يزيد الاحتلال الإسرائيلي من خناقه حول رقبة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عبر إجراءاته التي تتصاعد يوميا بشكل منهجي.
آخر تلك الفصول جاء عبر قرار مالية الاحتلال مصادرة نصف مليار شيكل من أموال الضرائب الفلسطينية لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية بدعوى تسديد ديون متراكمة على السلطة.
وقالت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية العبرية إن شركة الكهرباء الإسرائيلية ستحصل خلال الأيام القادمة على نصف مليار شيكل من أموال الضرائب التابعة للسلطة الفلسطينية.
وأضافت الصحيفة العبرية أن الأموال تعتبر جزءاً من ديون السلطة الفلسطينية لصالح الشركة وسيجري اقتطاعها من أموال الضرائب.
وبحسب “ذا ماركر” فإن شركة الكهرباء الإسرائيلية تلقت رسالة من وزارة المالية في الاحتلال حول ذلك، وستتحول الأموال لصالح الشركة من أموال الضرائب التي ما زالت ترفض السلطة الفلسطينية استلامها بسبب خصم الاحتلال لرواتب الأسرى منها.
ويأتي هذا القرار في حالة من التصعيد بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية التي قررت في الأيام الأخيرة وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل) وتشكيل لجنة لدراسة كيفية وأليات تنفيذه.
ورغم أن القرار ما زال يأخذ البعد الإعلامي أكثر من العملي والتطبيقي إلا انه يعكس حدة الاحتقان والغضب لدى السلطة من سياسة الاحتلال.
المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أكد أن قرار الاحتلال اتخذ منذ ثلاثة أسابيع ويسبق قرار السلطة بوقف الاتفاقات مع الاحتلال، حيث قالت سلطة الطاقة ومالية الاحتلال أنها ستخصم مخصصات خاصة بقطاع غزة من أموال المقاصة.
ولفت إلى أن (إسرائيل) تتصرف كحاكم فعلي للضفة الغربية وما يتعلق بقطاع غزة خاصة التفاهمات، ويبدو أن هناك قرارا إسرائيليا بالتعامل مع الوضع القائم حاليا في الضفة وغزة بأن (إسرائيل) هي الحاكم الفعلي والسلطة عبارة عن أداة تستخدمها وقتما تشاء خاصة عقب هدم المباني في القدس رغم أنها موجودة في منطقة خاضعة إداريا وأمنياً للسلطة.
وشدد بشارات على أن (إسرائيل) انتقلت من مرحلة التنسيق إلى مرحلة التعايش مع الوضع القائم، وهناك معلومات لدى أبو مازن حول ما تخطط له (إسرائيل) من تطبيق خطة ترامب التي تنفذ على الأرض دون مفاوضات أو نقاش.
ويعتقد بشارات أن ضم الضفة ضمن الخطة، بالإضافة إلى إعادة صياغة المشهد الفلسطيني بشكل عام فيما يتعلق بالضفة ومشكلة اللاجئين وما يمكن حله من مشكلة من يحكم غزة ضمن ترتيبات وإبقاء حماس ضعيفة (كما يخططون) بحيث لا تستطيع أن تواجه أي مخططات قادمة.
قرار الاحتلال يأتي في الوقت الذي تبحث فيه (إسرائيل) مقترحات لتخفيف الأزمة المالية للسلطة وهنا يقول بشارات " تجري الأحداث ضمن الملف الإسرائيلي الداخلي وما قام به نتنياهو من خصم للأموال يأتي لرفع أسهمه الداخلية في الانتخابات.
وفي الوقت ذاته هناك خبراء الأمن الذين يرفعون توصيات بأن القرار يمكن أن يزعزع الاستقرار والهدوء ويؤدي إلى فقدان السيطرة على الوضع القائم في الضفة".
وتابع " الاحتلال يعتبر ما يجري ملفا إسرائيليا وكل ما يتعلق بالجانب الفلسطيني سيبقى مرهونا لما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة القادمة، واليمين الذي يؤيد نتنياهو يريد منه الثمن بمزيد من الاستيطان والضغط على الجانب الفلسطيني".
وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت العام الماضي عن اتفاق جديد يقضي بتقسيط السلطة الفلسطينية ديونها لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، الذي وصل إلى حوالي ٢،٨ مليار شيكل، ولكن السلطة الفلسطينية امتنعت مجدداً عن دفع الدين بسبب أزمة أموال الضرائب.
ومنذ شهر فبراير الماضي ترفض السلطة الفلسطينية الحصول على أموال المقاصة التي تحصلها حكومة الاحتلال الإسرائيلي من عائدات الضرائب، نظراً لخصم الرواتب التي تدفعها السلطة لصالح عوائل الشهداء والجرحى إلى جانب الأسرى في سجون الاحتلال.
وتمر السلطة بضائقة مالية كبرى نتيجة قرارها المتواصل للشهر الخامس على التوالي إذ لجأت للاستدانة من البنوك المحلية من أجل سداد رواتب آلاف الموظفين في ظل العجز المالي الشديد.