عسقول: نسعى جاهدين لتوفيرها بالحد المطلوب
الإسلامية: لا يمكن حصر المنح الدراسية المقدمة
الأمة: فتحنا باب التسجيل لمدة أطول لمواجهة الأزمة
الأزهر: نواجه أزمة مالية كبيرة
غزة- أحمد الكومي
ماتت بصفحات الكتاب قراءاتي .. واستسلمت لرياح الصفر علاماتي
جفت على باب التسجيل أوردتي .. وما أثمرت شيئاً محاولاتي
أصيح يا شؤون الطلاب ساعدوني .. والله لم تسمع يوماً نداءاتي
وانت يا جامعتي ألا تبت يداك .. إذا آثرت طردي وأخذ كل ممتلكاتي
هي أبيات شعرية نظمها الطالب في جامعة الأزهر "رائد النواجحة "والتي تعكس واقع المعاناة التي يعيشها زملاؤه من طلبة الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة الذين أبدعوا في التغني بالأشعار والأهازيج التي تصف معاناتهم على مر الزمان، في صورة تعكس مدى سوء الوضع الاقتصادي في غزة.
الطالب الواجحة عبر عن استيائه من الوضع الاقتصادي الذي يعيشه قطاع غزة بعد الحصار الاسرائيلي الذي دخل عامه الخامس وما يحمله من تأثيرات سلبية على حياة كل طالب جامعي، وقال إن هناك الكثير من الطلاب أمثاله لا يأخذون حقهم في المنح الدراسية في ظل الأزمة الخانقة لدي أولياء أمورهم خاصة وأن الغالبية العظمي منهم يعانون البطالة المزمنة، مطالباً الجهات المسئولة بالعمل على إعفاء جميع الطلبة باختلاف مستوياتهم حتى يتمكنوا من تجاوز مرحلة الدراسة، والوصول الى مرحلة الانتاج.
في المقابل تقول الطالبة " سناء محمد " في العام الرابع من دراستها في جامعة الأزهر إن عليها رسوم كثيرة متراكمة، ولن تستطيع الحصول على شهادة التخرج إلا إذا سددت جميع الرسوم بحسب قوانين الجامعة، مشيرة إلى أن ما تقدمه الجامعة من منح وقروض للطلبة يعتبر حلا جزئيا ناقصا، لا يغني ولا يسمن من جوع.
وأكدت الطالبة سناء أن هناك الكثير من الطلبة يؤجلون دراستهم من فصل إلى آخر، بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم، مناشدة إدارة الجامعة بالبحث الجدي عن حلول لهذه المشكلة.
" الرسالة " سلطت الضوء على مسألة الرسوم الجامعة والمنح الدراسية التي تحولت إلى هستيريا تنتاب الجامعات الفلسطينية وأولياء الأمور معاً، مع الفارق بين الحالتين، فإدارات الجامعات تحاول تحصيل أكبر قدر ممكن من الرسوم بشتى السبل، بينما أولياء الأمور في حيرة من أمرهم لهذا التصاعد المستمر في الرسوم.
سباق غير متكافيء أرهق أولياء الأمور مادياً، وأفرغ الجامعات من مفهوم القيم التربوية، فما هي أسباب ارتفاع الرسوم الجامعية المحموم؟ وكيف يتم توزيع المنح الدراسية وتقسيمها على الطلبة؟
معركة مستمرة
أزمة الرسوم والمنح الدراسية في الجامعات ليست وليدة هذا العام، أو الأعوام السابقة، ولكنها مستمرة منذ نشأة الجامعات,ومع بداية كل فصل لا بد من احتدام "المعركة" النقابية الطلابية، وكانت تُحلّ القضية على قاعدة "الكل يعمل من أجل مصلحة الجامعة".
الدكتور كمال غنيم عميد شئون الطلبة بالجامعة الإسلامية أكد أن جامعته تتلقي منحاً دراسية كبيرة من المؤسسات الخيرية العاملة في قطاع غزة وخارجه، مضيفاً:" لا يمكن حصر المنح الدراسية المقدمة ".
وقال إن جامعته تضاهي كافة الجامعات العاملة في قطاع غزة فيما يتعلق بالرسوم الجامعية، مؤكدأ أن الرسوم مخفضة بشكل كبير ومحافظة على مستواها على خلاف الجامعات الأخري رغم الظروف الإقتصادية الصعبة.
وأوضح غنيم أن الجامعة الإسلامية تعد من أكثر الجامعات الفلسطينية تقديما للمساعدات المالية للطلاب والطالبات، لافتاً إلى أن أكثر من 60% من طلاب الجامعة يحصلون على مساعدات ومنح مالية بشكل متواصل.
