لا تقتصر الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس على ملاحقة السكان واعتقالهم وتهويد المدينة وتدنيس المقدسات فيها، بل تسعى (إسرائيل) لفرض مناهجها التعليمية على طلاب المدارس المقدسيين، وتحاول السيطرة على العملية التعليمية بكاملها في المدينة، ومنع المؤسسات التعليمية العربية من بناء مدارس جديدة.
ويعاني جهاز التربية والتعليم في القدس من نقص حوالي ألفي غرفة صفيّة، وقد تم في عام 2001 تقديم التماس بهذا الخصوص للمحكمة العليا الإسرائيلية، التي أصدرت قرارا يلزم البلدية ووزارة التربية والتعليم ببناء الغرف التعليمية الناقصة، معتبرة حق التعليم ينسحب على الفلسطينيين في القدس.
ووفق إحصاءات لمؤسسات تعنى بالتعليم في القدس، فإن (إسرائيل) تسيطر مباشرة على نحو 53% من عدد المدارس، من خلال وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وبلدية الاحتلال.
كما أن سلطات الاحتلال تقدم مساعدات مشروطة للمدارس الخاصة التي تشكل نحو 28%، تفرض من خلالها مناهجها، وبالتالي فإن (إسرائيل) تسيطر على ما مجموعه 80% من المؤسسات التعليمية في القدس.
تقول المحامية نسرين عليان مديرة العيادة القانونية لتعدد الثقافات التابعة لكلية الحقوق في الجامعة العبرية بالقدس:" لم يتم تطبيق قرار المحكمة العليا في بناء الغرف التعليمية الناقصة، وهناك خطة خصصت لها ميزانية بمبلغ 450 مليون شيكل للتعليم في القدس، لكن نصف المبلغ لا يذهب لبناء غرف تعليميّة، بل لإدخال المنهاج الإسرائيلي إلى المدارس الفلسطينية، بمعنى الصرف على توفير حوافز مالية مغرية للأهالي والطلاب والمدارس لغرض تمرير المنهاج الإسرائيلي، ما يعني أنّ ما سيتم بناؤه فعليا سيسد بالكاد حاجة النمو الطبيعي".
وتابعت خلال حديثها في ورشة عمل: “عندما نتحدث عن هذا النقص الهائل في الغرف التعليمية، فذلك يعني اكتظاظا في الصفوف يصل في بعضها حد جلوس ثلاثة طلاب على درج واحد وعن أدراج ملتصقة ببعض، وعن مدارس في بيوت سكنية وعن غرف نوم تحولت إلى صفوف تعليمية.
وشددت على أن كل ذلك يؤثر على نوعية التربية والتعليم، ويؤدي إلى نسبة تسرب هي الأعلى، حيث أن 32% من الطلاب لا ينهون الصف الثاني عشر، ونسبة كبيرة من الباقين لا يستطيعون الحصول على تحصيل يؤهلهم استكمال تعليمهم الجامعي.
وذكرت عليان أن المنافسة تبدأ مع المدارس الخاصة الفلسطينية في القدس التي حصل قسم كبير منها على اعتراف التربية والتعليم الإسرائيلية كمدارس معترف بها في إطار "التعليم المعترف به غير الرسمي" ولكنها تجبي رسوم تعليم مرتفعة جدا من الأهالي.
وبحسب قولها فإن المدارس الخاصة في القدس كانت تعتبر رموزا فلسطينية في السابق، وأصبحت، بسبب الوضع في القدس، تعيش على دعم وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية.
وحول مدى ارتباط الدعم المادي بتطبيق المنهاج الإسرائيلي، تجيب أن الحصول على الدعم في إطار التعليم المعترف به غير الرسمي مشروط فقط بتعليم المواد الأساسية، ويحصلون بالمقابل على 75% دعما على كل طالب.
وأوضحت عليان أن المدارس الخاصة يدرس فيها 41% من طلاب القدس، بينما يدرس 41% في المدارس الرسمية و12% في مدارس خاصة لا تنضوي تحت إطار التعليم المعترف به غير الرسمي، ولا تحصل على ميزانيات من التربية والتعليم الإسرائيلية، في حين يدرس 6% فقط في مدارس تعلم المنهاج الإسرائيلي.