نظم (مجلس العلاقات الدولية- فلسطين) لقاء حواري في غزة لتسليط الضوء على الخطورة المترتبة على هرولة الأنظمة العربية لنسج علاقات مع دولة الاحتلال الصهيوني وسبل مواجهة ذلك، والتي دعا خلالها المشاركون لاستثمار المزاج الشعبي العربي الذي لا زال رافضاً للتطبيع مع دولة الاحتلال.
وشارك في الورشة التي حملت عنوان (التطبيع مع الاحتلال.. بين تطلعات الشعوب وإرادة الأنظمة العربية) كل من الدكتور باسم نعيم رئيس مجلس العلاقات الدولية، والأستاذ صلاح عبد العاطي رئيس مجلس إدارة الهيئة الدولية لحقوق الانسان.
وحضر الندوة التي عُقدت بمدينة غزة عددا من ممثلي الفصائل الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ومختصين بالإضافة إلى مهتمين.
من جانبه، رحب باسم نعيم بالحضور، مشيراً إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن سلسة من الورشات التي ينوي مجلس العلاقات الدولية تنظيمها للمساهمة في تطوير الموقف من التطبيع ومناهضته، حيث ستختص هذه الورشة بمحورين التطبيع السياسي وزيارة الأراضي المحتلة.
واعتبر صلاح عبد العاطي، أن التطبيع مع دولة الاحتلال يعني القبول بنظامها وصيغتها التوسعية الاستيطانية الاحتلالية وقبول احتلالها للأراضي الفلسطينية ويتعدى ذلك للصمت على جرائمها بحق الفلسطينيين.
وقال عبد العاطي: "بعض الدول العربية تبرر تطبيعها بأنها تريد إجبار الاحتلال على تقديم تنازلات مع القضية الفلسطينية مع أن التاريخ يثبت عكس ذلك، فالمطبعون كمنظمة التحرير ومصر والأردن قد انزلقوا للقبول بـ(إسرائيل) العنصرية وخسرت قدرتها على المناورة معها بسبب نشوء مصالح مشتركة بينهما".
وأضاف: "التطبيع يعزز من شرعية وجود (إسرائيل) ويزيد من تماديها في جرائمها بحق الفلسطينيين والعرب، فقد ازدادت بشكل مهول في الاستيطان وتهويد القدس وقتل المدنيين وغيرها من الممارسات في السنوات الأخيرة."
وتابع عبد العاطي: "(إسرائيل) توظف التطبيع العربي لفك العزلة عنها وتحسين صورتها كدولة مارقة على الأراضي الفلسطينية واستغلال الصراعات العربية لصالحها وسعيها مع الولايات المتحدة لتصفية القضية الفلسطينية".
ومضى بالقول: "ما ساهم في التطبيع ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني في وقفه أو الحد منه، فعلى الرغم من مرور 72 عاماً على تأسيس دولة الاحتلال لا تزال مشروعيتها غير مكتملة على الصعيد العربي إذ لم تعترف بها سوى: مصر والأردن وموريتانيا".
وتابع عبد العاطي: "أما حالياً تعترف بها 157 دولة في الأمم المتحدة على إثر توقيع منظمة التحرير لاتفاق أوسلو مع الاحتلال"، مشيراً إلى أن للتطبيع آثارًا سلبية خطيرة على القضية الفلسطينية، حيث إنه أضعفها وحال دون قدرتها على عزل (إسرائيل).
وقال: "رغم كل ذلك تبقى هناك محاولات عربية للتصدي للتطبيع وغضب شعبي كبير على الحكومات المطبعة لكنها للأسف لا تكترث لرأي الشعوب، وطالما لم تتخذ القيادة الفلسطينية موقفا لمواجهة التطبيع فإن الجهود الشعبية العربية ستبوء بالفشل".
بدوره، قال باسم نعيم في إطار حديثه حول خطورة الزيارات العربية للأراضي المحتلة "ينبغي بذل جهود لحماية أمتنا العربية من الاختراق"، متابعاً (ما يحدث من زيارات تطبيعية – كزيارات بعض الخليجيين- مستحيل أن تكون كما تبدو في ظاهرها فردية لكنها مدعومة بغطاء رسمي لجس نبض الناس وردة فعلهم).
ونوه إلى أن (كل ما يحدث ضد إرادة الشعوب ولكن في ظل حالة التيه والضياع والانشغال بالقضايا الثانوية فإن تلك الأمور تتم دون مواجهة شعبية لها)، مشيراً إلى أن المطبعين (شواذ لا يمثلون الشعوب العربية).
ومضى نعيم بالقول: (يجب الاستمرار بالنضال لإبقاء وعي الشعوب حياً، فلن تتحول دولة الاحتلال لكيان شرعي مهما حاولت، فلا تغرنا بعض التحركات هنا وهناك ويجب أن نصر على أن هذه الدولة لا مكان لها بالمنطقة).
وأشار إلى أن الفلسطينيين يساهمون في الضعف الذي تمر به قضيتهم بسلوكهم السياسي، قائلاً: (الزيارات التطبيعية واحدة من تجليات التطبيع مع الاحتلال وتجدد الجدل حولها بسبب كثافتها في الآونة الأخيرة وارتفاع المستوى ووجود أجندات سياسية خطيرة خلفها).
وأضاف نعيم: (الاحتلال يحاول منذ توقيع اتفاقية التسوية مع مصر التطبيع مع المجتمع المصري لكنه فشل في ذلك حتى الآن فالشعب بكافة أطيافه يرفض تلك العلاقة).
وتابع: (الموقف التاريخي العام من هذه الزيارات هو التجريم والمنع). ودعا لتحديد المفاهيم الخاصة بالتطبيع حول ما إذا كان دخول الضفة الغربية والقدس بتصريح إسرائيلي تطبيعًا أم لا، أو هل هناك فرق بين تطبيع الأفراد والمؤسسات والدول؟، وغيرها من المفاهيم التي تحدد إذا كان سلوك أي عربي تطبيعاً من عدمه.
وأكد على أن خطورة ما يحدث الى جانب شرعنة الاحتلال وتبيض جرائمه، فإنه سيعني في المقابل فتح العواصم العربية أمام الوفود الاسرائيلية، سواءاَ الرياضية أو الثقافية والاقتصادية وغيرها.
وبعد انتهاء المتحدثين شارك الحضور في التعليق على ما ورد في الكلمات، والتأكيد على خطورة التطبيع على قضيتنا الفلسطينية وحقوق شعبنا، وأهمية وضع كل الخطط والمقدرات في سبيل مواجهة هذه الخطط، إلى جانب تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي في ظل الحصار الذي يمارسه الإعلام التقليدي على الرواية الفلسطينية.
كما طرح الحضور أهمية وجود هيئة تنسيقية شاملة تضم جميع الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني لتنسيق الجهود في مواجهة التطبيع.