انتهت الجولة القتالية الأخيرة في شمال فلسطين المحتلة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، كجولة تصعيد ضمن جولات بدأت ولا يعلم أحد متى يمكن أن تنتهي، ففرص التصعيد والانفجار بين الجانبين قائمة وتتصاعد مع تزايد الضربات والهجمات الإسرائيلية في عدة مناطق في سوريا ولبنان، ما اضطر الحزب إلى الرد عبر تفجير آلية عسكرية شمال فلسطين المحتلة.
وليس سراً أن رد حزب الله جاء مدروسا للغاية بحيث كان الهدف منه لجم الاحتلال والرد على ضرباته وهجومه على الحزب دون إشعال حرب لا يرغب فيها الطرفان.
ومع ذلك يرى خبراء أن الجانبين قد يدخلان في مواجهة شاملة جديدة في أي وقت وبحسب محللي قنوات التلفزة العبرية فإن جولة القتال بين الكيان وحزب الله لم تنتهِ حتى اللحظة، لافتين في الوقت عينه إلى أنّه ليس من المُستبعد بتاتًا أنْ يلجأ الأمين العّام للحزب حسن نصر الله، إلى إرساء معادلة الدّم بالدّمّ، أيْ مُقابل كلّ شهيدٍ من حزب الله يجب أنْ يقوم بقتل جنديٍّ إسرائيليٍّ.
ويرى المُحلِّل أور هيلر، من القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ أنّ المؤسسة الأمنيّة في (تل أبيب) ما زالت مُستعدّةً للتصعيد في كلّ لحظةٍ بالشمال، وأنّ نشر الناطِق العسكريّ صورًا لما قال الكيان إنّه مصنعًا مُشتركًا للصواريخ الدقيقة، أيْ لحزب الله ولإيران، كان هدفه توجيه رسالة تحذير لحزب الله ألّا يُواصِل التصعيد على الجبهة الشماليّة، كما قالت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة.
ويبدو أن الجبهة الشمالية مقبلة على مرحلة صعبة من المتوقع أن تشهد تصعيدا تدريجيا خاصة أن الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة لحزب الله تمثل جزءًا من نمط متصاعد من الضربات من جانب الإسرائيليين ضد الأهداف والأنشطة الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان، حيث أصبحت (إسرائيل) قلقة من تطوير حزب الله لصواريخ دقيقة خلال السنوات القليلة الماضية.
وقد تحدث نصر الله أن استهداف الآلية الإسرائيليّة ليس ردا للاعتبار، وإنما لتثبيت معادلات وقواعد الاشتباك، مشدداً على أن الزمن الذي كانت تخترق فيه الطائرات المسيرة الإسرائيلية الأجواء اللبنانية قد ولى، وهو ما يعني أن التصعيد سيستمر وحالة الهدوء مؤقتة وستستمر المعارك الجانبية والتصعيد المتدحرج وصولاً للمعركة الكبرى التي قد تغير وجه المنطقة بالكامل.
الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي قال "لا يضير حزب الله إن جاء رده على العدوان الإسرائيلي «محسوبا» بدقة، ومتوخيا تفادي الانزلاق لحرب شاملة لا أحد يريدها فهو أوفى بوعده، ووجه ضربة لـ(إسرائيل) تستطيع ابتلاعها".
واعتبر في مقال له أن الحزب فعل ما كان منتظرا منه ولم يصمت على الخرق الإسرائيلي المتعجرف لقواعد الاشتباك ولم يجازف بدفع لبنان إلى أتون حرب مدمرة، فقد اجتاز محنة الضغوط الهائلة التي تعرض لها للامتناع عن الرد على الخرق الإسرائيلي وحفظ وحدة الموقف اللبناني وحال دون الانزلاق إلى أزمة حكم وحكومة.
وتابع الرنتاوي أن (إسرائيل) «ابتلعت» فكرة رد الفعل اللبناني على عدوانها وساعدها في عملية البلع والهضم، أنها لم تُمنَ بخسائر بشرية".
ولفت إلى أن (إسرائيل) ستعاود التحرش بحزب الله، إن لم يكن الآن فبعد وقت قد لا يطول، لكن المؤكد أن (إسرائيل) لديها حساب كبير لتسويه مع حزب الله وهو يدرك ذلك، ويبدو مستعدا لمختلف الاحتمالات.
واعتبر أن (إسرائيل) تدرك أن أي ضربة توجهها للحزب، ستتلقى مقابلها ضربة مضادة وهو ما يعني أن هناك توازنا للردع وسيستمر، ما لم يقرر أحد الطرفين لأسباب عديدة، خرقه والسعي لإعادة بنائه على حساب الطرف الآخر وهو أمر سيحدث، إن لم يكن عاجلا فآجلا.