بلغت أزمة نقص الأدوية والمعدات الطبية في قطاع غزة ذروتها، وأعلنت وزارة الصحة هناك أنها تواجه أزمة غير مسبوقة في نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، على مدار 13 عاما من الحصار الإسرائيلي.
وحسب بيانات الوزارة فإن نسبة عجز الأدوية في المستشفيات "وصلت 52%، فمريض واحد من كل مريضين يتوفر له العلاج، وكثير من المرضى حرموا العلاج، وآخرون يُطلب منهم إحضار العلاج من الخارج لعجز المستشفيات عن تأمينه".
لكن كثيرا من المرضى داخل المستشفيات لا يستطيعون تأمين ثمن شراء الأدوية من الصيدليات خصوصا المسكنات والمضادات الحيوية، في ظل الأزمة التي يعيشها سكان قطاع غزة وأزمة رواتب موظفي السلطة وحكومة غزة السابقة.
ويعتبر مدير عام الصيدلية في مخازن وزارة الصحة يوسف البرش الأزمة "غير مسبوقة نتيجة للتراكمات والعجز السابق في وزارة الصحة، حيث وصلت نسبة العجز في السنوات السابقة إلى 30%، لكنها وصلت اليوم إلى 52%، وتكفي الأدوية الأساسية الموجودة في مخازن وزارة الصحة ستة أشهر وأخرى ثلاثة فقط".
ويوضح أن العجز يلقي بتبعات كارثية على عدة فئات "مثل أطفال مرض الثلاسيميا وعددهم 250 طفل مريض لا تتوفر علاجاتهم، كما أن 330 طفلا بحاجة لحليب الأطفال العلاجي لكنه غير متوفر، وثلاثمئة من مرضى زراعة الكلى كانوا يحصلون على علاجهم اللازم لكنه غير متوفر، إلى جانب مئتي طفل مرضى كلى بحاجة إلى غسيل كلوي بشكل دوري ويعانون من عدم توفر نواقل الدم، وحالهم مثل حال مرضى الضغط والسكري والأمراض النفسية".أطفال مرضى مهددون بالموت نظرا لعدم توفر الأدوية اللازمة (الجزيرة)
وفيات محتملة
ويقول البرش "قد تحدث وفيات بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب العجز الدوائي، مثل مرضى السرطان الذين لا يتوفر لهم أي علاج وأصحاب المناعات الضعيفة الذين بحاجة لدواء "أي في أي جي" الخاص بالمناعة، وهو غير متوفر منذ ثلاثة أشهر".
ويتابع "هذه الحالات المرضية الصعبة يتم تحويلها إلى الداخل الفلسطيني للحصول على الأدوية، لكن نسبة من هذه الفئة تمنع من الدخول لتلقي العلاج".
وحول موقف السلطة الفلسطينية من الأزمة، قال البرش "تشترط السلطة في رام الله على المانحين التواصل معها بخصوص إدخال الأدوية لقطاع غزة، فشحنة الأدوية التي أدخلتها لغزة عبر منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي وقالت إنها بقيمة أربعة ملايين دولار، وصلت منها أدوية بقيمة مليون دولار فقط".
مصابون من مسيرات العودة لا يجدون علاجا ولا أجهزة للتشخيص الدقيق (الجزيرة)
أدوية بديلة
وفي مجمع الشفاء الطبي أكبر مستشفى في قطاع غزة يقول مدير قسم الطوارئ حاتم الحسيني "يوجد نقص في الأدوية المضادة للتشنج استبدلنا أدوية أقل مفعولا بالأساسية".
ويضيف الحسيني "في بعض المرات نلجأ للتخدير لتخفيف التشنج، وكثير من الأدوية البديلة ليست فعالة مثل الأساسية، وهناك كثير من المصابين بالكسور من مسيرات العودة لا يوجد ما يخفف آلامهم، ولا يوجد في قسم الطوارئ جهاز ألتراساوند (جهاز الموجات فوق الصوتية) للكشف عن الإصابات بشكل دقيق".
أما أحمد جندية (29 عاما) فهو مصاب منذ أربعة أشهر، إثر اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه لدى مشاركته في مسيرات العودة، فلا يستطيع تأمين ثمن علاجه لأنه عاطل عن العمل، ولا يجد مضادا حيويا أو حتى مسكنا في مستشفى الأمل.
حال جندية مثل حال أنور السقا (24 عاما) الذي لم يحصل على علاج منذ أيام، وهو بحاجة لمسكن لآلام في يده اليمنى المصابة نتيجة سقوط علوي، ويقول السقا "المريض داخل المستشفى أصبح مجبرا على إحضار العلاج من الخارج، وهناك أدوية لغرف العمليات لا يمكن أن تمنح لنا نتيجة الأزمة".