رغم انتهاء أزمة العجول، إلا أن عجز (إسرائيل) في التعامل معها جراء مقاطعة الفلسطينيين لاستيراد العجول من الاحتلال أظهر عمق الأزمة وتخبط الاحتلال في مواجهتها.
وتبيّن جراء الأزمة أن الفلسطينيين قادرون على إبادة قطاع الماشية في (إسرائيل) والذي يعتبر من القطاعات الحيوية لدى الاحتلال، إلا أن الأخير زاد من ضغطه وهدد بعقوبات على السلطة، ما دفعها للتراجع.
وكانت السلطة و(إسرائيل) قد توصلتا قبل أسبوعين إلى اتفاق تعهدت الأخيرة من خلاله بالسماح للفلسطينيين باستيراد العجول من الخارج، وهو ما أثار حفيظة مربي المواشي (الإسرائيليين) ودفعهم للاحتجاج على القرار، مطالبين باستيراد العجول من الاحتلال فقط.
حربا تجارية!
صحيفة "هآرتس" العبرية حذرت جهات أمنية (إسرائيلية) من مواصلة وزارة الزراعة (الإسرائيلية) الضغط على الفلسطينيين، بعد مقاطعتها استيراد العجول منها بمحاولة إشعال حرب تجارية قد تؤدي إلى حالة اشتباك مع الفلسطينيين.
ووفق الصحيفة، فإنه رغم انتهاء المقاطعة التي فرضتها السلطة الفلسطينية على استيراد العجول من (إسرائيل) مؤخرا، إلا أن النزاع الجديد بين الطرفين قد يستأنف من جديد بسبب المطالب الجديدة لقادة الاحتلال.
وستجبر (إسرائيل) السلطة على شراء 30 ألف رأس من العجول، كانت منعت السلطة التجار الفلسطينيين من شرائها في وقت المقاطعة، إلى جانب إجبارها على شراء 120 ألف رأس من العجول خلال العام المقبل.
وكرد على الاتفاق بين السلطة والاحتلال، طالب المزارعون في (إسرائيل) بالتوقف عن استيراد الخضراوات من الضفة الغربية وقطاع غزة كوسيلة للضغط على الفلسطينيين لقبول مطالبهم.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية، قالت إن أزمة العجول أشعلت حربا بين السلطة والاحتلال، وهناك أوامر بوقف تحويل الشيكل إلى البنوك الفلسطينية، وهو ما نفته سلطة النقد لاحقا.
وأكدت "معاريف" أن منسق العمليات في الأراضي المحتلة كميل أبو ركن أعطى تعليمات جديدة لبنك (إسرائيل)، قائلا: "لا تسمحوا للفلسطينيين بتحويل الشيكل إلى العملات الأجنبية".
وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك جاء ردا على القرار الفلسطيني بشأن وقف استيراد العجول من (إسرائيل)، مشيرةً إلى أن وزير المالية موشيه كحلون تدخل في القرار وعمل على تغيير الوضع.
ويمارس المزارعون لدى الاحتلال ضغوطا على وزارة الزراعة نظرا لأن سكان الضفة والقطاع هم عملائهم الرئيسيين، خاصة منذ عام 2016 بعد أن سمحت (إسرائيل) باستيراد الماشية من الخارج، كي لا تتضرر أرباح المزارعين من الواردات.
واتخذت هذه الخطوة بهدف إجبار الفلسطينيين على شراء العجول من (إسرائيل) فقط، ويتم ذلك من خلال سيطرتها على الاستيراد.
ووفق الاعلام العبري، فإن مربي الماشية في (إسرائيل) يبيعون سنويا حوالي 140 ألف عجل تبلغ قيمتها 1.5 مليار شيكل.
وكانت السلطة قد لوحت بخطة فك الارتباط عن الاقتصاد (الإسرائيلي) ما دفعها لمحاولة مقاطعة استيراد العجول من الاحتلال، وهو ما اعتبرته (إسرائيل) خرقا لاتفاقية التجارة الزراعية لعام 1994، ودفعها لفرض عقوبات على السلطة من بينها حرمان رجال الأعمال الفلسطينيين من الحصول على تصاريح تجارية، وعدم السماح للسلطة باستيراد الماشية بشكل مستقل من الخارج.
ووفق تقديرات المؤسسة العسكرية (الإسرائيلية)، فإنه في حال أصرت (إسرائيل) على مطالبة السلطة بشراء العجول من (إسرائيل) فقط وتهديدها بمقاطعة استيراد الخضروات، فإن ذلك سيفتح حربا تجارية من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الأسعار على كلا الجانبين، وقد يصل لاشتباكات كتلك التي اندلعت خلال العامين الماضيين بشكل أساسي لأسباب اقتصادية.
وكانت وزارة الزراعة (الإسرائيلية) قد استجابت لمطالب مزارعيها، ومنعت نقل ألف رأس من العجول إلى قطاع غزة، قبل أن تعيد الجهات الأمنية إدخالها للقطاع الثلاثاء الماضي، مشيرةً إلى أنه ليس لوزارة الزراعة أي سلطة لمنع نقل العجول الى غزة.
ولاحظت المؤسسة الأمنية، أن إجراءات مثل منع دخول العجول إلى قطاع غزة قد تجعل من الصعب التوصل إلى ترتيبات للهدوء مع حماس، حيث يدعم هذا الموقف وزير الجيش نفتالي بينيت، وفق صحيفة "هآرتس".
وتجدر الإشارة إلى أن الإنتاج الفلسطيني من العجول يكفي 10% فقط من احتياج السوق، في حين تشكل تجارة العجول نحو (200- 300) مليون دولار، من مجمل التجارة بين الجانبين التي تصل إلى 3.5 مليارات دولار، وفق إحصائيات رسمية.