بملابسهم البالية، يتجول العشرات من الأطفال في شوارع قطاع غزة بحثا عن مكبات النفايات سعياً وراء جمع الحديد والنحاس والقطع البلاستيكية، وبعضهم يحرقونها لأجل تسهيل عملية الفرز.
غالبية النباشين لم تتجاوز أعمارهم ثمانية عشر عاماً، بعضهم ترك مقاعد الدراسة ولجأ إلى هذه المهنة وآخرون يمارسونها بعد عودتهم من المدرسة.مهنة شاقة يقابلها الحصول على بضعة شواقل بالكاد تلبي الاحتياجات الأساسية لأسرهم.
وفقا لإحصاءات بلدية غزة والتي حصلت عليها معدة التحقيق، فإن نحو 250 طفلاً يعملون في هذه المهنة فقط في محافظتي غزة والوسطى، علماً أن عملهم يشكل خطراً على حياتهم الصحية والاجتماعية.
ويعد هذا العمل مخالفاً لما ورد في المادة (43) من قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004، إذ تنص على أنه يمنع استغلال الأطفال في التسول كما يمنع تشغيلهم في ظروف مخالفة للقانون أو تكليفهم بعمل من شأنه أن يعيق تعليمهم أو يضر بسلامتهم أو بصحتهم البدنية أو النفسية.
حرق حاويات الشوارع
قرب أحد المكبات شمال قطاع غزة، وقف الطفل سامي– اسم مستعار- يعبئ كيسا بلاستيكيا أبيضا بزجاجات بلاستيكية فارغة، وفي الكيس الآخر أسلاكا نحاسية وبعض القطع المعدنية، فهو يبذل مجهودا كبيرا مع كل قطعة يخرجها من داخل الحاوية.
عن جبينه المتعب يمسح سامي -16 عاماَ- ذرات العرق بيده المتسخة ويواصل عمله.اقتربت "الرسالة" من الفتى للحديث، في البداية تخوف قليلا؛ لكن بعد طمأنته بعدم تصويره استجاب فذكر أنه منذ سنة وهو يعمل في جمع المخلفات البلاستيكية والمعادن ومن ثم يبيعها ويعود ليلا إلى بيت جدته الواقع غرب مدينة غزة.
وردا على سؤال عن مدرسته وعدم سكنه برفقة والديه روى أنهما منفصلان وكل منهما تزوج فحين ذهابه لأحدهما يوبخ ويضرب، مما دفعه للهرب إلى جدته التي يصرف عليها من الشواكل التي يجنيها يوميا، معلقا: "لو ما اشتغلت ما حدش بصرف علينا".
توقف عن عمله ثواني كي يشعل سيجارته، ومن ثم أكمل حديثه بأنه بعد محاولات عديدة تمكن من إيجاد فرصة عمل لنفسه، مبررا تعاطيه السجائر أنها تنسيه العالم".
وعند السؤال إن تعرض للعنف أو الابتزاز الجنسي، لم يفهم لكن بعد التوضيح له صمت ورد "بعرفش"، وبعد محاولات اعترف أن الكثير من السكان يقذفونه بأبشع الألفاظ، وحاول أحدهم التعدي عليه جنسيا حينما أوهمه بشراء ما لديه وطلب منه أن يوصله لمكان معين لكنه تمكن من الفرار.
ولم ينكر الفتى أنه يضطر للسرقة في بعض الأحيان، فقد مكث في مركز للأحداث خمسة أشهر إلى أن قضى محكوميته، واصفا إياها "أجمل أيام حياتي" كونه كان في مكان يوفر له احتياجاته الأساسية دون النزول للشارع يوميا.
وخلال عملية بحث خلصنا إلى إحصاءات صادرة عن مؤسسة الربيع لرعاية الأطفال الأحداث، تفيد بأن عدد الأطفال الذين أوقفوا على خلفية السرقة خلال العامين 2014-2016 بلغت 905 أطفال فيما لم يتسن لنا الحصول على إحصاءات خلال السنتين الأخيرتين.مما يعني أن الأطفال العاملين ربما يمتهنون السرقة تحت وطأة الحاجة للمال.
