تعجز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن السيطرة على سلاح حركة فتح الموجود داخل مخيمات الضفة، حيث تفرض قيادات ميدانية من حركة فتح نفوذها في المخيمات ضمن الصراع بين تيارات وأقطاب حركة فتح، الذي تفجر عدة مرات ووصل حد الاشتباك المسلح بين الأجهزة الأمنية وعناصر مسلحة من المخيمات.
حوادث الاشتباكات التي تجري بين الأجهزة الأمنية والمخيمات تخبو وتتصاعد تبعاً لطبيعة الصراع داخل تنظيم حركة فتح، وقد شهد الصراع العديد من المحطات الدموية رغم ان ظاهرة السلاح بقيت في إطار المخيمات، ولولا وجود الاحتلال لشهدت مخيمات الضفة فوضى أمنية خطيرة.
الأيام الماضية شهدت موجة جديدة من الصراع حينما أًصيب خمسة عناصر من الأمن الوطني الفلسطيني، بعد تعرض دورية للقوة الأمنية لعبوة مصنعة يدويًا "كوع" بالإضافة إلى الرشق بالحجارة في مخيم جنين، حسب ما أوردته صفحة محافظة جنين على موقع فيسبوك.
وأضافت أنّ الدورية كانت تقوم بعملها في حفظ الأمن بالمخيم، وقد تم نقل اثنين من المصابين إلى مستشفى الرازي في جنين، وآخرين إلى المستشفى الاستشاري، بالإضافة إلى نقل عنصر إلى مستشفى النجاح الوطني لتلقي العلاج.
وتفيد المعيطات القائمة أن الأحداث والاشتباكات في مخيمات الضفة الغربية بين الحين والآخر، هي مجرد "بروفا" لما سيحدث حال الغياب المرتقب لرئيس السلطة محمود عباس، حيث قد تمتد حالة الفلتان والفوضى التي غالباً ما ترتكز في مخيمات جنين ونابلس إلى باقي محافظات الضفة في إطار الصراع على كرسي الرئاسة.
الحالة الأمنية والسياسية والاجتماعية المعقدة في الضفة الغربية تساهم في تفجر الأوضاع في ظل تدخلات الاحتلال والنفوذ الخارجي، لاسيما أن جهود السلطة خلال السنوات الماضية لقمع المقاومة واستئصال سلاحها أنبتت سلاحاً جديداً يتمثل بسلاح المناطق والعائلات والأجهزة الأمنية، والذي بات الآن من أبرز مهددات السلطة في ظل الانشقاقات والصراع المرتقب على السلطة.
د. إبراهيم حبيب المختص في الشأن الأمني أكد أن الأحداث التي تدور في المخيمات ليست جديدة وهي متكررة وهناك حالة توازن بين قوة التنظيمات وخاصة حركة فتح داخل المخيمات والأجهزة الأمنية.
وقال " باقي الفصائل ليس لها قوة خاصة ولو كان لحماس والجهاد قوات في المخيمات لدخلت القوات الإسرائيلية مباشرة داخل المخيمات للقضاء عليها".
وتابع "سلاح المخيمات لحركة فتح وما يجري لا يخرج عن إطار الصراعات الداخلية التي تجري بين السلطة ممثلة بقيادات حركة فتح غير المرغوب بها من القيادات الميدانية داخل المخيمات، ولا تستطيع السلطة ان تتغول كثيراً على المخيمات كونها تشكل القاعدة الجماهيرية في الضفة".
وشدد حبيب على أنه حتى الآن حالة التوازن هي السائدة بين الطرفين والقوة الموجود في المخيمات لا تستطيع الخروج للشارع وتفرض أجندتها والسلطة لا تستطيع ان تقسو على القوة في المخيمات حتى لا تفقد شعبيتها وتدخل في صراع مع التنظيم.
واعتبر حبيب ان ما يجري حالياً هو بروفا لتفجير الصراع ما بين أقطاب التنظيم السياسي والميداني في حال غياب أبو مازن، لكن ما مدى قدرة الأطراف على ضبطه؟ هناك محدد إسرائيلي قد يخرج لضبط الصراع وفرض ما يريده في الضفة.
وتأتي حالة الفوضى في المخيمات نتيجة لسياسة السلطة التي خلقت عناصر مسلحة منفلتة بات من الصعب السيطرة عليها، بعد أن سمحت لها التسلح لتكون أداتها في ترهيب الناس قبل أن يصبحوا جزءا من حالة فوضى أمنية.
وتتجذر حالة الصراع في المخيمات تحديداً كونها مناطق مكتظة بالسكان ومن الصعب على عناصر الأمن في السلطة اقتحامها والسيطرة عليها، كما أن قيادات كبرى في السلطة وفتح تسعى للسيطرة عليها عبر شراء ولاءات المسلحين فيها ليشكلوا عناصر القوة واستخدامهم في حال تفجر الصراع على الرئاسة بعد غياب عباس وهو سيناريو قائم وحذر منه الجانب الإسرائيلي عدة مرات.