ومع تفاقم الأزمة المالية خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل، كان لا بد من إعادة تشخيص حقيقي لأسباب هذا العجز، ودور المجتمع بشكل عام في إيجاد الحلول لاستمرار الجامعات الفلسطينية، فعلت الأصوات المطالبة بتخفيض حد الرسوم الجامعية والوقوف بجانب الطالب الجامعي في كافة الصعوبات التي يمر بها.
وفي هذا السياق قال الدكتور غنيم إنه من الصعب على الجامعة الإسلامية تخفيض الرسوم الجامعية لأن الرسوم مخفضة بشكل كبير ومعقول على خلاف الجامعات الأخرى, حسب قوله.
وحول المنح الدراسية المقدمة من الجهات المانحة من داخل القطاع أو خارجه شدد غنيم على أهمية هذه المنح في دعم مسيرة العلم والتعليم ومساعدة الطلبة على استكمال دراستهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، معبراً عن أمله في استمرار عطاء المؤسسات المانحة لمساعدة الطلبة على مواصلة دراستهم.
وأكد أن الجامعة الإسلامية تقدم منحاً دراسية للطلبة من باب تحفيزهم ودفعهم لمواصلة مسيرتهم التعليمية.
وكشف عميد شئون الطلبة عن ابتكار الجامعة الإسلامية نظام الكتروني محوسب صممه مختصون الكترونيون يستطيع أن يحوسب بيانات الطلاب وفق المعايير الالكترونية، وبشكل مبسط من داخل الجامعة أو خارجها.
جهود الوزارة
الحكومة الفلسطينية وعدت بتقديم منح دراسية للطلبة المتفوقين في الثانوية العامة بالإضافة إلى توظيف في الجامعات الفلسطينية حرصاً منها على تخفيف عبء الحصار الإقتصادي على قطاع غزة.
وفي هذا الصدد أكد الدكتور محمد عسقول وزير التربية والتعليم في الحكومة في تصريح سابق له، وجود اتصالات تجريها الوزارة مع العديد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية، لتوفير منح دراسية لطلبة الثانوية العامة والماجستير والدكتوراه، والدورات المتخصصة في شتى العلوم والتخصصات.
وقال إن الوزارة تبذل جهدأ دؤوباً يبذل في موضوع المنح الدراسية كون قطاع غزة حرم منذ ثلاثة أعوام من هذه المنح الدراسية والتعليمية، مشدداً على أن الوزارة ستعمل على الاستفادة من سفن كسر الحصار والوفود التي تأتي على غزة من اجل استثمار جهودهم ودعمهم في تلبية احتياجات الوزارة المختلفة وفي مقدمتها المعدات والاحتياجات المدرسية.
مساعدات متقطعة
الجامعات بمختلف أقسامها وكلياتها الدراسية تتبع طرقاً وأساليب مختلفة لمساعدة الطلبة في محنتهم الدراسية المتواصلة.
وفي ذات الصدد قال الأستاذ كمال مرتجى مدير شئون الطلبة بجامعة الأزهر أن جامعته تساهم في التخفيف عن الطالب الفلسطيني من خلال الإعفاءات الجامعية المقدمة من عدد من الجمعيات الأهلية والخيرية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الجامعة تقدم 23 نوعا من الإعفاءات لكافة التخصصات الدراسية في الجامعة.
ولفت إلى ان الجامعة تواجه أزمة مالية نتيجة تأخر الطالب في دفع الرسوم الدراسية المستحقة، مطالباً بضرورة تقديم يد العون والمساعدة العاجلة للطالب الفلسطيني.
وأوضح مرتجي أن الكثير من طلبة جامعة الأزهر بغزة يواجهون عبئاً مالياً كبيراً، لافتاً إلى أن طلاب كلية الطب في الجامعة هم أكثر الطلاب تضرراً بفعل الحصار المفروض، وقال إن كل طالب يدرس في كلية الطب يدفع للجامعة مبلغ 1400 دينار كل فصل دراسي مدته 4 شهور فقط.
وأوضح أن جامعة الأزهر تتلقى العديد من المنح الدارسية والمساعدات المالية من مختلف المؤسسات المدنية، مبيناً أن آخر منحة تلقتها الجامعة كانت مقدمة من جمعية الرحمة الكويتية للإغاثة والتنمية والذي قدمت منحاً جزئياً لـ80 طالباً جامعيا، وأشار إلى أن الجمعية تعهدت بكفالة عدد من طلاب الجامعة مع بداية كل فصل دراسي جديد.
وفي ذات الموضوع قال نصر مدوخ عميد شئون الطلبة في جامعة الأمة بغزة إن جامعته لا تلزم الطالب الفلسطيني بدفع كافة الرسوم المترتبة عليه، لافتاً إلى أن الحد الأدني لكل طالب جامعي يدرس في الجامعة يصل إلى 6 ساعات.