خلال التحقيق طرقنا باب أحمد أبو عبده مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية غزة للتعرف على الدور الذي تبذله بلديته للحد من عمل الصغار في تنبيش المكبات.
دائرة الصحة والبيئة: البلدية تمنع دخول النباشين للمكبات لكنهم يدخلونها بطرق غير شرعية
يقول أبو عبده: "الحديث عن النباشين الصغار شائك، والبلدية لا تسهل عمل أي طفل فيها لإدراكنا حجم الضرر الصحي الذي سيقع عليه"، مؤكدا أن البلدية تعاني من انتشار هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة. فرغم محاولاتهم لإيجاد الحلول للحد من وجودها إلا أنهم فقدوا السيطرة.
وذكر أبو عبده أنه ضمن جولات ميدانية حاول وفريقه التواصل مع النباشين الصغار خلال تواجدهم قرب مكبات النفايات في منطقة جحر الديك جنوب شرق مدينة غزة، وغيرها من مكبات قطاع غزة لمعرفة الهدف من وراء عملهم والعائد المادي الذي يجنونه.
وبحسب متابعة مدير دائرة الصحة والبيئة فإن حوالي 250 طفلا يعملون في مهنة نبش القمامة، في منطقتي غزة وجحر الديك، أكثر من 90% منهم أطفال دون الثامنة عشر.
وتطرق خلال حديثه لـ "الرسالة" إلى أن طبيعة عمل النباشين الصغار تبدأ من خلال تقسيمهم للشوارع التي تحتوي على مكبات وكل مجموعة تمارس عملها في الشارع الذي حدد لها، مبينا أن هدف التنبيش في تلك المكبات هو جمع "تنكات" علب الكولا ليباع الكيلو منها بـ 1.2 شيقل، والبلاستيك من مخلفات البيوت ليباع الكيلو بـ 1.7 شيقل، ويجني نهاية كل طفل حوالي 25 شيقلا.
ويؤكد أن 90% من عمليات حرق حاويات الشوارع يقوم بها هؤلاء النباشين لمحاولة فصل النفايات، والباقي تفعله البلدية ضمن معاييرها الواردة في القرار الإداري رقم 164\2019 –مرفق نسخة عنه- مبينا أن عملية التنبيش تتم دون تنظيم فقط للحصول على حفنة من الشواكل دون الاكتراث للعواقب الصحية وغيرها.
وعن دور البلدية في الحد من انتشار ظاهرة تنبيش الأطفال في الحاويات التي يحظرها القانون الفلسطيني لأنها أعمال خطرة، يرد أبو عبده:" كبلدية لسنا مهملين لعملنا لكن لا نتخذ الإجراءات العقابية القاسية مراعاة لظروف بعض الفئات، ونحاول تنظيم هذه العملية من خلال إعطاء تعليمات لموظفينا بعدم السماح للصغار بالتواجد في مكبات النفايات قد الإمكان".
وأكد أن البلدية لا تغض الطرف عن تطبيق القانون، بل تسعى بقدر الإمكانيات المتاحة تطبيقه لاسيما في ظل وجود مواطنين لا يأبهون بالمخاطر التي تحدق بهم نتيجة عملهم في تلك الأعمال، مبينا أن البلدية تمنع دخول النباشين للمكبات الكبيرة كجحر الديك لكنهم يدخلوها بطرق غير شرعية مما يضطر البلدية للتواصل مع الشرطة لضبط الأمر لما فيه من خطورة على النباشين، لكن الشرطة تكتفي بمنع تواجد الأطفال دون احتجازهم او إيقافهم مراعاة لظروفهم الاقتصادية القاهرة.
وتطرق أبو عبده خلال حديثه إلى أن هناك أضرارا صحية تلحق بالأطفال النباشين، لاسيما وأن الحاوية الواحدة تحتوي على أنواع كثيرة من النفايات الخطرة ومنها أدوات الحلاقة، والنفايات الطبية القريبة من الصيدليات، مع العلم أن البلدية باشرت مؤخرا في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الصيدليات التي لا تلتزم بالتعليمات.
مخالفات تعرضهم للمخاطر
في حي النصر وسط مدينة غزة وتحديدا في شارع العيون غرب مدينة غزة، عند تمام الساعة الثامنة والنصف صباحا، وقف الطفل "أسامة" -14 عاما- من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، داخل حاوية نفايات وراح يقلب أكياس القمامة.
