بعدما أوصدت الأبواب في وجه صابرين الجبري – 34 عاما – الحاصلة على شهادة العلوم الطبية، سعت ليكون لها مصدر رزق يعيلها وأسرتها المكونة من ستة أطفال، فبحثت حتى اهتدت أن تفتتح مشروعها من "تحويشة العمر" ليكون محل تأجير بدل العرائس.
ما لفت الجميع لمشروع صابرين أنه يقع في منطقة تكاد تخلو من السكان على أطراف مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة، وبعيدة عن المحلات التجارية.
البعض اعتبر خطوة صابرين مجازفة حيث يتطلب الوصول المشي حوالي 30 مترا على أرض ترابية ليصل إلى محل "فراشة" المكون من الصفيح، فهي لا تستطيع أن تستأجر محلا في السوق نظرا لظروفها الاقتصادية الصعبة.
محل "فراشة" كان في السابق بيتها المتواضع الذي كانت تعيش فيه على الرمال دون "بلاط"، وهو غرفة صغيرة من "الزينجو" تطل على الشارع، لكن منذ عامين تحاول تطوير فكرة مشروعها.
بدأت التجهيز لمحلها الجديد بما هو متوفر لديها من مال، وكثيرا ما كانت تطرق أبواب جمعيات لتحصل على الخشب والحديد والطلاء وكذلك الفساتين بالتقسيط حتى وصلت لمشروعها الحالي.
تعاني المنطقة حيث يوجد مشروع "فراشة" من ضيق الحال، وبمجرد أن تفتح "صابرين" باب محلها وتظهر فساتين الخطوبة والزفاف ذات الألوان الزاهية تسود البهجة على المنطقة الشعبية البسيطة.
تحكي "صابرين" عن مشروعها بأنها استوحته من الأزمة المالية الصعبة التي تعيشها غالبية الاسر الغزية، مشيرة إلى أن أسعارها البسيطة والملابس الجميلة كانت سببا في إقبال الكثير من سيدات الحي.
وبحسب صاحبة المحل الذي يحوي العشرات من الفساتين فإن أسعارها تناسب الجميع لاسيما الفقراء، حيث يتراوح ثمن استئجار الفستان الملون بين 20 لـ 50 دولارا، بينما بدل الزفاف تبدأ من 50 وحتى 150 دولارا.
وتؤكد "صابرين" أن مشروعها يعود عليها بدخل مادي جيد، حيث يساعدها أبناؤها في المشروع بتنظيف وترتيب الفساتين إلى جانب تجهيزها وغسلها.
وفي ختام حديثها تقول:" لم أحقق النجاح بسهولة، فقد تغلبت على الظروف المحبطة التي وضعت فيها ليكون لي مشروعي الذي يعيلني وأسرتي".
عدة أسباب أوجدت مهنا جديدة في قطاع غزة منها الوضع الاجتماعي، والأزمة الاقتصادية الخانقة، نتيجة الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، فتلك العوامل تؤثر بشكل مباشر وعميق على حياة النساء.
وتضطر العديد من النساء إلى العمل في مهن غير مجال تخصصهن كون إمكانية الحصول على عمل خارج غزة مهمة صعبة.
ووفق مركز الإحصاء الفلسطيني لعام 2018؛ ما تزال النساء الفلسطينيات تنحصر في المهن التقليدية، فأكثر من نصفهن يعملن فنّيات ومتخصصات ومساعدات وكاتبات وحوالي % يعملن في الخدمات والباعة في الأسواق، بينما الزراعة حازت على 4,16% منهن.
وبموجب معطيات الإحصاء 2018، بلغت نسبة نساء غزة المشاركات في سوق العمل (فوق 15 عامًا) 29.4%، ونسبة البطالة في أوساطهن وصلت إلى 74.6%، وفي أوساط الشابات في شريحة الأجيال 15-29 عامًا بلغت نسبة البطالة 88.1%.
وحصل ارتفاع في نسبة النساء اللواتي يعتبرن المعيلات الرئيسيات لعائلاتهن، من نسبة 7% خلال عام 2007 إلى 9.4% اليوم، ويعود سبب الارتفاع إلى العدوان المتكرر والحروب المستمرة على قطاع غزة، التي أدت إلى استشهاد الآلاف من الناس حتى وصلت نسبة النساء الأرامل 4.5% (ما قبل مسيرات العودة).