تبدو الصورة سوداوية لدى المراقبين عقب تكليف رئيس دولة الاحتلال لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة، الذين يرون أنه سيفشل في تلك المهمة كما حدث خلال الجولة السابقة من الانتخابات في أبريل الماضي.
وبعدما استضاف الرئيس الإسرائيلي نتنياهو ومنافسه زعيم تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس، ثلاث مرات متتالية بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن تلك اللقاءات لم تثمر على ما يبدو. وكانت النتائج النهائية للانتخابات قد أظهرت تفوق "أزرق أبيض" برئاسة غانتس بمقعد واحد على حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو.
وحصل "أزرق أبيض" على 33 مقعدا فيما حصل "الليكود" على 32 مقعدا. ولكن 55 من أعضاء الكنيست، أوصوا الرئيس الإسرائيلي بتكليف نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة مقابل 54 أوصوا بتكليف غانتس بهذه المهمة.
ولا يتوقع أن يتمكن نتنياهو بسهولة من تشكيل حكومة تحظى بثقة 61 عضوا على الأقل من أعضاء الكنيست، ولكن المهمة ستكون أصعب بكثير على غانتس، بسبب صغر كتلة الوسط مقارنة مع كتلة اليمين. الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور صالح النعامي رأى أن فرص نتنياهو في تشكيل حكومة ضعيفة جدا كونه لا يملك أغلبية ويحتاج للائتلاف مع أحزاب أخرى ولا توجد أحزاب مستعدة للتحالف معه. ويتوقع النعامي أن يفشل نتنياهو في مهمة تشكيل الحكومة ويأخذها عنه بيني غانتس، موضحا أن الأمور من الممكن أن تسير بعدها لحكومة وحدة بالاتحاد بين الحزبين أو بالاتحاد مع ليبرمان أو الأحزاب الدينية والليكود.
ويستبعد المحلل السياسي الإسرائيلي حيمي شيلو هذا التوجه ويقدر أنه لا مفر من انتخابات برلمانية ثالثة حتى وإن شكلت حكومة لفترة قصيرة، لافتا إلى أن الخلاف بين غانتس ونتنياهو حول التناوب على رئاسة الحكومة الوطنية سيكون السبب الأساس في عدم خروجها لحيز التنفيذ. وفي حال فشلت المفاوضات وجهود الرئيس (الإسرائيلي) بلم شمل الليكود و"أزرق أبيض" تحت مظلة حكومة واحدة، يرجح شيلو تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، قائلا إن "فشل نتنياهو المتوقع في تشكيل الحكومة قد يؤدي أيضا إلى تمرد داخلي بحزب الليكود يؤدي إلى الإطاحة به، مما يمهد الطريق أمام الحكومة الأوسع التي يسعى غانتس إلى رئاستها".
المحلل الإسرائيلي أن نتنياهو يناور كعادته وسيفعل المستحيل لكي يبقى على رأس الهرم وسيتمسك بشرطه ليكون الأول الذي يترأس حكومة الوحدة الوطنية، لكي يتسنى له مواجهة تهم الفساد والمحاكمة وهو رئيس للوزراء.
ولا يستبعد شيلو إمكانية أن يتسبب نتنياهو بأزمة وطنية حقيقية أو متخيلة للبقاء برئاسة الحكومة، مستذكرا أن نتنياهو كان على استعداد للمخاطرة بالحرب على جبهة غزة ولبنان لتحسين وضعه قبل الانتخابات.
وطبقا للقانون، فإنه يتم منح المكلف بتشكيل الحكومة مهلة 28 يوما يمكن تمديدها لمدة 14 يوما أخرى بموافقة من الرئيس الإسرائيلي، ولكن في حال أخفق فإنه يتم منح مرشح آخر فترة 28 يوما لتشكيل حكومة تعود بعدها الأطراف إلى الكنيست في حال فشله من أجل القرار بتكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة أو الذهاب إلى انتخابات. وكانت انتخابات جرت في إبريل الماضي قد انتهت دون تشكيل الحكومة، فتم إجراء انتخابات ثانية في سبتمبر الجاري، لكن نتائجها لم تكن حاسمة، وقد تفضي إلى عقد جولة جديدة.