وقال إن سعر الساعة الدراسية يصل إلى 15 دينارا لمختلف التخصصات الدراسية، مشيراً إلى أن الجامعة تقدم رزماً كبيرة من المنح لا تقدمها غيرها من الجامعات في قطاع غزة حسب قوله.
وحول السياسة التي تتبعها مختلف الجامعات الغزية للهروب من الأزمة المالية برفع سعر الساعة الدراسية نفى مدوخ أن وجود أي سياسة أو مخطط لارتفاع سعر الساعة لدى جامعة الأمة ، موضحاً أن الجامعة تواجه أزمة مالية كنظيراتها من الجامعات الأخرى وذلك بسبب اعتماد الجامعة على الرسوم الجامعية التي يدفعها الطلبة لقاء إكمال مسيرتهم التعليمية.
وبين مدوخ أن الجامعة تقدم منحاً مالية تصل إلى مبلغ 100 ألف دينار سنوياً، مضيفاً:" الجامعة تقدم منحاً كاملة لطلاب الثانوية العامة الذين يحصلون على معدل 90% فما فوق، بالإضافة إلى الإعفاء الأخوي وحفظة كتاب الله".
وللوقوف بجانب الطالب الفلسطيني في محنته أكد عميد شئون الطلبة أن الجامعة مددت موعد نهاية التسجيل للفصل الجديد بهدف تمكين الطلبة وأولياء أمورهم توفير الرسوم الجامعية المطلوبة.
المجالس الطلابية
وللوقوف على الدور الذي تقوم به مجالس اتحاد الطلبة في التخفيف عن كاهل الطلاب ومساعدتهم في الحصول على المنح الدراسية والإعفاءات التقت "الرسالة" عبد الرحمن الفرا رئيس مجلس طلاب الجامعة الإسلامية، والذي بدوره أكد أن الشعب الفلسطيني يعيش أزمة اقتصادية خانقة ألقت بظلالها على طلاب الجامعات الذين أصبحوا غير قادرين على توفير الرسوم الجامعية ومستلزماتهم الدراسية مما قد يحول دون إكمال العديد منهم دراسته في الجامعة.
وكشف الفرا عن تلقي الجامعة الإسلامية لمبلغ مالي كبير على شكل هبات مالية قدرها 100 الف دينار للطلاب المحتاجين، مبيناً أن هذه الهبات تم توزيعها وتقسيمها على الطلبة بناء على استمارة البحث الاجتماعي القائمة على معلومات رسمية وارشيف حكومي.
ولفت الفرا إلى أن الجامعة الإسلامية كان لديها نية سابقة برفع سعر الرسوم الجامعية بمعدل 3 دنانير للساعة الدراسية الواحدة بحجة ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية وازدياد عدد الهيكل الدراسي، مؤكداً أن مجلس الطلاب كثف من جهوده لمطالبة إدارة الجامعة بالعدول عن قرارها والنظر بعين الرأفة للطالب الجامعي في ظل الوضع الإقتصادي والمالي المدقع.
وأضاف:" بعد الضغط على مجلس الإدارة وعرض بعض القضايا الطلابية من الفئات المحتاجة، والتواصل المكثف مع الشخصيات الحكومية المؤثرة في المجتمع الفلسطيني استجابت الجامعة لمطالبنا وتراجعت عن قرارها في خطوة أولية لمساندة الطالب في محنته الدراسية".
وحول أبرز نشاطات مجلس طلاب الجامعة الإسلامية على صعيد مساعدة الطالب في تيسير أموره الدراسية كشف الفرا عن اطلاق المجلس لحملة الكتاب الجامعي بهدف مساعدة الطالب في توفير كتبه الدراسية الجديدة، بالإضافة إلى افتتاح دورات تدريبية وتعليمية وثقافية لكافة طلبة الجامعة الإسلامية.
في النهاية شكلت المنح الدراسية إحدى المحددات التي تهيء ظروف ومتطلبات الطالب الجامعي الفلسطيني، لدرجة أن أصبح أول ما يفكر فيه الطالب في هذه المرحلة هو مدى كفاية المنحة التي سيتقاضاها إن كان هو من المحظوظين وكان له نصيب منها.
ولكن للأسف بقدر ما أعانت المنح الكثير من الطلبة يبقى وراء الستار طلاب لا يعلم عن معاناتهم أحد لأن أسباب عدم قبولهم في المنح الدراسية تبقى قيد شروط لا ذنب لهم بها . وللأسف أن هناك طلابا لا يحصلون على الدرجات التي تخولهم الحصول على منح دراسية ويحصل عليها آخرون لهم الحق في ذلك بمجرد اتصال هاتفي لمسؤول ما أو واسطة من تلك الذهبية التي لا يمكن رفضها مطلقا، ولكن من يقنع النعامة أن دفن رأسها في التراب لا يحميها من الخطر ؟!