في الوقت التي توجه السلطة الفلسطينية سهامها تجاه المستشفى الدولي، تجاهلت دورها في التفريق بين مرضى الضفة والقطاع المصابين بأمراض مزمنة وخطيرة، كما وتجاهلت إجراءاتها تجاه تقليص عدد التحويلات المرضية من القطاع.
منذ عام مارس من عام 2017، قلصّت السلطة اكثر من 50% من التحويلات المقلصة أساسا، خاصة وان 90% من مرضى سرطان غزة يجب تحويلهم تبعا لوزارة الصحة في القطاع نتيجة عدم توفر برتكولات الدواء.
وأكدّت وزارة الصحة في غزة، وجود نقص حاد في الأدوية الطبية الخاصة بمرضى السرطان تصل لـ60% في بعض المحطات، في ظل افتقار القطاع لأجهزة متخصصة في علاج المرض داخل اقسام الأورام في مشافي القطاع، وغياب وجود مراكز متخصصة لمعالجة المرض، كما يقول مدحت محيسن وكيل عام مساعد في الوزارة.
ويشهد القطاع معدل ارتفاع شهري من (80-90) حالة جديدة، فيما سجل حتى العام 2014 أي قبل خمسة أعوام إصابة 7069، وبزيادة سنوية ألف حالة سنويًا تقريبا، تبعا لاحصاءات وزارة الصحة.
ويؤكد الدكتور محمد أبو شعبان رئيس قسم الأورام في مستشفى الرنتيسي للأطفال، أن بعض أنواع السرطانات في غزة تكون المنظومة العلاجية فيها صفر، وأنواع أخرى لا يتوفر من منظومتها العلاجية أكثر من 70%، وفق قوله.
وأضاف أبو شعبان لـ"الرسالة نت" عدم وجود أنظمة علاج اشعاعية في القطاع، ما يعني ضرورة تحويل المريض إما للعلاج في مستشفيات الداخل بالضفة والقدس، وإما نقله لمصر أو الأردن.
ويشير الى أن 90% من مرضى السرطان في غزة يتم تحويلهم الى خارج مشافي القطاع، في بدايات تشخيص المرض، وذلك بسبب حاجتهم لأنواع معينة من التحاليل والامكانيات والاشعاعات غير متوفرة في غزة.
وكانت الوزارة اشتكت في وقت سابق من أنّ نسبة العجز في توفر أدوية العلاج الكيماوي لمرض السرطان سنويًا تصل حوالي 40% وقد تصل في بعض الأشهر إلى 66%، موضحًا بأنه حال لم يتوفر صنف دواء واحد في ظل وجود 5 أصناف أخرى فلا يعد قيمة للأخيرة لعدم تمكن الأطباء من تنفيذ بروتوكول العلاج لمريض السرطان.
كما أن النقص في بعض الادوية للأطفال المرضى يصل الى حد 70% في بعض الأحيان.
وبالاطلاع على توزيع المرضى خلال حقبة زمنية ماضية، لوحظ ازدياد في عدد ومعدل حدوث الإصابة بالمرض بشكل لافت، حيث كان في العام 2009 (954 حالة)، بمعدل اصابة (65 حالة من كل مئة ألف مواطن)، بينما وصل في عام 2014 الى (1502 حالة) بمعدل حدوث (83 حالة من مئة الف مواطن).
وكان رفعت محيسن مدير دائرة التنسيق والارتباط، قد أقرّ في وقت سابق، وجود معاناة كبيرة يتعرض لها مرضى السرطان المحولين للعلاج في الخارج، والتي تبدأ بالتنسيق للتحويلة التي تستغرق ثلاثة شهور في أسوأ حالاتها، مرورًا بالابتزاز الذي يتعرض له المريض عند بوابة "ايرز".
وكشف محيسن في حديث سابق لـ"الرسالة نت" رفع الاحتلال الفحص الأمني للمرضى وذويهم من سن 35 إلى 55 عاما.
وقال محيسن إن هذا الفحص يؤدي الى مدة انتظار قد تتجاوز أسبوعين، الامر الذي يؤدي في بعض الأحيان الى حدوث مشكلة عند مرضى السرطان الذي يشكلون 60% ممن يحولون الى مشافي الداخل، ويتسبب في تأخير مواعيد علاجهم المحددة في المستشفيات، مما يدفعهم لتسجيل موعد جديد.
وأكدّ محيسن أن حالات مقابلة المرضى مع مخابرات الاحتلال شهدت زيادة عالية حيث شملت معظم الحالات منذ ثلاثة أشهر، مبينًا أن الاستجواب يتم لجميع الاعمار والمرافقين حتى بما في ذلك كبار السن.
وأشار الى وجود زيادة في حالات الرفض في الفترة الأخيرة، الامر الذي يدفع مرضى السرطان للتواصل مع مؤسسات دولية ضاغطة لكي تساعد في تسهيل سفرهم.
كشفت قيادات فصائلية مختلفة، عن تفاصيل جديدة مرتبطة بانشاء المستشفى الدولي الميداني في غزة، مؤكدة أن الفصائل الفلسطينية طرحت هذا المستشفى في لقاءات القاهرة في شهر نوفمبر من عام 2017.
وعلى ضوء ذلك، ابرمت وزارة الصحة في رام الله اتفاقا مع مستشفيات مصرية لتلقي مرضى غزة بعد تقليصها لتحويلاتهم المرضية لمستشفيات الضفة والقدس، بيد أنها عقدت في الوقت ذاته اتفاقا لمرضى الضفة بمركز الملك حسين، وهو من أفضل المراكز التي تعالج مرض السرطان في الشرق الأوسط.
وفي يوليو 2019 وقعت وزيرة الصحة مي الكيلة، في العاصمة الأردنية عمان، اتفاقية شراء خدمة مع مركز الحسين للسرطان، وذلك لتحويل مرضى السرطان، الذين لا يتوفر لهم علاج في المستشفيات الفلسطينية.
في مقابل ذلك، كان السفير الفلسطيني في القاهرة يطلب من مستشفى مصري أن يدفع مرضى غزة ثمن علاجهم، بعدما عجزت السلطة عن دفعها.
وقال عادل سليمان مدير الإدارة العامة لحسابات المرضى في المعهد القومي للكبد: "المفترض أن السلطة هي من تتكفل بدفع نفقة العلاج ولكنها منذ أكثر من عام ترفض الدفع، ولا توجد أي اتفاقية بين المعهد والجانب الفلسطيني تنظم عملية العلاج والتحويلات ولم تناقش السلطة الأمر مع المعهد الذي قال انه ملتزم بعلاج المرضى الفلسطينيين في حال التزمت السلطة بالتسديد".
وشدد سليمان في حديث سابق لـ"الرسالة نت": أنه تمت مخاطبة السفارة الفلسطينية في القاهرة لكن السفير تذرع بأن الأوضاع صعبة وأنه لا تأتي أي أموال من رام الله حالياً، ولذلك فإن المريض الذي يحول للمعهد يقوم بدفع نفقة علاجه على حسابه الشخصي.
وختم بالقول إن المستشفى اضطر قبل أشهر قليلة للتوقف عن استقبال التحويلات من غزة، :"منذ أن قال لنا السفير حاسبوا المرضى نقدي" قبل عدة شهور".