لم يبحث الشاب نائل الهسي -27 عاما- عن مصدر رزق له، كحال العشرات من الشباب الغزيين الذين ينتظرون في صفوف البطالة، بل لجأ إلى مهنة الصيد التي ورثها عن أجداده وخاض عباب البحر رغم أن الأخير خطف شقيقه الأكبر "محمد" حينما قنصه الاحتلال واختفت جثته في أعماق البحر منذ يناير 2017.
طيلة العامين الماضيين، لم تجف دموع والدة "محمد" على رحيله، حتى جاءها خبر استشهاد ابنها "نائل" السبت ليتم نقلها إلى المستشفى ثلاث مرات بعد فقدانها للوعي حينما علمت باستشهاد ابنها "نائل" بصعقة كهربائية تعرض لها في عرض البحر أثناء عمله، من مولد كهربائي كان على متن مركبه.
وعادة ما يستخدم صيادو قطاع غزة المولدات الكهربائية لتوفير تيار من أجل إنارة الأضواء الكاشفة على مراكبهم داخل البحر.
وشيع جثمان الشهيد "نائل" الأحد في مقبرة الشيخ رضوان، فكان والده طيلة الوقت يتكئ على المعزين باكيا فهو والد شهيدين "محمد، ونائل": "الضربة موجعة كما يقول زكريا بكر رئيس اتحاد لجان الصيادين "للرسالة نت".
ولم يهنأ الصياد "نائل" بابنه البكر الذي رزق به قبل ستة شهور بعد خمس سنوات من زواجه، فبقي الصغير ووالدته دون سند بعد استشهاده.
يقول بكر:" كان نائل يحب الصيد كثيرا، ومتعلقا بشقيقه الشهيد "محمد" لدرجة أنه استشهد في ذات المنطقة التي قنص الاحتلال شقيقه فيها".
وتابع:" للاحتلال يد في استشهاد الصيادين في عباب البحر سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة"، موضحا أن الاحتلال يضخ الماء باتجاه الصيادين الغزيين مما يسبب الأذية لهم ومنها إحداث ماس كهربائي في المواتير المستخدمة ويكون تأثيرها آنيا أو بعد فترة.
وأكد أن إصابات عمل الصيادين جميعها بفعل الاحتلال الذي لا يزال يحرمهم من إدخال المعدات الحديثة، مبينا أن الصيادين بحاجة إلى أجهزة حديثة كـ "السونار" وهو كاشف السمك وكذلك جهاز GPS.
ويحكي بكر، أن مواد الصيد المتهالكة والتي يستخدمها الصيادون منذ 2006 دون استحداثها تشكل خطورة كبيرة على حياتهم، فمهما حاولوا إصلاحها لن تجدي نفعا.
وبحسب بكر، فإن الصيادين لم يعودوا كما السابق، فباتوا يسرحون إلى البحر في جماعات بحيث إذا تعطل قارب خلال عملية الصيد يعاونه زملاؤه للخروج والعودة إلى الشاطئ.
ووفق ما رصده مركز الميزان فهناك نحو 311 انتهاكاً لقوات الاحتلال منذ بداية العام 2019 بحق الصيادين في عرض البحر بمختلف مناطق قطاع غزة، حيث تم إطلاق النار تجاه مراكب الصيد (307) مرات، ما أوقع (16) جريحاً، كما اعتقلت قوات الاحتلال (35) صياداً، واستولت على (15) مركباً من مراكب الصيد، وتواصل فرض حظر على إدخال المعدات التي تلزم الصيادين، في إطار الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة.