بلا سابق إنذار أو تلميح، فاجأ رئيس سلطة حركة فتح الجميع بمطالبته وزراء حكومة رامي الحمد الله بدفع مبالغ مالية تقاضوها بلا وجه حق على مدار سنوات تواجدهم في الحكومة، ما دفع الحمد الله للرد على ذلك، لتكشف الحادثة ما تخفيه كواليس العلاقات داخل السلطة.
وفي التفاصيل، قرر عباس إلزام رئيس وأعضاء الحكومة الـ17 بإعادة المبالغ التي كانوا تقاضوها عن الفترة التي سبقت تأشيرته الخاصة برواتبهم ومكافآتهم، على أن يُدفع المبلغ المستحق عليهم دفعة واحدة.
وقرر اعتبار المبالغ التي تقاضوها لاحقًا لتأشيرته المذكورة مكافآت، بالإضافة إلى قراره باستعادة المبالغ كافة التي تقاضاها رئيس وأعضاء الحكومة السابعة عشرة بدل إيجار، ممن لم يثبت استئجاره خلال نفس الفترة.
وفي وقت لاحق، ردّ الحمد الله في تغريدة له على فيسبوك: "أود التذكير بأنني وبتاريخ 17 يونيو، طالبت وزير المالية (شكري بشارة) باطلاع الرأي العام على تفاصيل رواتب رئيس وأعضاء الحكومة الـ17 ولكنه لم يفعل وأعود وأطالبه اليوم".
وأضاف: "تعزيزاً لمبدأ الشفافية، أطالب وزير المالية بالكشف عن حقيقة الموضوع والكشف عن أسماء الذين استفادوا من القرار من الحكومتين الـ17 والـ18 ومن هم بدرجة وزير أو رؤساء الهيئات والسلطات أو شخصيات أخرى في مواقع متعددة في الدولة، علماً أن اعتماد الرئيس كان فقط لأعضاء الحكومة الـ17".
كما طالب الحمد الله وزير المالية بالتحدّث بخصوص بدل الإيجار لبيوت وزراء الحكومتين المذكورتين ومن هم بدرجة وزير ورؤساء الهيئات والسلطات وشخصيات أخرى".
وأكد أن أعضاء الحكومة الـ17 لم يتلقوا أية زيادة على رواتبهم قبل اعتماد الرئيس بتاريخ 17 يوليو 2017، وما حدث أن وزير المالية اعتمد المادة (1) من قرار الرئيس، والتي تنص: "ربط الراتب الشهري المحدد للوزراء بجدول غلاء المعيشة، وتحتسب علاوة غلاء المعيشة والعلاوة الدورية للوزراء من بداية صرفها للموظفين وبذات النسبة المحددة للموظفين حسب الأصول، وتدفع عن الفترة الممتدة منذ اليوم التالي لتشكيل الحكومة الـ17.
"وعليه قام وزير المالية بالدفع بعد أشهر من اعتماد الرئيس للزيادة وبأثر رجعي، وهناك العديد من المراسلات بيني وبين وزير المالية تبين أنني كنت دوماً ضد هذه الزيادة"، يقول الحمد الله.
وكانت وسائل إعلام نشرت قبل أشهر وثائق تفيد برفع الحكومة رواتب وزرائها الشهرية من 3 إلى 5 آلاف دولار، ورئيسها من 4 إلى 6 آلاف دولار، وجاء القرار في ظل إعلان الحكومة الحالية وسابقتها عن خطط للتقشف بعد انخفاض الدعم الدولي، وما تبع ذلك من أزمة اقتطاع سلطات الاحتلال أموال المقاصة.
وفي التعقيب على ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح عبد الستار قاسم إن لكل قرار رئاسي خلفيات متعددة، والتي قد تكون في هذه الحالة جزء من الخلافات الحاصلة داخل أروقة السلطة، بما فيها الخلافات مع الدكتور رامي الحمد الله وباتت على السطح بعدما كانت مخفية نوعا ما خلال الفترة الماضية.
وأضاف البروفسور قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن محاسبة الحمد الله ووزرائه بأثر رجعي لا يمكن فهمه إلا في سياق محدد، والرد العلني للحمد الله يؤكد أن ثمة خلاف سابق بدأ يطفو على السطح في هذا التوقيت، فيما جرى تغليف القرار المتعلق بحكومة الحمد الله بإقالة المستشارين.
ووفقا لمصادر مطلعة في حركة فتح تحدثت لـ"الرسالة" عن نية الرئيس متابعة دفع الوزراء ورئيس الحكومة للمستحقات المالية بشكل شخصي خلال الأيام المقبلة، وملاحقتهم بشكل قانوني في حال تجاهل القرار الرئاسي.
وقالت المصادر ذاتها أنه يتضح من القرار الضغط على الحمد الله ووزرائه من خلال إلزامهم بدفع المبالغ المالية المستحقة عليهم بشكل كامل ودفعة واحدة، وبالحديث العلني عنها، برغم إمكانية التواصل الإداري مع رئيس الوزراء السابق وأعضاء حكومته، مدعيةً أن القرار جاء من شخص الرئيس عباس، وبدون مشاورة أي هيكل رسمي في المنظمة أو السلطة.
وبينت أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من القرارات بحق شخصيات ومؤسسات تم السكوت عن أخطائها خلال السنوات الماضية، فيما يعتزم الرئيس عباس محاسبتها في الوقت الحالي وبشكل مباشر منه.