لم تطرح الإدارة الأميركية رسميًا خطتها لتسوية الصراع في المنطقة "صفقة القرن"، بالرغم من الإعلان عن نيتها طرحها أكثر من مرة، كان آخرها ما أعلن عنه السفير الأمريكي في (إسرائيل)، ديفيد فريدمان، بأنه سيتم الإعلان عن خطة السلام الأمريكية المرتقبة قبل نهاية العام الجاري.
وفي مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، قال فريدمان: "إنني واثق تمامًا من أنه سيتم الإعلان عنها في 2019، لا أريد أن أقول خلال أسبوع أو شهر، إلا أننا قريبون جدًا من خط النهاية".
ليست المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية موعد نشر الخطة ومن ثم يتم التأجيل، ويبدو انها ما زالت عاجزة عن تهيئة البيئة السياسية المناسبة لطرح الخطة خاصة لدى دولة الاحتلال التي تعاني من أزمة داخلية حادة عقب فشل تشكيل الحكومة للمرة الثانية ومخاوف من التوجه للانتخابات للمرة الثالثة خلال عام.
ولهذا السبب تم ربط الإعلان عن الصفقة بالانتهاء من تشكيل حكومة الاحتلال، حيث قال فريدمان: "نريد نشرها في بيئة تكون فيها حكومة إسرائيلية قادرة على التفاعل معها (أي مع الخطة).. نريد التعامل مع حكومة قائمة، حتى تكون في وضع يسمح لها بالتفاعل والاستجابة والحديث معنا بشأنها".
في ذات الوقت استمرت الإدارة الأمريكية في قراراتها وتوجهاتها بشأن القدس، واللاجئين، والمستوطنات، التي تشير إلى انتقالها إلى موقع الشريك لـ(إسرائيل) في سعيها لتصفية القضية الفلسطينية.
كما ان التطورات السياسية تشير إلى أن إدارة ترامب لم تنجح حتى الآن في تهيئة المناخات للإعلان رسميًا عن "صفقة القرن"، وجرى الحديث عن أن التأجيل بهدف إقناع العرب بالقبول بها وإدخال بعض التعديلات ليقبل بها المجتمع الدولي أيضا الذي أثار الكثير من التحفظات حول ما تسرب من بنود الخطة والرؤية العامة للسياسة الأمريكية اتجاه الصراع في الشرق الأوسط.
وبغض النظر إن كانت ستطرح الصفقة قبل نهاية العام الحالي أم لا فإن البيئة السياسية والإقليمية ما زالت غير مناسبة للتعاطي مع الصفقة بل تشهد تعقيدات أكثر ستحول دون طرحها أو إن يكون نهايتها الفشل في حال طرحت في الموعد المحدد لها.
ويأتي إصرار إدارة ترامب على الحديث عن الصفقة بهدف إعلامي أكثر كون الصفقة أخذت شكل تسريبات إعلامية كبير جدا وهو أمر مخالف للسياسات الدولية المتبعة في التعامل مع هكذا ملفات والتي غالباً ما تبقى محاطة بالسرية إلى حين طرحها على الأطراف المعنية والموافقة عليها قبل إعلانها والحديث فيها بالإعلام.
ما سبق يؤكد أن إدارة ترامب معنية بإثارة ضجة كبيرة حول الأمر خاصة من خلال تحديد العديد من المواعيد للإعلان عنها ومن ثم التأجيل.
ويمكن الحديث عن خمسة أسباب رئيسية تحول دون طرح الخطة:
الأول: أزمة عزل ترامب التي تواجهه حالياً حيث أنها تتصاعد ومرشحة للمزيد في الأيام القادمة إثر ما بات يعرف بفضيحة "أوكرانيا جيت"، والتي عززت من الجهود الرامية لعزله، حيث طالب النواب الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي بالحصول على تسجيلات من رودي جولياني، المحامي الشخصي للرئيس دونالد ترامب، في أحدث خطوة ضمن الجهود التي يبذلها الديمقراطيون لعزل الرئيس من منصبه.
الثاني: أزمة الحكومة الإسرائيلية والتي بدأت تزداد تعقيداً بعد فشل التوصل إلى تسوية بين الأحزاب الإسرائيلية وتزايد فرص الذهاب نحو انتخابات ثالثة لا أحد يرغب بها في الأحزاب الإسرائيلية، ولكن لا أحد يتنازل لتمرير تشكيل الحكومة، ما يعني أنه لا يوجد حكومة مستقرة للتعامل مع الخطة.
الثالث: المشكلات الداخلية التي يواجهها نتنياهو وتهم الفساد التي تهدد وجوده إلى جانب ضعف الأغلبية له في الكنيست ووجود أحزاب أكثر يمينية منه وأكثر تشدداً حيال موضوع التسوية مع الفلسطينيين.
الرابع: الرفض الفلسطيني الرسمي والفصائلي والشعبي للصفقة، ولذلك تحاول الإدارة الأمريكية إيجاد مخرج لهذا الموضوع إما بمفاوضات سرية أو تفاوض عربي بديل للفلسطينيين.
الخامس: الأزمة الإقليمية بين (إسرائيل) وأميركا من جهة، وإيران من جهة أخرى ومخاوف من احتمالات تفجر مواجهة إقليمية بين (إسرائيل) وإيران أو في غزة أو على الجبهة اللبنانية أو السورية.
الخامس: التحفظات الدولية على الصفقة خاصة الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وهو ما اتضح في توجهات هذه القوى في الأمم المتحدة.
5 أسباب تحول دون تحديد موعد صفقة القرن
الرسالة نت - شيماء مرزوق