مع صباح الخميس أعلنت مصادر إعلامية عن استشهاد شاب في العشرين من عمره، بعد اجتيازه السياج الحدودي وإطلاقه النار على جنود الاحتلال شرق خزاعة، مصيبا ضابطا وجنديين من جنود الاحتلال.
الشاب هاني أبو صلاح نفذ عملية الاشتباك المسلح داخل السياج الفاصل شرقي مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وقف هناك بين التلال الرملية، جسدا واحدا مقابل كتيبة من الجنود.
تروي والدته تفاصيل الليلة الأخيرة لخروج ابنها من منزله حيث أعد العشاء لها ولأولاد إخوته ولشقيقاته ثم ارتدى ملابسه وأخبرها بأنه مرابط هذه الليلة وأخذ مصحفه الذي يرافقه في ليالي الرباط، وحينما خرج ذهبت إلى فراشها ولكنها استيقظت بعدها بساعات قليلة على صوت أول طلقة، ثم بدأ الرصاص يزداد كثافة أكثر وأكثر.
وتضيف والدته: بدأت أتنقل بين النوافذ وقلبي يرتجف، حتى جاءنا أحد أبناء الجيران مستدعيا ابني حمزة، ثم اجتمع الجيران أمام المنزل، ففهمت أن ابني قد استشهد. وحدتان مقابل جسد واحد، فأي جسد هذا الذي يمتلكه الشاب، وأي ثبات في معركته غير المتكافئة التي كان عليها لساعات حتى أرعب جيشا بأكمله يدعي أنه لا يقهر.
وفوق كل ذلك تضاربت تصريحات المحتل فخرج الصحفي الإسرائيلي "ألون بن دافيد"، مؤكدا أن قوة جولاني الأولى التي اقتربت من أبو صلاح على الحدود فشلت في السيطرة عليه فاستدعت قوة أخرى ومزيدا من العتاد للمساعدة! وشدد "تساحي دبوش"، أنّ المتحدث باسم الجيش سارع لشرح أن الحدث قد يكون فرديا، بمعنى آخر، من غير المتوقع أن يكون هناك رد إسرائيلي على هذا الهجوم.
كل التصريحات تدل على أن هاني لم يكن عقلا عاديا، وبأن ما فعله لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فهذه الجسارة تبدو مدروسة بإحكام وإن كانت عملية فردية كما يدعي الاحتلال الذي صرح بأن الوحدة المتواجدة على الحدود لم تستطع وحدها مقاومة رصاصات أبو صلاح فاضطرت لاستدعاء وحدة أخرى.
وقد سبق هاني شقيقه الجريح فادي أبو صلاح الذي استشهد العام الماضي على حدود قطاع غزة، والذي كان يتألم لذكراه واعدا أمه بأنه سينتقم لروح شقيقه كما قالت. وتكمل أم هاني تفاصيل حزنها: لم أذق النوم منذ استشهاد ابني الجريح فادي، وقبلها حينما بترت قدماه، ومعاناتي معه بسبب إصابته، وها أنا أقدم هاني شهيدا، فكيف ستذوق عيناي النوم بعد ذلك. ثم تختم في نهاية حديثها متسائلة: كيف يكون قلب الأم المحروق؟! لكني سأحمد الله رغم كل شيء.
وكان أبو صلاح قد كتب قبل تنفيذ العملية بساعات على صفحته على موقع الفيس بوك ما يلي: إلى عزف الرصاص يحن قلبي... ويطرب حين يدعى للتلاقي فإما النصر يعصف بالأعادي... ويسقيهم أسى مرّ المذاق وقبل هذا المنشور بدقائق كتب أيضا: "حقيقَة الدُّنيَا على حالِها، يَجعلُ الله من كلِّ ذرَّة حزنٍ في نفسِ العبدِ نورًا يُضيءُ بهِ بَصيرتهُ حتَّى يدركَ هوانَ الدُّنيا رغمِ جمالِها وحقيقَة الأشيَاء ". "لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ".
لم تر الأم جثمان ابنها، ولم تزفه كغيره من شهداء قطاع غزة لأن الاحتلال احتجز جثته.