اقتربت منه معدة التحقيق، للحديث عما يفعله. أكمل عمله وهو يقول أنه يبحث عن النحاس والألومنيوم والبلاستيك ليبيعها لـ "أبو فهد" في منطقة بيت لاهيا مقابل 20 شيقلا يوميا.
لم يخلُ وجه أسامة من الخدوش والتشوهات وهو ينتقل مسافة تزيد عن 7 كيلومترات يوميا مشيا على الأقدام، عدا عن يديه اللتين ظهرت عليهما آثار الغرز، وعند سؤاله عن سبب تلك الآثار سرعان ما ذكر أنها نتيجة عمله في النفايات فكثيرا ما تصيبه زجاجة فارغة. قطع صوت شقيقه "عمر" – 10 سنوات- " أسامة وهو يخبر أخاه: لقيت البلاستيك هاد في الشارع هناك تعال في كتير".
حاول الشقيقان التهرب من إكمال الحديث وأخذا بجمع البلاستيك قبل أن يأخذه آخرون. تحدثا بعجالة أنهما يعملان منذ سنتين في هذه المهنة فوالدهما مريض ولا معيل للأسرة، لذا قررا ترك الدراسة من الصف السادس بحجة أنهما "مش شاطرين" بحسب قولهمh.
وعلى الرغم من الرائحة الكريهة، بقي الصغيران ينبشان في الحاوية وحولها لجمع ما يمكن بيعه، فالصغير "عمر" ذكر أنهما أحرقا حاوية صغيرة قرب مستشفى العيون دون أن يشعر بهم أحد ويريدان قبل رحيلهما فرز ما تبقى في الحاوية من أسلاك وألومنيوم.
وحول إصابة أحدهما بمرض مزمن، أجاب الأكبر "لدي أزمة صدرية، وشقيق لي يعاني التهابات جلدية"، فقاطعه الأصغر ليعلق ضاحكا "أجرب من الزبالة".
النباشون الأطفال وصغار السن يتركون مقاعد الدراسة للعمل وإعالة أسرهم ويتعرضون لمضايقات تنعكس على شخصياتهم وهو ما تؤكده عبير الشرفا رئيس قسم الصحة النفسية في وزارة التربية والتعليم بغزة.
لم تستغرب الشرفا وجود ظاهرة التنبيش، فقد عانت الوزارة كثيرا في الحد منها على الرغم من تقديم التوجيهات للطلبة داخل المدارس، تقول:" الطلاب يتسربون من المدارس للتسول وجمع النفايات في شوارع وأزقة قطاع غزة ما يدفعهم للعبث في مخالفات تعرضهم للمخاطر".
وبحسب الأخصائية النفسية فإن الطفل الذي يعمل في جمع النفايات يتأثر نفسيا مما يدفعه للحقد على مجتمعه كونه لا يتعلم كبقية أقرانه، مبينة أن في كل مدرسة مرشد تربوي يتبع الأطفال لاسيما أصحاب الغياب المتكرر فيتبين أن ذويهم يستغلونهم في أعمال شاقة كجمع النفايات لتحقيق مكسب مادي.
وتوضح الشرفا أن هناك صعوبة يواجهها المرشد التربوي حين يرسل إلى أولياء الأمور فغالبيتهم يشغلون أبناءهم وفي هذه الحالة فإن مهمة إرجاع الطالب لمقاعد الدراسة وتأهيله أصعب، بخلاف لو كان يعمل الطفل لدى رب عمل.
وكشفت الشرفا أن الطلبة يفصحون لمرشدهم عن رغبتهم في العودة إلى مدارسهم لكن يخشون عقاب ذويهم، مرجعة استغلال أولياء الأمور لأبنائهم والعمل في مهن شاقة كجمع النفايات إلى الظروف الاقتصادية.
وتتعامل وزارة التعليم مع مؤسسات أهلية للحفاظ على الأطفال من خلال توفير قرطاسية لهم ورعاية خاصة تمكنهم من اللحاق بزملائهم كما أوضحت الشرفا.
