قال مراسل الجزيرة في لبنان نقلا عن مصادر حكومية إن الحكومة اللبنانية ستجتمع غدا الاثنين لمناقشة الورقة الاقتصادية التي أعدها رئيس الوزراء سعد الحريري، في محاولة لاحتواء الاحتجاجات المتواصلة لليوم الرابع على التوالي.
وعقد الحريري في وقت سابق اليوم اجتماعا وزاريا مصغرا مع عدد من الوزراء يمثلون حركة أمل وحزب الله وتيار المردة والتيار الوطني الحر.
وناقش المجتمعون الورقة الاقتصادية التي قدمها الحريري للقوى السياسية الممثـلة بحكومته تتضمن المطالب الشعبية.
ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر بالحزب التقدمي الاشتراكي قوله إنهم قدموا للحريري ورقة اقتصادية أيضا، تتضمن مقترحات إجرائية فورية قد تسهم في إيجاد حل للأزمة.
وقال زعيم الحزب وليد جنبلاط عبر تويتر إن الاقتراحات التي قدمها الحزب تشكل مدخلا لحل الأزمة في لبنان، مضيفا "أعلم أننا سنواجه بالرفض والتخوين لكن علينا أن نتحمل كل انتقاد من المتظاهرين".
من جانبه، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إن عدم استقالة الحكومة يعتبر خطأ كبيراً، ودعا إلى تشكيل حكومة تكنوقراط.
وأضاف جعجع خلال مؤتمر صحفي عقده في معراب "توصلنا إلى قناعة أن هذه الحكومة عاجزة عن اتخاذ الخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي المتفاقم" مشيرا إلى أنّ حزبه قرر الطلب من وزرائه التقدم باستقالتهم.
وأعلن الحزب الليلة الماضية استقالة وزرائه الأربعة من الحكومة، في خطوة قلل المعتصمون من شأنها.
في المقابل، قال وزير الصناعة وائل أبو فاعور إن وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي لن يستقيلوا لأن استقالة الحكومة في الوقت الراهن ستقود البلاد إلى انهيار مالي واقتصادي.
وأوضح خلال مؤتمر صحفي في بيروت أنه رغم عدم وجود نية بالاستقالة، فإن استمرار وزراء الحزب في الحكومة مرهون بتنفيذ بعض مطالب المتظاهرين، وأنها قُـدمت لرئيسي الوزراء ومجلس النواب.
بموازاة ذلك، دعا اتحاد نقابات العمال والمستخدَمين في لبنان إلى الاستمرار في الإضراب العام والمشاركة في الاعتصامات في جميع أنحاء البلاد لإسقاط ما وصفها بالسلطة الفاسدة. وطالب الاتحاد في بيان أصدره اليوم باستعادة الأموال المنهوبة ووقف الهدر والفساد.
مظاهرات متواصلة
ولليوم الرابع على التوالي خرجت مظاهرات في مختلف المناطق منها وسط العاصمة بيروت، وطرابلس شمالي البلاد، وجبيل وصيدا وصور. ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية الحاكمة ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
وفي طرابلس شمالي لبنان امتلأت الساحات العامة بالمتظاهرين المحتجين على الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد.
وتدفق المحتجون على الشوارع في مسيرات غلب عليها الطابع الاحتفالي. وأغلقت المحال التجارية والمدارس والمصارف أبوابها، وأعلنت جمعية المصارف اللبنانية أن جميع البنوك ستكون مغلقة غدا الاثنين بسبب الاحتجاجات.
وحمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية، ورددوا هتافات تطالب برحيل نخبة سياسية يتهمونها بالمسؤولية عن تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان.
واندلعت الاحتجاجات بدافع الغضب من ارتفاع تكاليف المعيشة وخطط فرض رسوم جديدة منها رسوم على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب، وهي خطوة تراجعت عنها السلطات سريعا بعد تفجر أكبر احتجاجات في البلاد منذ عقود.
وبعد تفاقم الأوضاع، أمهل رئيس الوزراء الشركاء السياسيّين مدّة 72 ساعة تنتهي مساء غدا لتقديم حلول للإصلاح الاقتصادي والاستجابة للمطالب الشعبيّة.
وشركاء الحريري بالحكومة هم: التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفاؤهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، والمطلوب منهم تأكيد التزامهم بالمضي في إصلاحات تعهدت الحكومة القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار.
وسجل الاقتصاد عام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0.2%، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في إجراء إصلاحات بنيوية في بلد يعاني من الديون والفساد.
ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي.