قال كاتب إسرائيلي إن "التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل استطاع أن يصمد رغم كل الأزمات السياسية التي عصفت بالجانبين، وبذلك فهو يعتبر من العوامل التي تجعل علاقاتهما الأكثر تعقيدا باقية حتى الآن".
وأضاف شلومي ألدار في مقاله بموقع المونيتور، أنه "في الوقت الذي يعلن فيه أبو مازن عن قطع العلاقات مع إسرائيل، فإن المعطيات الميدانية على الأرض تشير بالذات أن التنسيق الأمني ما زال قائما، وقد شهد الأسبوع الماضي حدثين ومؤشرين جديدين على استمراره، رغم ارتفاع أصوات المسئولين الفلسطينيين ضد إسرائيل".
وشرح ألدار، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، قائلا إن "الحدث الأول المؤشر على استمرار التنسيق الأمني هو قصة الفتاة الفلسطينية آلاء بشير، معلمة القرآن ابنة 23 عاما من قرية جينسافوط قرب قلقيلية التي تم اعتقالها ي على يد قوات الأمن الإسرائيلية بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية انتحارية في إسرائيل، مع أنها اعتقلت قبل شهرين على يد أجهزة الأمن الفلسطينية بناء على معلومات أمنية أرسلتها إسرائيل للسلطة".
وأوضح ألدار، الذي ألف كتابي "غزة كالموت" و"اعرف حماس"، أنه "في أعقاب اعتقالها لدى الأمن الفلسطيني بدأت حملة إعلامية دعائية عبر شبكات التواصل الاجتماعي تتهم السلطة باعتقال النساء بأوامر إسرائيلية، وتنفذ سياستها الخاصة بالاعتقالات والاغتيالات، مما أحرج السلطة التي اضطرت للإفراج عن آلاء، وفي كل مرة حاولت اعتقالها مجددا انتشرت المزيد من الحملات الدعائية المضادة لها".
وأشار ألدار، الذي يغطي الأوضاع الفلسطينية منذ عشرين عاما، إلى أنه "في يوم الثلاثاء الماضي قرر الجيش الاسرائيلي القيام بذلك بصورة انفرادية، حيث دخل قرية آلاء، واعتقلها، ورغم ان السلطة أرادت التحرر من أي اتهامات موجهة لها باعتقالها، لكن حماس اتهمتها بأنها مشاركة في هذه الجريمة من خلال التنسيق الأمني مع إسرائيل".
وأضاف ألدار أن "المؤشر الثاني بعيد نسبيا لكنه يحمل دلالة ما، ففي أكتوبر 2014 سحبت إسرائيل من عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية بطاقة "في آي بي" بعد أن ساوى بين بنيامين نتنياهو وزعيم داعش، وهذه البطاقة تمنح صاحبها حرية الحركة في الضفة ودخول إسرائيل، ورغم أنه لم يعلن عن إعادة البطاقة له رسميا، لكن الضميري التقطت له صورة يوم 23 تموز/ يوليو في ضيافة "تانغو كافيه" بمدينة يافا، وقد وضع أصحاب الكافيه صورته على صفحة الفيسبوك الخاصة به".
وأشار إلى أن "هذه مؤشرات جديدة على أن منظومة العلاقات الحقيقية بين إسرائيل والسلطة ليس ما يتم الكشف عنه أمام العامة، وإنما ما يحصل خلف الكواليس، صحيح أن إسرائيل دأبت على مهاجمة رئيس السلطة محمود عباس، واتهامه بالرافض لمسيرة السلام والزعيم المعادي، ويجب عزله، لكنها في الوقت ذاته تفعل الكثير معها لمنع تدهور الوضع الأمني الذي قد يؤدي لإشعال الانتفاضة".
وأوضح أنه "رغم قرارات المجالس الرسمية الفلسطينية المركزي والوطني واللجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، لكن عباس دأب على الاجتماع مع رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" نداف أرغمان بصورة دورية في مقر المقاطعة برام الله".
مسؤول أمني إسرائيلي قال إن "العلاقات الأمنية مع السلطة لم تكن أفضل من هذه المرحلة، وتركيز الجهد الإسرائيلي ينصب باتجاه استقرار السلطة، ومساعدتها في مواجهة التهديدات الداخلية، خاصة من حماس، لأن السلطة تبذل الجهود الحثيثة لمنع وقوع عمليات مسلحة ضد إسرائيل، سواء هجمات فردية أو منظمة قد تعمل على توريط السلطة مع إسرائيل".
وأضاف أن "عباس يجد نفسه بين المطرقة الفلسطينية والسندان الإسرائيلي، ولذلك تظهر رسائله مزدوجة، فهو يعطي رسائل طمأنة للوفود الإسرائيلية التي يلتقيها، ويعبر لها عن احترامه للأمن الإسرائيلي، وأنه يتفق مه رئيس الشاباك على 99 بالمئة من المسائل، وفي الوقت الذي يلتقي فيه أرغمان بصورة دورية مع عباس بمعرفة نتنياهو وموافقته، فإن تنديد الأخير بعباس، والتهجم عليه، جزء من الديماغوغيا ليس أكثر".
وختم بالقول أنه "اليوم بعد إعلان أبو مازن عن قطع العلاقات مع إسرائيل، ووقف تطبيق الاتفاقيات معها، فقد أثبتت تجارب الماضي أن الأقوال شيء، والأفعال شيء آخر، ومن الواضح أن إسرائيل ستواصل بذل كل ما في وسعها لزعزعة الأرض تحت أقدام عباس الذي يتنازل عن شعبيته بين الفلسطينيين، ويواصل تقديس التنسيق الأمني".