عقد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أمس الجمعة لقاء بالرئيس ميشال عون في قصر بعبدا لبحث الأزمة في البلاد، وغادر دون أن يدلي بأي تصريح.
في غضون ذلك، تتواصل الاعتصامات الليلية في عدد من الساحات في العاصمة اللبنانية بيروت وعدد من المدن الأخرى، في اليوم العاشر من الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الحكومة والإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد؛ بينما جدد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تحذيره من الانزلاق نحو الفوضى والحرب الأهلية.
ففي مدينة طرابلس شمالي لبنان، طالب المتظاهرون برحيل الحكومة ومحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية، ودعوا إلى محاسبة بعض رموز الطبقة الحاكمة الذين يتهمونهم بإفساد الحياة السياسية والاغتناء غير المشروع، كما عبروا عن رفضهم لبعض ما اقترحه بعض الساسة والمسؤولين من حلول لإنهاء هذه المظاهرات، وقالوا إنها غير كافية ولا تلبي مطالبهم.
وقد تحولت الساحة الرئيسية لمدينة طرابلس في شمال لبنان إلى مركز رئيسي للمظاهرات التي يحتشد فيها آلاف الناس يوميا للمطالبة برحيل النخبة السياسية في البلاد، ويرى المتظاهرون أن ساحة النور وسط المدينة استقطبت أنظار اللبنانيين لأنها ألهمت كثيرا من المواطنين للنزول إلى الشارع في مناطق مختلفة من لبنان.
كما شهدت مدينة صيدا جنوبي لبنان اعتصاما ليليا نفذه محتجون للمطالبة بالثبات على ما قالوا إنها مطالب الشعب اللبناني، وتتمثل في تنحي الطبقة السياسية الحالية وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وسجل أمس الجمعة تجمع آلاف اللبنانيين في العاصمة بيروت وطرابلس وصيدا والنبطية وصور وجل الديب وغيرها من الأماكن، للمطالبة بتنحي الطبقة السياسية ومحاربة الفساد، وأفاد مراسل الجزيرة بوقوع اشتباكات بين المعتصمين ومجموعة موالية لحزب الله في ساحة رياض الصلح وسط العاصمة.
وأشار المراسل إلى أن الخلاف نشب بين الجانبين على خلفية إطلاق شعارات ضد فساد الطبقة السياسية الحاكمة، وتدخلت قوات مكافحة الشغب لفض الاشتباك والفصل بين الجانبين. وقطع محتجون عددا من الطرق صباح الجمعة ولا سيما تلك التي تربط بيروت بالمحافظات الأخرى.
وقال الجيش اللبناني إن بعض الممارسات المسيئة والمخالفة للقوانين تكررت من بعض المعتصمين في الطرق تجاه مواطنين وعسكريين أثناء تنقلاتهم، وحذر الجيش -في بيان- من اللجوء إلى هذه الوسائل.
في المقابل، انطلقت مواكب سيارة في معاقل حزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك شرقا وصور جنوبا رافعة أعلام الحزب، للتعبير عن تأييدها لما قاله نصر الله في خطابه الثاني منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
كما تظاهر مؤيدون للتيار الوطني الحر وللرئيس اللبناني في بلدة البطرون (جنوب مدينة طرابلس)، للتعبير عن دعمهم للرئيس.
نصر الله والحراك
وقد رفض الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله المطالب بإسقاط العهد واستقالة الحكومة وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وقال إن أي حل للأزمة يجب أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في فراغ سياسي، وحذر من أن ذلك سيؤدي إلى فوضى أمنية وانهيار، كما أشار إلى أن لبنان دخل فيما وصفها بدائرة الاستهداف السياسي.
ودعا نصر الله أنصار حزبه للبقاء بعيدا عن الاحتجاجات في أنحاء لبنان، والتي تستهدف الإطاحة بالنخبة الحاكمة في البلد، وعبّر عن خوفه من دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية.
وفي مدينة صور (جنوب)، قال مراسل الجزيرة محمد رمال إن الوضع هادئ مع استمرار الاحتجاجات المناوئة للطبقة السياسية، وأضاف أن هناك مخاوف لدى المتظاهرين من تداعيات خطاب نصر الله وتشكيكه في عفوية وأهداف الحراك الاحتجاجي، ولا سيما احتمال اللجوء إلى محاصرة الاحتجاجات في منطقة صور التي تعد من مناطق نفوذ حزب الله وحركة أمل التي يقودها رئيس البرلمان نبيه بري.
وفي مدينة طرابلس (شمال)، قال مراسل الجزيرة إيهاب العقدي إن الرد على خطاب نصر الله كان الرفض، إذ توافد المزيد من المتظاهرين إلى وسط ثاني أكبر مدينة في البلاد، مؤكدين ضرورة رحيل كافة الطبقة السياسية الحاكمة لأنها المسؤولة عن تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد.
يذكر أن شرارة احتجاجات لبنان اندلعت عقب عزم حكومة سعد الحريري على إقرار موازنة للعام المقبل متضمنة ضريبة على اتصالات الإنترنت، ولا سيما واتساب، فضلا عن زيادات في ضرائب أخرى، لتخرج احتجاجات رافضة لهذه الضريبة وتردي الوضع المعيشي، وقد توسعت الشعارات بسرعة للمطالبة باستقالة الحكومة وإسقاط النظام برحيل كافة الطبقة الحاكمة.