من الواضح أن الصراع السياسي والنزاع بين الأحزاب (الإسرائيلية) على ضوء فشل الخصوم في تشكيل حكومة بعد انتخابات ثانية، ألقى بظلاله وأحدث تصدعات في جدار المجتمع (الإسرائيلي)، لاسيما مع احتمالية الذهاب لانتخابات ثالثة وهي سابقة أولى في تاريخ الكيان.
ويمكن القول إن المجتمع (الإسرائيلي) بات يعيش حالة تيه وسط تعارك الأحزاب السياسية التي تصر كل منها على التمسك بشروطها؛ من أجل تشكيل الحكومة، فيما تعمّق هذا النزاع ليصل للشارع الذي خرج بتظاهرات مؤيدة لنتنياهو بعد قرار النائب العام (الإسرائيلي) الذي اتهم فيه نتنياهو بالفساد وتلقي الرشاوي وخيانة الأمانة.
وعلى ضوء ذلك اتهم بنيامين، النائب العام أفيخاي ماندلبليت بأنه يمارس "انقلاب سياسي على رئيس الوزراء باتهامات مفبركة وتحقيقات ملوثة ومغرضة"، مؤكدا أنه "مستمر بقيادة الدولة بالرغم من لائحة الاتهام"، مهاجما النيابة قائلا إن "المحققين تعاملوا (معه) وكأنهم يتعاملون مع عالم الجريمة، حان الوقت للتحقيق مع المحققين والنيابة".
وفي نفس السياق، أظهرت نتائج استطلاع للرأي العام في (إسرائيل)، أن أكثر من نصف (الإسرائيليين) يريدون رحيل بنيامين نتنياهو من رئاسة الحكومة، وذلك على خلفية توجيه تهم الفساد إليه.
وأشار الاستطلاع الذي أجرته القناة الـ 13 للتلفزيون العبري، والتي نشرت نتائجها أمس الجمعة، إلى أن 56% من (الإسرائيليين) يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يستقيل، فيما يؤيد 35% بقاءه في منصبه و9% لم يحددوا موقفهم من المسألة.
محاربة الجميع
ويعتقد الخبير في الشؤون (الإسرائيلية) وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية د. عمر جعارة، أن هذه الاحداث السياسة تنعكس على المجتمع (الإسرائيلي)، مبينا أن أعداء نتنياهو في الوقت الراهن ليس قطاع غزة وإيران وإنما مدير الشرطة والقضاء والنيابة العامة الذي بات يهاجمهم ويطالب بالتحقيق مع المحققين.
ويوضح جعارة في حديثه لـ"الرسالة" أنه لا يوجد رجل سياسي في العالم يهاجم مؤسسات الدولة كنتنياهو الذي بات يسخر كل الأدوات لضمان بقائه السياسي، وهو ما ينعكس على تماسك الدولة العبرية التي أصبحت مشتتة بين تظاهرات مؤيدة لنتنياهو وأخرى للقضاء ومؤسسات الدولة.
وبين أن الاستطلاع الأخير الذي أظهر مطالبة 56% من (الإسرائيليين) برحيل نتنياهو، يعكس تزايد الرغبة في عدم بقاء نتنياهو في الحكم، وهو ما يعني أنه لا مستقبل لنتنياهو سوى الذهاب للسجن آجلا أم عاجلا.
الأرض المحروقة
ويعقب الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، على هذا الأمر قائلا إن هناك دعوتين للتظاهر في تل أبيب من وزير المواصلات سمورتيش ضد ديكتاتورية القضاء، ودعماً لنتياهو، في المقابل عضو كنيست من المعسكر الديمقراطي تدعو لمظاهرات في تل أبيب ضد خطاب نتنياهو الفاشي.
ويوضح مرداوي أن ما بين الدعوة ضد القضاء والمظاهرات ضد نتنياهو فإن الأبواب مفتوحة لكل الاحتمالات، ومنطق الأرض المحروقة قائم ولن يسقط من حسابات نتنياهو.
ويشير إلى أن القناة الثانية العبرية ناقشت إمكانية اندلاع حرب أهلية في دولة الاحتلال ما بين اليسار واليمين، لافتا إلى أن المحللون لم يستخفوا بحدة الاستقطاب معتبرين بأن اليمين يحب نتنياهو ولكنه يحب الدولة كذلك، واستدلوا بتوقعات النقاد والمراقبين قبل الانفصال عن غزة والذين توقعوا اندلاع حرب أهلية لكنها لم تحدث.