تعيش الساحة السياسية الإسرائيلية حالة صراع غير مسبوق بين الأحزاب الإسرائيلية، وهو ما تسبب في إفشال محاولة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تشكيل حكومته الخامسة بعد نتائج الانتخابات السابقة في إبريل بداية العام الجاري، والذهاب إلى انتخابات ثانية الشهر الماضي لم تأت بنتائج متباعدة هي الأُخرى.
ما سبق ألقى بظلاله على المجتمع الإسرائيلي وتسبب بتعطيل الحياة السياسية في ظل حالة المنافسة الشرسة بين نتنياهو وخصمه اللدود بني غانتس الذي أنشأ حزب أبيض أزرق أو ما يعرف بتحالف الجنيرالات الذي حصد نتائج متقاربة وتجاوز حزب الليكود بمقعد في الكنيست الإسرائيلي وهو ما زاد الأمر تعقيدا!
وفي ظل الحديث عن فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة بعد استلامه كتاب التفويض من الرئيس الإسرائيلي رؤوبن ريفلين، إلى جانب عدم إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، بمشاركة الليكود وأبيض-أزرق، فإن الذهاب إلى إجراء انتخابات جديدة للمرة الثالثة في عام واحد بات هو الخيار الذي يلوح في الأفق.
وما يزيد من تعقيدات المشهد استعداد بنيامين نتنياهو الذي من المحتمل أن يُعيد كتاب التفويض إلى ريفلين بعد الحديث عن فشله في تشكيل الحكومة، هو انتظاره جلسة استماع ستعقد خلال الأيام الجارية في قضايا الفساد والرشاوي المتهم بها.
انقسام حاد
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن حالة الجمود السياسي وما خلفته نتائج الانتخابات الأخيرة يشير إلى عنصرية كبيرة وانقسام حاد داخل المجتمع الإسرائيلي لا سيما بين أحزاب اليمين والوسط، وهو ما انعكس على عدم قدرة أي طرف أن يقود المجتمع الإسرائيلي من خلال نجاحه في تشكيل الحكومة.
ويوضح حبيب في حديثه لـ"الرسالة" أن هذا الأمر يترك تداعيات عديدة على الساحة الإسرائيلية الداخلية من أبرزها خلق حالة شرخ عامودي بين الأحزاب الإسرائيلية، إلى جانب تركه آثاره على المجتمع الفلسطيني الذي يناور فيه كل طرف سياسي إسرائيلي لرفع أسهمه.
وتابع " ما يجري سيترك مزيدا من العداء للقضية الفلسطينية وخاصة الذهاب إلى تعزيز الاستيطان والسيطرة على الأراضي الفلسطينية ومن ناحية أخرى قد يدفع إلى الذهاب لحروب وافتعال أزمات مع الفلسطينيين على غرار ما حدث في الأوقات السابقة".
وعن إمكانية تصدير تلك الأزمة إلى قطاع غزة والذهاب لمواجهة عسكرية لإنقاذ نتنياهو من أزماته، يعتقد حبيب أن ملف غزة مؤجل في الوقت الراهن ودليل ذلك أن نتنياهو حاول شن حرب على غزة لكن تصدت له القوى الأمنية في (إسرائيل) بمن فيهم كوخافي ليس محبة بغزة ولكن خشية التداعيات الخطيرة لهذه الخطوة وما سيتبعها من ردة فعل للمقاومة قد تفاجئ الاحتلال.
وبيّن أن الوضع في غزة معقد والأطراف الإسرائيلية ستحاول تدوير الزوايا بشكل أكثر من الذهاب لمواجهة مؤجلة قد تترتب عليها نتائج عكسية.
نزاع وصراع
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان أبو عامر أن الساحة الإسرائيلية تشهد حالة عدم تنازل ومحاولة كل حزب فرض شروطه على الآخر، مما تسبب في أزمة ونزاع وصراع غير مسبوق يرمي بظلاله على الساحة السياسية الإسرائيلية.
ويؤكد أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة" أنه لم يتبق أمام نتنياهو إلا إعلان فشله في تشكيل الحكومة وإعادة كتاب التفويض إلى الرئيس ريفلين الذي سيذهب إلى تكليف غانتس وبعد فشل الأخير ستكون الطريق معبدة أمام الذهاب إلى انتخابات ثالثة لا مفر منها.
وعن انعكاس تلك الصراعات على قطاع غزة، يشير أبو عامر إلى أن الأوضاع السياسية الأمنية في القطاع مرتبطة ارتباطا عضويا بـ(إسرائيل)، لا سيما وأن غزة حاضرة بقوة على طاولة الأحزاب وبرامجها وتتأثر بأي ترتيبات كانت، سواء بتشكيل حكومة يمينية او حكومة يسارية قد تتنصل من التفاهمات وتذهب إلى الخيارات العسكرية في التعامل مع ملف غزة أو تحافظ عليها وتبقيها مادامت مرضية للكل الإسرائيلي.
وفي نهاية المطاف تبقى الأيام القليلة المقبلة كفيلة بكشف ما ستؤول إليه الأمور على الساحة السياسية الإسرائيلية.