يتجه الإسرائيليون يوم الثلاثاء لصناديق الاقتراح للمرة الثانية على التوالي أمام احتمالية أن يواجهوا نفس المصير في ظل عدم وجود منتصر واضح بحسب ما تظهره استطلاعات الرأي، التي تشير إلى أن حظوظ أكبر حزبين الليكود اليميني بزعامة نتنياهو وتحالف أزرق أبيض بزعامة غانتس– متقاربة جدا.
وإذا كانت استطلاعات الرأي دقيقة، فلن تتمكن أي من الأحزاب تشكيل ائتلاف حاكم قائم على أسس إيديولوجية.
في المقابل فإن التغييرات العديدة التي تواجه دولة الاحتلال في المنطقة وأهمها التوتر في جبهتي الشمال والجنوب وتحديداً التهديدات الأمنية المستمرة المنطلقة من الضفة وغزة، تشكل عوامل ضاغطة على بنيامين نتانياهو الذي يسابق الزمن ويحارب من أجل الحصول على ولاية جديدة في رئاسة الحكومة تحصنه من خطر السجن نتيجة ملفات الفساد التي تلاحقه.
في ظل هذه البيئة التي يلعب فيها قطاع غزة دوراً رئيسياً ومحركا مؤثرا على مسار الانتخابات الإسرائيلية، يبرز مجدداً الدور المصري من خلال الزيارة التي قام بها الوفد الأمني المصري لغزة الأسبوع الماضي وعلى رأسه مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق.
وبحسب المعلومات فقد عرض الوفد الأمني المصري على حركة حماس رزمة تسهيلات جديدة تشمل أيضاً إدخال بضائع عن طريق معبر رفح البري.
ونقل الوفد الأمني المصري رسالة من (إسرائيل) حول استعداد (تل أبيب) لتطبيق رزمة من التسهيلات مقابل الهدوء على الحدود ووقف التصعيد، وتتضمن إعادة مساحة الصيد من 6 إلى 15 ميلاً، والمباشرة في إدخال تحسينات على الكهرباء والوقود، والسماح بإدخال مواد كانت ممنوعة تحت تصنيف «مزدوجة الاستعمال»، وزيادة كميات البضائع المصدرة.
وعرض المصريون على «حماس» أيضاً دراسة إدخال مزيد من البضائع للقطاع المحاصر، عبر معبر رفح البري بين غزة والأراضي المصرية.
وتطلب (إسرائيل) مقابل ذلك وقف أي هجمات عبر غزة، بما في ذلك المسيّرات والصواريخ والبالونات الحارقة، إضافة إلى وقف الأساليب الخشنة المعتمدة في مسيرات العودة التي تجري أسبوعياً يوم الجمعة.
اللافت في الأمر أن التسهيلات والبنود هي ذاتها التي تطرح منذ وقت طويل ولا يلتزم بها الاحتلال، وأن العرض الجديد يتزامن مع الانتخابات داخل الكيان، ما يعني أن الهدف ضمان الهدوء لتمرير الانتخابات، التي تعتبر فترة حساسة لدى الاحتلال ويريد نتانياهو أن يتفرغ للصراع الداخلي خاصة أن ملف غزة يشكل الخاصرة الرخوة له وكل المزايدات والاتهامات التي توجهها له المعارضة تتعلق بتعامله مع غزة وما تسميه بانهيار حالة الردع فيها.
وتزامن العرض المصري مع تصاعد التوترات خاصة عقب حادثة الطائرة المسيرة التي انطلقت من غزة بداية الأسبوع الماضي، وألقت عبوة ناسفة على موقع عسكري إسرائيلي قرب الحدود وعادت.
ومن الواضح أن الاحتلال يحاول تفادي المزيد من الضغوط الأمنية التي تمارسها المقاومة في قطاع غزة ضده في فترة الانتخابات التي تشهد حساسية عالية وحالة منافسة وصراعا شديدا، وهو ما يحاول الجانب المصري منعه لتمرير انتخابات الاحتلال.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور أن الوفد المصري سيعمل في المرحلة المقبلة بما يفوق معادلة "تهدئة مقابل تسهيلات"، المرتبطة بالعلاقة مع الكيان وتضع قواعد خاصة بالعلاقة بين مصر وغزة بما يعمل على تغيير قواعد المشهد السياسي، وفقا لكون قطاع غزة جزءا من "بعد مصر القومي – الأمني".
المعادلة تشمل فتح باب الجامعات المصرية لأبناء غزة، ومعها تنشيط باب التبادل الاقتصادي إلى الحد الأعلى لكسر جانب كبير من الحصار المفروض.
الرؤية المصرية "المستحدثة" لن تبقي المعادلة القديمة كما كانت بيد الكيان والفصائل بل ستدخل عليها مضامين تمنحها حيوية وفعالية ولكنها تفترض أولا رؤية عملية للوضع الأمني في غزة خاصة في مواجهة "التكفيريين".
المعادلة المصرية قد تجد طريقها لكسر الحصار ومنع أي حرب تمهد لفرض واقع سياسي يتماشى مع صفقة ترامب.