أشارت مراجعة منهجية جديدة إلى أن الأدوية المضادة للالتهابات، مثل الإيبوبروفين والأسبرين، يمكنها مكافحة الاكتئاب الشديد بشكل فعال، ويمكن أن تكون بديلا أكثر أمانا من مضادات الاكتئاب.
ووفقا لخبر نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، فقد خلصت مراجعة منهجية حللت 30 دراسة شملت 1610 شخصا، إلى أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية كانت أكثر فاعلية بنسبة 79 في المئة في مكافحة الاكتئاب الشديد من العلاج الوهمي.
وقال الخبر، إن العلماء من جامعة "هواتشونغ" للعلوم والتكنولوجيا في الصين، خلصوا إلى أن "العوامل المضادة للالتهابات تظهر آثارا واعدة" في مكافحة الاكتئاب، مطالبين في الوقت ذاته بمزيد من الأبحاث والدراسات طويلة الأمد؛ لتأكيد صحة نتائجهم من عدمها.
ووجدت المراجعة أيضا أن مضادات الالتهاب الأخرى، مثل الستاتين وأحماض أوميغا 3 الدهنية، تحارب الاكتئاب أيضا، لافتين إلى أن هذه الأدوية تزيد من فعالية مضادات الاكتئاب عند أخذهما معا.
وذكرت الصحيفة أن المعالجة الحالية للاكتئاب تتركز إلى حد كبير حول استعادة المواد الكيميائية المعززة للحالة المزاجية في الدماغ مثل السيروتونين، لكن الخبراء يعتقدون الآن أن السبب قد يكون وجود جهاز مناعي مفرط يؤدي إلى التهاب في جميع أنحاء الجسم، ما يثير مشاعر اليأس والتعاسة والإرهاق.
وبينت الدراسة أن الأمر مشابه لتدني الحالة المزاجية، لافتة إلى أنه غالبا ما يتعرض الناس لها عندما يقاتلون فيروسا، مثل الإنفلونزا.
ولاحظ الأطباء أولا وجود صلة بين الالتهاب والاكتئاب، ووجدوا أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاحات غالبا ما يشعرون بالكآبة، حيث يتفشى نظام المناعة لديهم بعد الوخز بالإبر.
وبالمثل، فإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، حيث يكون الجهاز المناعي خارج عن السيطرة، هم أكثر عرضة لتشخيص الاكتئاب. وذكرت العديد من الدراسات أن علامات الالتهاب تثار عند الأشخاص المصابين بالاكتئاب، لكنها تسقط كلما تحسنت.
وقال البروفيسور "آلان كارسون"، من مركز علوم المخ السريرية، جامعة إدنبرة في إسكتلندا، الذي قام بتحرير المقال الذي نشر في مجلة جراحة الأعصاب والطب النفسي: "الاكتئاب قد يكون ببساطة الثمن الذي ندفعه لوجود نظام مناعي".
وأضاف: "يطلق الجهاز المناعي استجابة التهابية عندما يشعر بأنه مهدد، ما يؤدي إلى تغييرات واسعة النطاق في الجسم، مثل زيادة خلايا الدم الحمراء، تحسبا لأنه قد يحتاج إلى شفاء الجرح قريبا".
وتعليقا على المراجعة، قال البروفيسور "إد بولمور"، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة كامبريدج: "هذا يجب أن يشجع على مزيد من النظر في الطرق التي يمكننا من خلالها استخدام مجموعة من التدخلات المضادة للالتهابات لمساعدة المصابين بالاكتئاب، ربما بشكل خاص الأشخاص الذين يتناولون بالفعل دواء تقليديا مضادا للاكتئاب بفوائد محدودة".
من جهته، قال البروفيسور "ديفيد كورتيس"، استشاري الطب النفسي والأستاذ الفخري في جامعة كوينزلاند الأمريكية: "قد يكون أكثر خطورة وصف مضادات الالتهابات على المدى الطويل".
وأضاف: "بالنظر إلى أن الشخص يحتاج إلى علاج لعدة أشهر، فلا أرى أنه من المنطقي الدعوة إلى علاج المرضى المصابين بالاكتئاب بأدوية يحتمل أن تكون خطرة أو ذات آثار ضعيفة في أحسن الأحوال، بدلا من مجرد استخدام مضادات الاكتئاب، التي هي في الواقع آمنة وفعالة".
من جهتها، نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن البروفيسور ديفيد كورتيس، الأستاذ الفخري في جامعة لندن كوليدج، الذي لم يشارك أيضا في المراجعة، قوله: "من المضلل تماما اعتبار استخدام العوامل المضادة للالتهابات بأنه آمن دائما".
وأضاف: "أكثر العوامل المضادة للالتهابات فعالية هي مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وعلى الرغم من أن المشاكل نادرة، إلا أن الآلاف من الأشخاص يموتون كل عام من الآثار الجانبية لهذه الأدوية، التي عادة ما يتم تناولها من أجل الألم المزمن، وتكون خطرة بشكل خاص إذا تم تناولها لفترات طويلة من الزمن".