قدم بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية مقترحا بشأن أعمال بناء استيطانية في المنطقة C في الضفة الغربية المحتلة، وعلى مدار عدة أيام بحثه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت).
ووفق ما جاء في صحيفة "هآرتس"، عن مصادر مطلعة فإن مقترح نتنياهو يقضي ببناء 6000 وحدة سكنية في المستوطنات و700 وحدة سكنية للفلسطينيين، لكن ليس واضحا ما إذا كان المقترح يقضي ببناء وحدات سكنية فلسطينية جديدة أو إصدار تصاريح بناء لوحدات سكنية تم بناؤها بدون تصاريح بناء وصدرت قرارات بهدمها.
يأتي هذا في ظل موقف رافض من رؤساء المستوطنات، لفكرة "الربط بين البناء الاستيطاني والبناء للفلسطينيين"، إذ طالبوا حكومة الاحتلال بالتعامل "بقبضة من حديد مع البناء الفلسطيني غير المرخص" في هذه المناطق، كما دعوا إلى أن يكون البناء الاستيطاني في الضفة وغور الأردن "بدون قيد أو شرط".
يقول عدنان أبو عامر المختص في الشأن الإسرائيلي أن مقترح نتنياهو الذي يتداوله الكابينت هو استمرار لسياسة فرض الأمر الواقع قبيل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، مشيرا إلى أن نتنياهو يعتقد شخصيا أنه بات أسيرا بين يدي المستوطنين وأسهمه الانتخابية لم تعد كما كانت في دورة أبريل الماضي.
ويوضح أبو عامر خلال حديثه "للرسالة" أن نتنياهو يريد بمقترحه أن يجمع حوله كل تيار اليمين الإسرائيلي والمستوطنين ليكون بعيدا عن المحاولات داخل معسكر اليمين لإبراز مرشحين آخرين.
ووفق قول المحلل فإن الخطورة تكمن في الشق الخارجي للمقترح كونه يتعلق بتوجهات صفقة القرن وأجزاء من الضفة الغربية خاصة "c " وضمها للمستوطنات الإسرائيلية.
وبحسب أبو عامر فإن خطورة المقترح تكمن في يأتي ضمن مقترح حكومي رسمي يصادق عليه، وبالتالي "نحن أمام مرحلة انتقالية ومحاولة تحصيل استحقاقات وإنجازات ميدانية على الأرض، حيث تحاول (إسرائيل) استباق أي خطوات أخرى سواء عربية أو فلسطينية.
وأتى بحث الكابينيت مقترح نتنياهو مع وصول جاريد كوشنير، مستشار وصهر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى (إسرائيل).
ويعتبر كوشنير المسؤول عن تطبيق خطة "صفقة القرن" الأميركية، التي تزعم أنها ترمي لتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وتقول صحيفة هآرتس العبرية إن جهات سياسية إسرائيلية قدرت أن مقترح منح تصاريح بناء للفلسطينيين في المنطقة C نابع من ضغوط أميركية.
وكانت قناة "كان" التلفزيونية الإسرائيلية الرسمية أول من نشر حول مقترح نتنياهو في الكابينيت، ورغم أن البناء للفلسطينيين محدود للغاية بحسب مقترح نتنياهو، إلا أن قادة المستوطنين أصدروا بيانات هاجموا فيها نتنياهو.
واعتبر رئيسا المجلس الاستيطاني الإقليمي "بنيامين" في منطقة رام الله والمجلس الاستيطاني الإقليمي "هشومرون" في منطقة نابلس، يسرائيل غانتس ويوسي داغان، في بيان مشترك، أن "التقرير حول إجراء نقاش في الكابينيت بهدف المصادقة على خطة بناء للعرب في مناطق C مقلق للغاية، وزعما أن السلطة الفلسطينية بمساعدة وتمويل جهات أجنبية تنفذ أعمال بناء مكثفة غير قانونية في هذه المناطق بهدف واحد واضح، وهو إقامة دولة إرهاب في قلب البلاد.
وقال رئيس مجلس المستوطنات في جنوب جبل الخليل، يوحاي ديمري، في بيان، إنه "ذُهل" من النشر في قناة "كان"، وأن "هناك خيبة أمل من أنه في الوقت الذي نخوض فيه صراعا عنيدا ضد الحلقة الفلسطينية الخانقة على مستوطناتنا، ويجدر عقد اجتماع للكابينيت حول ذلك فقط، نواجه لا مبالاة من جانب وزراء الكابينيت والحكومة"، حسب زعمه.
واعتبر رئيس مجلس الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون"، شلومو نئمان، أن "أقاليم "الوطن" المسماة مناطق C منذ كارثة أوسلو هي آخر الأملاك التي أبقاها اليسار الغافل تحت السيطرة الكاملة لشعب (إسرائيل)، وقد اكتشفنا أن التوجه العربي بسلب دونم تلو الآخر مجدية لهم".
يشار إلى أنه لقادة المستوطنين تأثير على قرارات حكومة نتنياهو بما يتعلق بالاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية، لكن مقترح نتنياهو لم يكن مفصلا بشأن الوحدات السكنية الاستيطانية.
وفي حالات عديدة في الماضي، جرت المصادقة على خطط بناء استيطاني واسعة، وتبين لاحقا أن قسما منها يهدف إلى شرعنة بؤر استيطانية عشوائية أو بناء بدون تصاريح في المستوطنات.