بعد التظاهرة المليونيّة التي شهدتها العاصمة التشيليّة، سانتياغو، متوجّة احتجاجات الأسبوع الأخير غير المسبوقة ضد الفوارق الاجتماعيّة، أعلن رئيس البلاد، اليوم، السبت، عن تعديل "وزاري واسع"، بينما أعلن الجيش رفع حالة الطوارئ، وسط ترقّب لردّ فعل الشارع.
تعديل وزاري واسع ورفع حالة الطوارئ
أعلن الرئيس، سيباستيان بينيرا، السبت، عن تعديل وزاري واسع، وقال "طلبت من كافة الوزراء تقديم استقالاتهم لنتمكن من تشكيل حكومة جديدة والاستجابة لهذه المطالب الجديدة"، كما أعلن إلغاء حالة الطوارئ، الأحد، إذا "سمحت الظروف".
بينما قال الجيش التشيلي إنّ "الظروف الحالية تتيح لنا اتخاذ قرار برفع حظر التجول في المنطقة الإدارية (للعاصمة)، اعتبارًا من الآن".
كانت السلطات قد فرضت حظر التجول الليلي في العاصمة في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، عقب أعمال شغب وعنف أدت إلى موجة احتجاجات غير مسبوقة في البلاد، ثم قلّصت السلطات حظر التجول الليلي إلى خمس ساعات، بدلا من عشر ساعات.
وانفجر الغضب الاجتماعي الذي تجسد بتظاهرات عنيفة وعمليات نهب، بعد إعلان زيادة نسبتها 3,75 بالمئة في رسوم مترو سانتياغو، لكنه لم يهدأ بعد تعليق هذا الإجراء.
واتسعت الحركة التي يتسم المشاركون فيها بالتنوع ولا قادة واضحين لها، يغذيها الاستياء من الوضع الاجتماعي والتفاوت في هذا البلد الذي يضم 18 مليون نسمة.
والجمعة، تظاهر أكثر من مليون شخص في تشيلي، في تعبئة تاريخية للاحتجاج على التفاوت الاجتماعي، معززين بذلك الضغط على الحكومة.
وبعد اسبوع على بدء موجة احتجاج غير مسبوقة منذ عقود، في بلد يعتبر من أكثر دول أميركا اللاتينية استقرارا، لا يبدو أن الاحتجاج سيتراجع.
وعبرت حاكمة منطقة سانتياغو، كارلا روبيلار، عن "تأثّرها" للمشاركة الكثيفة في هذه التظاهرة، التي جمعت "أكثر من مليون شخص في سانتياغو ومناطق عدة في البلاد".
وقبيل ذلك، كتبت بلدية سانتياغو في تغريدة أن "أكثر من 820 ألف شخص"، متجمعون في وسط العاصمة.
وفي أول رد فعل له، أكّد الرئيس بينييرا أنه "سمع الرسالة" التي أطلقها المحتجون، وكتب على تويتر أن "الحشد الفرح والسلمي يتظاهر اليوم مع تشيليين يريدون تشيلي أكثر عدالة وتضامنا، وهذا يفتح طرقا كبيرة للمستقبل والأمل"، وأضاف "سمعنا الرسالة".
وذكر صحافيون أنّ المتظاهرين رفعوا أعلام تشيلي، وردّدوا أغاني شعبية تعود إلى عهد الديكتاتور أوغستو بينوشيه (1973-1990)، في ساحة إيطاليا، التي أصبحت مركز الحركة الاحتجاجية، وكذلك في الكثير من الشوارع المجاورة لها.
وتظاهر عشرات الآلاف من المحتجين في مدن كبيرة أخرى في تشيلي.
وعلى الرغم من انتشار نحو عشرين ألفا من رجال الشرطة والجيش، جرت التظاهرة في أجواء احتفالية في العاصمة، بينما ما زالت سانتياغو ومدن أخرى في البلاد تخضع لحالة الطوارئ.
وتتناقض هذه الأجواء مع أعمال الشغب التي اندلعت قبل أسبوع، وتمثلت بعمليات نهب وتخريب لعشرات من محطات المترو والوقود والمحلات التجارية.
وفي نهاية التظاهرة ،جرت حوادث متفرقة قبل بدء تطبيق منع التجول من الساعة 23:00 إلى الساعة 04:00، لليوم السابع على التوالي في سانتياغو التي يبلغ عدد سكانها 7,5 ملايين نسمة.
ولم يؤد إعلان الرئيس عن سلسلة من الإجراءات الاجتماعية، الثلاثاء، واعترافه بأنه لم يتوقع الأزمة وطلبه "الصفح" من مواطنيه، إلى النتيجة التي كان يأملها.
وفي محاولة لخفض حدة التوتر، أعلن الرئيس المحافظ أن السلطات "تعمل على خطة لتطبيع الحياة في بلادنا، لنتمكّن من وقف اللجوء إلى حظر التجول وإلى رفع حالة الطوارئ".
وبعيد هذا الإعلان، تم تقليص حظر التجول الذي فرض ليل الأربعاء الخميس إلى خمس ساعات، بدلًا من عشر ساعات في الليالي السابقة.
وقال الخبير السياسي في جامعة سانتياغو، مارتشيللو ميلا، إنّ التعبئة الهائلة التي جرت الجمعة "تشكل علامة بعد ثلاثين عاما اتسمت بتراجع متزايد في الاهتمام بالسياسة منذ 1989، مع بدء الانتقال السياسي الذي أنهى حكم أوغستو بينوشيه"، وأضاف أن الحركة "تدعو القادة السياسيين إلى الدفع باتجاه تغييرات عميقة في نموذج التنمية الرأسمالي. نوع من انتقال ثان".