يتسارع عدد من قيادات السلطة الفلسطينية للحديث عن رغبتها بافتتاح المستشفى التركي، بوصفه خلاصًا لأزمة التحويلات المرضية، كرد على ما يسمونه رفض "المستشفى الدولي" المزمع إنشاؤه في قطاع غزة بدعم من جمعيات أهلية دولية.
تجريم السلطة للمستشفى الدولي أعقبته محاولة لذر الرماد في العيون، بالحديث عن افتتاح "المستشفى التركي" نهاية العام الجاري، رغم انتهاء إنشائه منذ عامين تقريبا.
بدأ العمل في المستشفى التركي عام 2011، عقب منح الجامعة الإسلامية درجة الدكتوراه الفخرية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي منح الجامعة مستشفى تعليميا تخصصيا، طالبا منهم البحث عن أي مستشفى تعليمي في أنقرة لتطبيقه في غزة، والرواية هنا لشخصيات عملت على هذا الملف فضلت عدم الإفصاح عن اسمها.
منذ ذلك الوقت، بدأت عملية التخصيص للأرض المزمع انشاء المستشفى عليها، بإشراف من المؤسسة التركية "تيكا"، واستمر العمل بالمستشفى حتى عام 2017.
واستغلت السلطة الفلسطينية تشكيلها لحكومة التوافق عام 2014، لبدء التواصل مع الطرف التركي، وطلب منح المستشفى لوزارة الصحة الفلسطينية وتشغيله عبرها.
وبموجب هذه الاتصالات، أبرمت وزارة الصحة التركية، اتفاقا مع السلطة منحت بموجبه الإشراف الإداري للسلطة.
ومع مراحل إنشاء المستشفى التركي، نقلت الجامعة الإسلامية مبنى كلية الطب إلى جواره.
لكنّ الأخطر، تمثل في محاولة اعتبار السلطة للمستشفى خلاصًا للأزمة الصحية في القطاع، رغم أنّ سعته لا تزيد عن 130 سريرا فقط.
وزيرة الصحة في رام الله مي الكيلة، قالت إن المستشفى سيخصص لتحويلات الأمراض المستعصية، رغم أن الوزارة سابقا كانت تتذرع برفض (إسرائيلي( لإدخال أدوية السرطان للقطاع.
حديث الكيلة عن المستشفى التركي، يأتي في وقت تتجاهل فيه التقليص الحاد من وزارتها تجاه توفير المستلزمات الطبية من جانب، والتحويلات الطبية من جانب آخر.
وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إنّ ما توفره الوزارة برام الله يمثل 8 بالمئة فقط من الاحتياج السنوي.
وقال القدرة في تصريح وصل "الرسالة نت" ذكر أن ما وصل إلى مستشفيات غزة منذ بداية عام 2019 الجاري بلغ 3.2 مليون دولار فقط من أصل 40 مليون، مشددا على أن هذا المعدل هو "الأسوأ".
وفي السياق ذاته، ذكر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سلامة معروف، أن مجموع ما تم تحويله من الأدوية العام الماضي، بلغ 5.12 ملايين دولار.
بدوره، أكد وزير الصحة الفلسطيني السابق والقيادي الفلسطيني جواد الطيبي، أن "السلطة تركت غزة محاصرة دون دواء ومستلزمات طبية، للضغط على حماس ظنًا منها أنها بذلك تعالج الانقسام ولا تدري أنها تفاقم معاناة الناس وتزيدها سوءًا".
وقال الطيبي في حديث خاص بـ"الرسالة نت": إنّ الادوية النادرة المسجلة لبعض الحالات والتي تسجل على ما يسمى بـ"نموذج رقم 5"، توقفت من رام الله، "فبعض الحالات تحتاج لأدوية خاصة وتحصل على نموذج 5 لشراء الدواء على اسمها وإرساله لها، وهذه لا ترسل منذ أشهر طويلة"
وتساءل الطيبي: "من يتحمل مسؤولية تدهور صحة هذه الحالات، في ظل عدم إرسال الدواء لها؟".
وشددّ على أن غزة لا تحصل على حصتها الدوائية المقدرة بـ 40%، وهي بالكاد تحصل على الفتات منه، مشيرا إلى أن هذا الحصار "حشر الناس في الزاوية ودفعها للبحث عن خيارات خطيرة".
وأكد أن العلاج يتطلب "توفير الدواء والمستلزمات الطبية وتشغيل الكادر البشري سواء عبر عملية التوظيف أو دفع الرواتب للأطباء، إضافة إلى ضرورة صيانة الأجهزة المعطلة".
وأشار إلى أنه في حال عجزت عن توفير هذه الخدمة فعليها أن تساهم في تحويل المرضى للمستشفيات ذات الاختصاصات المطلوبة، قائلا: "عليها أن تساعد كل الفلسطينيين، بالعلاج في المستشفيات لا أن تفرق بينهم بين من يعالج في مستشفيات بالخارج وآخر يترك دون علاج".
وذكر أن العلاج في المستشفيات المصرية لم يكن حلا في ضوء الإشكاليات والمعيقات الكبيرة التي يواجهها المرضى في سفرهم عبر المعبر.
وأضاف: "الفلسطيني في غزة مهضوم الحق ولا يحصل على حصته في الدواء والتحويلات".