحدة السرية منذ 23 عاما، كما نقل قائد اللواء غولاني "غسان عليان" للإدارة المدنية (الإسرائيلية) في الضفة.
الاستقالات السابقة أضيف إليها استقالة قائد العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي يؤكد أن تبعات عملية "حدّ السيف" لا تزال تخيم على هيئة الأركان.
ووفق مراقبين فإن من تداعيات هذا الفشل أيضاً أنه يرفع تكلفة أية عملية عسكرية أو أمنية جديدة في غزة، إلى درجة أن اتخاذ أي قرار بذلك يحتاج قائدا (إسرائيليا) يضع تاريخه العسكري رهانا أو ثمنا للفشل.
واعتبر المراقبون أن غزة أصبحت ميدانا خاصا واختبارا صعبا وممرا غير آمن لمن يبحث عن الإعفاء من الخدمة العسكرية.
وتمكنت مجموعة من عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة "حماس"، من اكتشاف القوات الخاصة الإسرائيلية التي تسللت إلى مدنية خان يونس جنوب قطاع غزة مساء الأحد 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، حيث تمكن عناصر "كتائب القسام" برفقة القيادي نور الدين بركة، من تثبيت القوة الإسرائيلية والتحقيق معها لنحو 40 دقيقة، قبل أن يقوم أحد عناصرها بمباغتة بركة وإطلاق النار عليه عندما قرر الشهيد بركة إلى مقر خاص بالمقاومة.
وأدى اكتشاف "كتائب القسام" التي أطلقت على العملية "حد السيف"، للقوات الخاصة (الإسرائيلية) والتي كانت في مهمة سرية بخان يونس جنوب قطاع غزة، إلى الاشتباك معها وقتل ضابط إسرائيلي وجرح آخر، واستشهاد سبعة من عناصر المقاومة، وأعقب ذلك جولة تصعيد عسكري استمرت 48 ساعة.
الرائد (حقوقي) أيمن إسماعيل الباحث في الشأن الأمني والعسكري قال إن الكارثة العسكرية التي كادت أن تحل بقوات العدو، في حال فشل الانسحاب والإنقاذ باهظة جدا لو حدثت.
ولفت إلى أن العدو متأكد أن غزة لم تكن كباقي الأقاليم المجاورة والمسألة لا تحل بـ(بوسة راس) بعد صفعة، ومخلب غزة لازال قادرا على الخدش فعلا وقرارا.
في المقابل يرى إسماعيل أن قوات العدو فشلت في تنفيذ المهمة ولكنها نجحت بجدارة في عمليات الانسحاب والإنقاذ معتمدة على سلاح الجو بالدرجة الأولى الذي أمن خط الانسحاب وحيد عناصر المقاومة من المطاردة، ولربما اعتمد العدو على عامل الوقت فأنهى الانسحاب والإنقاذ قبل امتصاص المقاومة للصدمة وإعادة التنظيم والقيام بالهجوم المرتد (التعرضي) والمطاردة الفعالة، ولربما لو توفر مزيد من الوقت لاستخدمت المقاومة انفاقها لتحييد فاعلية سيطرة العدو على الجو.
من جهته يرجح الباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور عدنان أبو عامر أننا أمام استقالات لاحقة بجهاز الاستخبارات بسبب الإخفاقات التي دكت المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي تخترق الوطن العربي شمالا وجنوبا، لكنها تعثرت بغزة التي مرغت أنفها في ترابها!