ووفق قول رئيس قسم الصحة النفسية بالتعليم، فإنه بعد متابعة الأطفال الذين يتركون للعمل ليلا يتعرضون للتحرش، رغم أن ليس هناك حادثة تؤكد هذه الرواية.
التعليم: طلبة يتسربون للعمل في النفايات ما أدى إلى إصابتهم بإعاقات أحيانا
القانون وتشغيل الأطفال
وفيما يتعلق بالدور الرقابي وتطبيق قانون العمل الفلسطيني في ملاحقة من يستغلون الأطفال في مهن شاقة، وضعت معدة التحقيق جملة من التساؤلات على طاولة شادي حلس نائب مدير دائرة الرقابة والتفتيش في وزارة العمل.
في بداية الحديث نوه حلس إلى أن دائرته تطبق قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 حيث أن المادة 93 تحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشر، بالإضافة إلى أن المادة 95 تحظر تشغيل الأطفال الأحداث في الصناعات الخطرة أو الضارة بالصحة، وكذلك الأعمال الليلية وفي الأماكن النائية البعيدة عن العمران.
ويبدو واضحا أن النباشين الصغار لا يعون القانون ما يجعلهم يقعون في فخ الألفة القانونية، مع العلم أن الجهات الرسمية المتمثلة في وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية لم تضع حدا لهم أو تقدم تثقيفا.
ويعود حلس لحديثه بالقول:" معظم النباشين لا يوجد لهم صاحب عمل بل يجمعون القطع البلاستيكية ويبيعونها لمصانع إعادة التدوير على حسابهم الخاص".
وتابع:" يكمن دور وزارة العمل الرقابي من خلال المتابعة مع الجهات الأخرى كشبكة حماية الطفولة التابعة للشؤون الاجتماعية"، مؤكدا أنه في حال ثبت وجود عمل الأطفال تحت يد صاحب العمل فسرعان ما يحظر تشغيلهم وتنفذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين ومنها اغلاق المنشأة التي يعملون بها.
العمل: نحظر تشغيل الأطفال في الصناعات الخطرة والأماكن النائية
وللوقوف على دور شبكات حماية الطفولة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، تحدثت رنا البيطار مسئولة الشبكات أن لديهم قضايا يحاولون العمل عليها لحماية الأطفال، ولا يتعاملون مع النباشين الصغار بصفة منفردة بل كعمالة أطفال بشكل عام حتى توصل العاملون في الشبكة إلى ضرورة توعية المجتمع بخطورة تلك المهن عبر دليل توعوي يطبق مع الأطفال في المدراس والبيوت.
وتحدثت مسؤولة شبكات الحماية عن التدخل العلاجي مع حالات الأطفال الذين يتم تحويلهم للوزارة من خلال المؤسسات الشريكة في شبكات الحماية، حيث يتم دراسة كل حالة بشكل فردي وتقييم احتياجاتها، ومن ثم التدخل مع كل حالة حسب ما تقتضيه ظروفها الخاصة، من خلال توفير كافة الإجراءات التي تضمن حمايتها.
وأوضحت البيطار أن الأمر يتطلب أحيانا إرجاع الطفل لمقاعد الدراسة أو إلحاقه بمركز تدريب أو تأهيل مهني، وتوفير احتياجاته المدرسية أو المهنية حسب احتياجه، وقد يتطلب توفير الاحتياجات المادية للأسرة ودعمها اقتصاديا، إضافة إلى تقديم التوعية والإرشاد للطفل وأسرته، وكذلك يتم تقديم الخدمات الصحية والنفسية اللازمة لهم حسب درجة احتياجهم لذلك.
وساهمت شبكة حماية الطفولة في إرجاع كثير من الأطفال الذين يعملون في جمع البلاستيك والنحاس والعبث في حاويات القمامة إلى مدارسهم، لكن هناك عدد لا بأس به لديهم ظروف أسرية مفككة وكان من الصعب الوصول إلى حل لمشكلتهم، الأمر الذي ينعكس على الطفل في كل المجالات بسبب الوضع الذي تعيشه أسرته كأن تكون أمه مطلقة ووالده يستغله للعمل، بحسب قول البيطار.
