الأقصى في خطر
ما عاد شعاراً
مع أنه شكل بؤرة الصراع والمواجهة
في الثلاثين عاماً الماضية مكانة فلسطين وقوة وجدانيتها مستمدة من القدس ومسجدها ، قُتل الفلسطينيون ، هُجروا من أماكن لجوئهم، سالت دماؤهم ، ما قامت الدنيا وقعدت من أجلهم لا من عربي ولا أعجمي
لكن الحدث في فلسطين في بيت المقدس وأكنافها يحرك المخدورين
معركة الوعي دفاعاً عن القدس ومسجدها يجب أن تنطلق من الحقائق الثابتة والمعاني الراسخة .
على مدار العقود الماضية دارت معركة ضارية ومواجهة ساخنة عنوانها "القدس في خطر" قادتها قوة منظمة دافعت عن القدس وهويتها والمسجد ومكانته منعت تقسيمه مكانياً وزمانياً سهلت الوصول للقلوب التي تهفو إليه .
هذه القوة مع أنها في الظاهر كانت مدعومة ومسنودة مقابل قوة متطرفة يمينية دينية معزولة
جماعة أمناء الهيكل ومن لف لفيفها لم تتجرأ أي حكومة صهيونية الإقرار بمواقفها وتطلعاتها والتغطية على سلوكها وإجراءاتها
اليوم أصبحت تمثل قوة معترف بها تساهم في تشكيل الحكومة وتحدد سياساتها، موجودة في الكنيست والحكومة والكابينيت ، بينما القوة الفلسطينية التي سهرت وأخذت على عاتقها الدفاع عن الأقصى شخصت الخطر وعملت وجدت واجتهدت لمنع وقوعه، أصبحت محظورة، بينما تبدى في الماضي ظاهرياً أنها مدعومة لكن صفاء اللحظة ووضوح المشهد جلى الصورة ، فكثير من الدول الوازنة التي اعتُبرت معنا في الماضي كانت علينا سراً، والآن علينا ومع الاحتلال علناً
التطبيع ثم التطبيع وعدم شجبه في ظل ما يجري للقدس والأقصى من بعض الدول العربية والإسلامية التي تداعت في الذكرى الأولى لحريق الأقصى وشكلت منظمة التعاون الإسلامي جزء كبير من دولها من يمالي الاحتلال ولا يدافع عن القدس ويتصدى لتهويدها .
إن الانقلاب الحاصل لصالح شرذمة جماعة أمناء الهيكل التي أصبحت تزيد عن خمسين جماعة تعمل بشكل منظم تملي أجندتها على الحكومة ، في المقابل تفكيك المتطوعين في ال 48 والقدس بداية بالحركة الإسلامية ثم المرابطين الذين حموا الأقصى ومنعوا تقسيمه والتأثير على رسالة ودور حراس الأقصى المرابطين والمرابطات ، هذا الانقلاب لم يترجَم عملياً على الارض في المواجهة الطاحنة والمعركة الخالدة معركة الوعي للدفاع عن القدس ، حيث سجل التاريخ أن الدم الفلسطيني الزاكي سال بغزارة للدفاع عنها في كل المحطات التي تحققت بالتوالي في معركة السكاكين دفاعاً عن القدس في خضم انتفاضة الحجارة في 1987 وهبة النفق في 1996 وانتفاضة الاقصى في 2000
والدرع الحامي الذي شكله المرابطين والمرابطات للأقصى بعد انتفاضة الأقصى، ثم العمليات الفردية في انتفاضة القدس ، وتصديهم بالسكاكين والدهس لمنع تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً ثم معارك باب الرحمة في المرتين الاولى والثانية وباب الأسباط.
كل هذه المعارك التي نجحت ومواقف الجماهير التي استبسلت جاءت في ظل المواقف العربية المتخاذلة وانكشافها وفي ظل حمى التطبيع واتساعها، كل هذه المواقف الشاخصة أمام الفلسطينيين لم تحد من عزيمتهم في الدفاع عن الأقصى.
هذه المعركة طويلة تولى الفلسطينيون رأس الحربة فيها ، معركة اليوم لن يتحقق الحسم فيها هي استمرار للمعارك السابقة وجزء من المعارك القادمة ، تحتاج لإدارة ونفس طويل على قاعدة أن الدفاع عن القدس وأسوارها ومساجدها وكنائسها عقيدة يجب الدفاع والتضحية من أجلها لا ينبغي للاستهانة بخطورتها ، لكن بإدارة محكمة ونفس طويل ورؤية شاملة.
فيا أيها الفلسطينيون في القدس وأكناف بيت المقدس وفي كل مكان لا تترددوا لا تستهينوا لا تبخلوا في الدفاع والعطاء والتفكير والتدبير من أجل القدس وحماية أقصاها ...
واعلموا يقيناً أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله ...
معركة القدس بدأت وسينتهي المشروع الصهيوني على أبوابها
محمود مرداوي