قائمة الموقع

مقال: المصالحة تفاؤل يشوبه الحذر

2010-09-27T12:06:00+02:00

مصطفى الصواف      

علمتنا التجربة ومراقبة الأوضاع والمواقف ألا نثق كثيرا بأجواء التفاؤل التي عبر عنها المتحدثون بعد لقاء دمشق الذي جمع قيادات من حركتي حماس وفتح، وذكرني المؤتمر الصحفي الذي خرج فيه كل من الدكتور موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد، بذلك المؤتمر الذي خرج فيه الطرفان عقب لقاء صنعاء وأعلن فيه الطرفان عن أجواء ايجابية، وما هي إلا دقائق حتى خرج نمر حماد ونسف ما تحدث به عزام الأحمد واعتبر أن اللقاء لا يعبر عن موقف محمود عباس وحركة فتح وجميعنا شاهد ذلك الموقف الذي التقى فيه الأحمد في مواجهة حماد على قناة الجزيرة وفي النهاية لم تتحقق الأجواء الايجابية والتفاهمات التي تحدث عنها الطرفان.

الذي يجعلنا نشكك في المواقف أكثر هو أن وفد فتح لم يذهب إلى دمشق باندفاع ذاتي، بل جاء اللقاء بناء على أوامر صدرت من قبل عمر سليمان وزير المخابرات المصرية عقب اللقاء مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مكة خلال شهر رمضان الماضي، والذي على ما يبدو عدل في الموقف المصري المتعنت بشان الورقة المصرية إن صدقت النوايا، ولكن الغريب هو هذه الصحوة المصرية المفاجئة والموافقة على ورقة للتفاهمات بين حماس وفتح تكون دليل لتطبيق الورقة المصرية بعد أن كانت مصر ترفض ليس فقط المساس بالورقة المصرية( البقرة المقدسة) بل وحتى أي تفاهمات بين فتح وحماس.

الحذر مطلوب، خاصة أن الشك يراودني من الموقف المصري، وما أخشاه أن يكون الأمر شركا نصب لحركة حماس بهدف الدخول في حوار حول المصالحة من اجل تجميل صورة محمود عباس وحركة فتح، وفي نفس الوقت للتغطية على المفاوضات المباشرة التي تجري وفق الرؤية والأهداف الإسرائيلية والانحياز الأمريكي، وانسياق الموقف الفلسطيني خلف أوهام الوعود الأمريكية، وحسن النوايا الإسرائيلية، والتغرير العربي، وإن كنت على ثقة بكياسة وفطنة الإخوة في قيادة حماس، وحذرهم من الوقوع في مثل هذا الفخ المصري الذي نصبه عمر سليمان بالتوافق مع الإدارة الأمريكية والصهاينة ومسايرة عباس وفتح.

أتمنى أن يكون قرار حركة فتح نابع من الفهم الجديد لحقيقة الموقف الصهيوني، والذي يهدف من خلال المفاوضات إلى استهلاك الوقت من خلال استمرار المفاوضات إلى أعوام حتى يتم إنهاء المشروع الصهيوني في إكمال تهويد القدس والسيطرة بالكامل عليها، وكذلك امتداد الاستيطان، وفرض سياسة الأمر الواقع، والذي سيحول دون قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أو ما يسمى حدود الـ 67 مع جريمة تبادل الأراضي التي وافق عليها فريق التفاوض ولازال يتحدث عنها.

الأمر الذي يزيد شكنا في نوايا حركة فتح، هو ما تحدث به محمود عباس عن الفيتو الأمريكي الباقي على المصالحة بين فتح وحماس، ثم يوافق على اللقاء بين قيادتي فتح وحماس في دمشق، مع علمه بالموقف الأمريكي الذي لا يمكنه رفضه؛ لأسباب كثيرة بات الجميع يعلمها.

نتمنى حدوث مصالحة حقيقية تنهي الخلاف وتعيد الوحدة الوطنية، ما يؤدي إلى لملمة الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات ومواجهة الغطرسة الصهيونية والصلف الأمريكي، ولكن هذا يحتاج إلى إرادة حقيقية، وصدق نوايا، وقرار حر خالص غير مرتهن بالإدارة الأمريكية والاملاءات الصهيونية والوهن العربي.

اخبار ذات صلة