أمسكت سلطة حركة فتح برام الله بملف جديد لفرض المزيد من العقوبات على قطاع غزة، وذلك من خلال تجميد حسابات عشرات المنظمات الأهلية في قطاع غزة، ما ينعكس سلبا على الواقع الإنساني والصحي والتعليمي في القطاع.
ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته شبكة المنظمات الأهلية لأعضائها البالغ عددهم 68 عضوًا في قطاع غزة، تبين أن ما يقارب 22% من حسابات المنظمات الأهلية البنكية متوقفةٌ، بناءً على إيعازٍ من وزارة الداخلية في رام الله للبنوك بتجميد الحسابات البنكية للمنظمات الأهلية، لحين اعتماد مجالس الإدارة الجديدة وتجديد اعتماد مجالس الإدارة المعتمدة سابقًا من قبل الوزارة، وهذا يأخذ بالعادة وقتًا طويلًا قد يصل لأشهر.
ومن أبرز الأضرار التي تلحق بالمنظمات عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه العملاء والموردين، وتوقُّف نشاطات العديد من المشاريع، وعدم حصول الموظفين على رواتبهم، إضافة لخسارة المنظمات الأهلية لعددٍ من المنح المقدمة من قبل المموّلين بسبب عدم استيفاء الشروط، ومنها إفادةٌ بنكيةٌ بأن حسابات المنظمة المختلفة فعالة، وكذلك إغلاق بعض المنظمات الأهلية لأنها لم تستطع البقاء بسبب عدم وجود حساب بنكي لها في البنوك المعتمدة من سلطة النقد.
وفي التفاصيل، أعربت الشبكة عن بالغ قلقها تجاه استمرار وزارة الداخلية في رام الله بتجميد حسابات عشرات المنظمات الأهلية في قطاع غزة، محذرةً من تداعيات هذه الإجراءات على واقع وعمل المنظمات الأهلية في القطاع.
وأشارت الشبكة إلى تلقيها عديد من الشكاوى من المنظمات الأهلية في القطاع حول تجميد حساباتها البنكية في البنوك العاملة بقطاع غزة الأمر الذي يهدد الخدمات التي تقدمها وكذلك التزاماتها تجاه قطاعات المستفيدين والموردين والممولين.
وبينت الشبكة أن بعض البنوك العاملة في غزة ترفض فتح حسابات بنكية للمنظمات الأهلية المسجلة حديثًا على الرغم من حصولها على شهادات التسجيل المطلوبة من وزارة الداخلية برام الله.
ونوهت إلى أن ذلك الأمر يقوض حقها في الحصول على حساب بنكي كما نص عليه قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) للعام 2000.
ورحبت الشبكة بتأكيدات رئيس حكومة فتح محمد اشتيه وبصفته وزيرا للداخلية على علاقة الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، داعيةً إياه إلى مراجعة الإجراءات التي من شأنها تقويض عمل المنظمات الأهلية، مطالبةً إياه برفع القيود عن الحسابات البنكية للمنظمات الأهلية، وتسهيل عملها.
وفي التعقيب على ذلك قال ماجد العاروري الكاتب المختص في حقوق الإنسان إن أبرز التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في المرحلة الحالية هو إغلاق الحسابات البنكية لعدد من منظمات قطاع غزة، إذ توقف بنوك القطاع حسابات بعض المنظمات لأسباب مختلفة.
وأضاف العاروري في مقال له أن التشدد في تعامل وزارة الداخلية مع منظمات قطاع غزة يترافق مع الأزمة المالية التي تعاني منها مختلف المنظمات الأهلية، فغالبية مصادر التمويل توقفت، بعد أن اتجه المانحون إلى بلدان أخرى، ويبدو أن ما تبقى من مصادر في طريقها للتحول إلى بلدان أخرى، فيما الحكومة لا تقدم أي مصادر تمويليةٍ للمنظمات الخيرية، بل تنظر الحكومات بعين الحسد إلى هذه المنظمات وكأنها تقتطع مساعداتٍ هي بالأصل مخصصة للحكومة.
وأوضح أن على الحكومة الفلسطينية أن تعي بجديةٍ أكبر أهمية مؤسسات المجتمع المدني ودورها، وأن لا تتعامل معها كمنافسٍ أو نقيض، وأن تعيد نظرتها إلى هذه المؤسسات، وأن توعز فورًا إلى سلطة النقد بالإيعاز رسميًا للبنوك بتسهيل عمليات فتح حساباتٍ بنكيةٍ للمنظمات الأهلية، ورفع تجميد حسابات المنظمات القائمة، وأن تسرع وزارة الداخلية في رام الله بإجراءات اعتماد مجالس الإدارة، فبمثل هذه الإجراءات يمكننا أن نحمي مؤسسات المجتمع المدني من الانكسار.
وحاولت "الرسالة" التواصل مع عدد من هذه المنظمات المتضررة من قرارات وزارة الداخلية برام الله، كمستشفى الوفاء للتأهيل ومستشفيات الخدمة العامة، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على تصريح من إدارة المنظمتين.