تعيش مدن الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 عملية تطهير عرقي، تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر سياسة الهدم والتهجير المستمرة منذ بدء الاحتلال وحتى اليوم بهدف تفريغ المدن العربية من سكانها وتهجيرهم من أماكن سكناهم لصالح السكان اليهود.
إجراءات الاحتلال تأتي متناغمة مع قانون يهودية الدولة الذي تمت المصادقة عليه ويقضى بأن دولة الاحتلال لليهود فقط وعليه تعمل بخطوات متسارعة لتهجير السكان العرب.
في مدينة عرعرة التي تصنف ضمن المدن المختلطة التي يسكنها يهود وعرب داخل الكيان نظم الأهالي مظاهرة احتجاجاً على سياسة الهدم ومواجهتها، قبل أيام.
وقد شدد المحتجون على استمرار عمل اللجنة الشعبية في جمع التبرعات لأصحاب البيوت المتضررة، وشارك في الاحتجاجات اللجنة الشعبية المحلية بالإضافة إلى أعضاء المجلس وعدد من المواطنين لبحث الإجراءات القانونية والنضالية التي يتوجب اتخاذها في مواجهة سياسة الهدم التي تنتهجها سلطات الاحتلال.
الأزمة التي تعاني منها مدينة عرعرة تنسحب على كل المدن العربية في الداخل فقد جرى هدم أجزاء كبيرة من الأحياء العربية التاريخية فيها، ومصادرة ممتلكات وأراضي سكانها الأصليين خاصة أولئك الذين هُجِّروا منها خلال النكبة.
الأمين العام للتجمع الديمقراطي عوض عبد الفتاح قال إن هدم المنازل العربية في الداخل أصبح أشبه بفولكلور، وسلوك الاحتلال المتمثل في التدمير والهدم بات روتينا حيث ينفذ الاحتلال الجرائم بأريحية.
وقال "عمليات هدم المنازل الفلسطينية في الداخل بات واضحاً أنها ليست مسألة إدارية أو مخالفة قانون ترخيص البناء، بل استمرارية لمشروع تهويدي استعماري مركب مخطط له سلفًا على حساب وجودنا".
وتابع "الفلسطيني في الداخل يعاني من عدة أزمات أبرزها سياسة هدم المنازل بحيث يرتكب الاحتلال مجزرة متواصلة بحق العرب عبر سياسة الإفقار والعنف والهدم، وستستمر طالما لا توجد قيادة حقيقية في الداخل على مستوى التهديدات والمخاطر".
ويؤكد أن السياسات الإسرائيلية تجاه الأحياء العربية تسير بتوجهين وفق المنطق الاستيطاني الإحلالي، الأول أن مؤسسات الدولة تهمل الأحياء العربية بشكل متعمد وممنهج، وتواصل سياسات حصر الفلسطينيين في (غيتوهات)، وهو ما أفقر سكانها الذين يعانون حتى اليوم من ضائقة سكنية واجتماعية واقتصادية.
أما الثاني فقد بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي، ويستند إلى منطق الليبرالية الجديدة الذي يدفع باتجاه خصخصة ملكية العقارات في هذه الأحياء، فقد عمدت بلديات مثل في يافا وحيفا وعكا، إلى تبني مشاريع ترميم وتطوير في بعض من الأحياء العربية، بهدف عرضها للبيع في السوق الحرّة، الأمر الذي زاد من ثمن العقارات فيها، ودَفَع السكان الأصليين الفقراء لترك الأحياء لمصلحة مواطنين يهود أغنياء.
وفي خدمة قانون اليهودية صادقت لجنة الداخلية في الكنيست، في العام 2017 على قانون 'كمينيتس'، الذي يقضي بتسريع إجراءات هدم البيوت في البلدات العربية، عبر الانتقال من الإجراءات القضائية للإجراءات الإدارية.
ويهدف القانون العنصري إلى تسريع إجراءات هدم البيوت في القرى والمدن العربية التي بنيت خارج مسطح، وتجاهلت اللجنة بشكل تام سياسة التضييق التي مارستها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حتى اليوم، والتي من خلالها منعت توسيع المسطحات وتوفير أحياء سكنية للمواطنين العرب.
ويتيح القانون بالإضافة للهدم، فرض غرامات مالية باهظة ومصادرة مواد ومعدات البناء من أي ورشة بناء (مخالفة للقانون)، وكذلك يتيح استعمال أوامر إدارية وفورية لمنع العمل في البيوت أو المنشآت المختلفة وهدمها.
ويتيح العمل بالقانون التعامل السريع والمباشر مع هذه البنايات، دون الاضطرار للجوء للمحاكم والتأخير والمماطلة كما يحدث اليوم، من أجل هدم وإزالة مبان 'غير قانونية' في مرحلة الأساسات.
وقد ساهم القانون بالفعل في زيادة حجم ووتيرة الهدم في مدن الداخل بشكل كبير ما بات يرى فيه السكان تهديدا حقيقيا لوجودهم، حيث تجري عمليات هدم شبه يومية في المدن والبلدات بهدف تهجير السكان العرب.