قائد الطوفان قائد الطوفان

"ناقة صالحة" رائحة الصحراء بين السطور

"ناقة صالحة" رائحة الصحراء بين السطور
"ناقة صالحة" رائحة الصحراء بين السطور

رشا فرحات

تهت في عالم الصحراء البديع، شممت روائح الإبل والأعشاب، والحناء بين سطور عالم كنت أراه مخيفا كالبحر في غرابته وغموضه ورعبه، ولكن قلم سعود السنعوسي البديع جعلني أعقد اتفاقية سلام مع الصحراء، بكل تلك الأسماء والتعريفات والمعلومات التي اكتسبتها من رواية "ناقة صالحة"

رواية خفيفة الظل، من 170 صفحة، لكنها تحوي كثيرا من المعلومات الدسمة والحبكة الجميلة الملفتة لحقبة تاريخية ربما لا نعرف عنها كثيرا وهي تلك البيئة التاريخية والجغرافية التي توترت فيها العلاقات بين قبائل آل صباح من الكويت وقبائل آل رشيد، حتى انتهت بمعركة الصريف.

ولقد أعجبني السنعوسي باتخاذه موقف المحايد في ذكر المعركة وخلفياتها السياسية وذكرها كمعلومات لا بد من وجودها حتى لا ينجر القارئ للتركيز على غير القصة الرئيسية وهي قصة الحب البدوية الهادئة بين دخيل وصالحة.

وفي هدوء الحرف وجمال الجملة والتعبير يصف سعود قصة حب جميلة بين صالحة وابن خالها دخيل، إضافة الى حب آخر وهو حب صالحة لناقتها وعلاقتها معها بل والطرق الصحراوية الأصيلة لترويض النوق وصفاتها وطرق التعامل معها، وصولا إلى أسباب عشقها.

بدأت الحكاية بالشيخ محمد التاجر الذي يأتي من البادية ليبيع بعض ما يصنعه الأعراب في أسواق مدينة الكويت التي بدأت تفقد ملامحها البدوية وتتحول إلى مدينة حضرية، فيصف الفروقات والناس، ويلمح للعداءات القديمة بين قبيلته وحكام المدينة.

وتتتابع الفصول وتفاصيل القصة حينما يترك صالح زوجته وابنه وحدهما فيما أسماه بين السطور" ديار صالحة" مع ناقتها وصغيرها، ليلتحق بصفوف المقاتلين في معركة الصريف بين ابن عمها "زوجها"، ورجلها الذي تحب ابن خالها "دخيل".

تصل الأخبار لاحقا إلى صالحة، وتعلم باحتضار زوجها فتتوجه دون تفكير راكبة ناقتها إلى حيث الكويت، دون دليل أو معين على الطريق سوى آثار حصان زوجها والشمس التي تعود البدو على اتخاذها دليلا في أسفارهم.

إنها رواية غريبة، خرجت منها بالكثير من التساؤلات عن كثير من المشاعر التي لا أدري لها تفسيرا، جذبتني، وحلقت في جمال الحرف، وتعرفت على كثير من الأشخاص، إنها رحلة عبر الصحراء بكل معنى الكلمة.

أما الكاتب فهو سعود السنعوسي، روائي كويتي، حاز على جائزة البوكر العربية عن روايته ساق البامبو عام 2012، وترجمت إلى عدد من اللغات العالمية. ثم نشر روايته الثانية «فئران أمي حصة» عام 2015 التي منعت من التداول فترة من الزمن داخل الكويت 2018.

البث المباشر