قال خبير عسكري إسرائيلي إن "عملية خانيونس الفاشلة، والتحقيقات الأمنية التي كشفت عن جانب منها لم تكن عملية عادية أو تقليدية، لأنه في مثل هذه العمليات التي تنفذها الوحدات الخاصة، جرت العادة لدى الجيش الإسرائيلي أن يصمت، ولا يكشف عن تحقيقاته شيئا، لأن في الكشف عن بعض التفاصيل مخاطرة بعمليات مستقبلية، وبأرواح أفرادها، وكشف لطريقة العمل، وفوق كل ذلك مخاطرة بأمن الدولة".
وأضاف يوآف ليمور في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته "عربي21" أن "المنظومة الأمنية الإسرائيلية شهدت نقاشات ساخنة وجدالات حامية حول كشف تفاصيل ومجريات العملية، وفي حال تم الكشف فإلى أي مدى، لكن قائد هيئة الأركان أفيف كوخافي ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" تامير هايمان والناطق العسكري باسم الجيش رونين مانليس قرروا أن ثقة الجمهور بمؤسسة الأمن تساوي هذه المخاطرة".
وأكد ليمور، وثيق الصلة بكبار جنرالات الجيش الإسرائيلي، أنه "لا سبيل آخر لترميم الصورة التي تضررت كثيرا لوحدة العمليات الخاصة ورجالها دون أن يكون للإسرائيليين معرفة بالذي حصل، وهل تم فحصه، وأين حصل الشرخ، ومعرفة كل الثغرات والسقطات التي وقعت فيها القوة الخاصة، لأننا أمام عملية معقدة يقع جهاز الاستخبارات في صلبها، فقد تم إقالة ضباط كبار، وما زالت الهزة الأرضية متفاعلة داخل المنظومة".
وأشار أن "العديد من المسؤولين داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لديهم تحفظات كثيرة على عمل هذه القوة التي أدت في النهاية لما حصل في خانيونس، ولذلك كان لابد من الإطاحة ببعض الرؤوس في المنظومة الأمنية، باعتبارها عملية اضطرارية كي يرى الجميع كيف تتم المحاسبة، فكل من كان متورطا في العملية، وعرف أين تكمن مسؤوليته، والضرر الذي تسبب به كان يجب أن يخضع للمساءلة، وهو ما تم بالفعل".
وأوضح أن "القوة الإسرائيلية الخاصة استطاعت العمل بصورة مهنية عند عملية الإخلاء على مشارف خانيونس الشرقية، مما يتطلب المحافظة على كامل اللياقة البدنية والتأهيل اللازم للتعامل مع مثل هذه الظروف المفاجئة، كي يتم تنفيذ العملية بمستوى عال من الإتقان في المستقبل".
وأضاف أن "هذا الأداء الميداني الناجح لا يعفينا من طرح الأسئلة الصعبة عن اللحظات السيئة في عمل الوحدة: ما الأسباب التي أدت لحدوث مثل هذا التورط، أين تكمن الإشكاليات الميدانية التي حصلت، وتتطلب من المنظومة إصلاحا من جديد، أين نقطة الضعف التي أحاطت في التفاصيل، وكذلك القضايا العملياتية، لأنها قضايا مهمة جدا لحفظ أمن إسرائيل".
وأكد أن "كل هذه المسائل ستكون شاخصة أمام المنظومة الأمنية الإسرائيلية: الاستخبارات والجيش، لأنها فرصة لإعادة إنتاج المنظومة لنفسها مجددا، فهذ الوحدات الخاصة التي تنفذ مثل تلك المهام تحقق لإسرائيل التفوق الاستراتيجي المطلوب في كل المجالات والقطاعات، وتمكن إسرائيل من الوصول للمعركة القادمة وهي مستعدة وقوية أكثر من أعدائها، وتحقيق نتائج جوهرية أكثر".
واستدك بالقول أن "عملية خانيونس أسفرت عن أضرار كبيرة، بعضها جوهرية وحيوية، سيستغرق إصلاحها سنوات طويلة، هذا جزء من المخاطرة العملياتية لهذه الوحدات، لا حروب نظيفة ولا عمليات آمنة، ويكمن الدرس في عدم الاستهتار الخطير، ولو كان بمناطق آمنة، وضرورة العمل الدائم والاستعداد المكثف لمواجهة أي عمليات مفاجئة وسيناريوهات متطرفة، ولو لم يكن أمامنا في التخطيط النظري أي أخطار متوقعة".
وختم بالقول أن "لدينا تقدير موقف حقيقي أنه في حال لم تنجح القوة في إنقاذ أفرادها، ووقعت في أسر حماس، فقد كان الجيش ذاهب باتجاه إعادة احتلال قطاع غزة، والمعنى أن مثل هذه العملية الأمنية السرية كانت ستدفع إسرائيل نحو حرب أكثر من أي عملية عسكرية علنية، وهذا هو الدرس الأهم لصناع القرار: الحكمة تقتضي عدم الانزلاق إلى حرب في غزة، وإنما تغيير الوضع القائم هناك، بدون خوض هذه الحرب".