وعن أبرز الحالات التي يصعب التعامل معها للحد من عمالة الأطفال وتطبيق القانون، ذكرت البيطار أن الآباء المدمنين والمرضى النفسيين يصعب الحديث معهم وإقناعهم بتوقف أبنائهم عن العمل والعودة للدراسة، فكل ما يشغلهم أن يأتيهم الصغير بالمال لشراء ما يلزمه للتعاطي، رغم إصابة بعض الصغار جراء عملهم الخطير.
نحاس ألومنيوم للبيع
وبحسب متابعة البيطار مسئولة شبكة حماية الطفولة، فهناك بيوت مليئة بالبلاستيك والحديد وتكون غير صالحة للمعيشة، حيث يدفع رب الأسرة ابنته أيضا لجمع النفايات، مؤكدة أنه لا يوجد تقاعس من قبلهم كجهة رسمية في تطبيق القانون لكن الأهالي هم معضلة كبيرة في تنفيذه.
وتقدم وزارة الشؤون الاجتماعية التي تندرج تحتها شبكة حماية الطفولة شيك "الشؤون" لذوي الطفل لتوفير احتياجاته.
شبكة حماية الطفولة: الباعة المتجولون سبب في دفع الصغار للتنبيش في الحاويات
وتؤكد أن هناك من يتوقف بعد إدراج اسمه لتحصيل الشيك لكن آخرين يواصلون تشغيل أبنائهم، لأنهم يعتبرونها مهنة.
وتقول البيطار: "الباعة المتجولون سبب في دفع الصغار للتنبيش في الحاويات حينما ينادون على البلاستيك والألومنيوم مما يجعل الصغار ينبشون عليه للحصول على شواكل بسيطة".
وما يؤكد قولها أن عربات "الكارو" تجوب شوارع القطاع لتنادي "بلاستيك نحاس ألومنيوم للبيع"، حيث يهرع إليه بعض الصغار لإعطائه ما جمعوه مقابل شيقل أو أقل.
وتطرقت البيطار إلى قضية مهمة وهي أن كل طفل ينزل للعمل في الشارع يكون عرضة للتحرش اللفظي والجنسي، مشيرة أن تلك الحالات التي تتعرض للتحرش تصلهم عبر وزارة الداخلية والتعليم والعمل أو الأسر نفسها أو عبر البحث الميداني ويتم معالجتها.
وكانت الباحثة علا الدويك أعدت رسالة ماجستير حول "البناء النفسي والاجتماعي لدى الأطفال جامعي النفايات" وتوصلت إلى جملة من التوصيات منها قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بتخصيص برامج دعم للأطفال العاملين بشكل عام والأطفال جامعي النفايات بشكل خاص.
ولفتت الدويك إلى ضرورة تضافر الجهود الحكومية والسلطة في سن قوانين صارمة تستهدف الأسر التي تقوم بإرسال أبنائها دون السن القانوني للأعمال الخطرة، بالإضافة إلى جهود الإعلان من خلال الاهتمام ببث البرامج التلفزيونية والإعلامية الخاصة بالحديث عن عمالة الأطفال وتهدف إلى توعية المجتمع والأسر الفلسطينية بالمخاطر الجسدية والنفسية للعمل في جمع النفايات.
كما دعت من خلال دراستها إلى افتتاح مؤسسات ترفيهية رياضية تعليمية مجانية للأطفال تحميهم من الشارع، عدا عن عقد ورشات عمل للآباء والأمهات لتدريبهم على بعض الأساليب التربوية التي تساهم في توعيتهم بأخطار إهمال الطفل على الصحة النفسية والجسدية والنمو الاجتماعي لدى الأبناء.
وبحسب الباحثة دويك فإنه لابد من تضافر الجهود الحكومية والقطاع الخاص في إعداد مراكز تدريب تضم هؤلاء الأطفال على أن يتم تدريبهم حول كيفية حماية أنفسهم من خطر المهنة.
في النهاية، تحميل المسئولية لأسر النباشين الأطفال وصغار السن هو ما تنتهجه الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون والرقابة، دون اتخاذ إجراءات مانعة للحد من هذه الظاهرة وضررها على النباشين بشكل مباشر وعلى المجتمع الأوسع، وانتهاك الطفولة والحق بعيش كريم.
أنجز هذا التحقيق بدعم من مؤسسة فلسطينيات.