منذ هروبه من منصة الخطاب بأسدود في شهر يوليو الماضي، تحت وقع ضربات الشهيد بهاء أبو العطا قائد الجبهة الشمالية لسرايا القدس، بدأ رئيس وزراء العدو بينامين نتنياهو خطته للتخلص من الرجل، مستعينا هذه المرة بعيون ينظر عبرها وخلالها في الضفة المحتلة، بعيون "مخابرات السلطة".
القصة الكاملة التي عرضتها وزارة الداخلية لأشخاص يعملون في جهاز المخابرات سيء الصيت، تكشف عن تورط أمني في المراقبة لجهاز أمني يناط به العمل خارج حدود الوطن أساسا، لكنّ وجهته كانت هذه المرة صوب رأس قيادة المقاومة وأبرز مقدراتها بهاء أبو العطا.
أبو سليم تتبعته عيون عناصر الجهاز في لحظات مختلفة ونشطت تحديدا بعيد هذه اللحظات التي استهدف فيها "هيبة الكيان"، ليبقى تحت تتبع عناصر مخابرات السلطة التي تتواصل بشكل مباشر مع مسؤول ملفها في المحافظات الجنوبية شعبان الغرباوي، الذي تواصل بدوره مع سلطات الكيان لاطلاعها على هذه المعلومات.
ونبشت هذه الحادثة مسيرة طويلة من الأحداث التي برز اسم الجهاز في الوقوف خلفها، تسبب بارتقاء شهداء وجرحى.
بنك الأهداف
في الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، ساهمت مخابرات السلطة في تشكيل قرابة 29% من بنك أهداف العدو، إذ أنّ 82% من هذه الأهداف التي أرسلها الجهاز للاحتلال تم استهدافها فعلًا.
وكان 70% منها كانت عبارة عن أهداف حقيقية و12 % منها كانت مجرد أهداف كيدية، الغرض منها الإيقاع بالمقاومة والشعب الفلسطيني.
وقد أفضت إلى استشهاد عدد من الأطفال والنساء والشيوخ وارتكاب مجازر بحق عوائل كاملة، تحديدًا في خزاعة والوسطى.
المختص في الشأن الأمني د. إسلام شهوان، أكدّ أن هذه الأهداف تمثلت في استهداف مواقع للمقاومة ومؤسسات فلسطينية بالإضافة لمساجد ومنازل قيادات ومقاومين وأفراد يشتبه بأنهم من المقاومة، منبهًا إلى أن معظم هذه الأهداف كانت للقسام وسرايا القدس وأذرع عسكرية أخرى.
ويشير شهوان في حديث خاص بـ"الرسالة نت": "إن هناك اعترافات لخلايا أوقعت بالمقاومة بتوجيهات من مخابرات السلطة في رام الله، بعضها مرتبط بمتابعة الشخصيات القيادية ومعدات المقاومة وانفاقها وادواتها".
وذكر أنّ الهدف الرئيسي من اغتيال أبو العطا، يتمثل في ضرب غرفة العمليات المشتركة وايقاع خلاف بين مكوناتها، بوصفها إنجازا امنيا عسكريا في القطاع، "وتشكل ازعاجا للسلطة والاحتلال، كما شكّل تفكيكها هدفا لكل منهما".
وأكدّ أن ما عرضته وزارة الداخلية وما تورط به سابقا جهاز المخابرات، يكشف بوضوح أن الاستهداف بات يمسّ منظومة المقاومة برمتها وليس فقط حركة حماس أو كتائبها.
وأوضح أن كل المحطات السابقة، ثبت أن المتابعة الأمنية من مخابرات السلطة يجري ارسالها للاحتلال مباشرة، و"يعتقد بعض المتورطين أن جهله من عدم معرفة ارسال المعلومات للاحتلال انها ستنجيه؛ لكنه يدرك حقيقة أن هناك العشرات من المواقع استهدفت بناء على المعلومات التي يقدمونها".
ضرب الوحدة
المختص الأمني والعسكري محمد أبو هربيد، أكدّ أن الاحتلال باستهدافه للشهيد أبو العطا، وظفّ حالة الكراهية والتنسيق الأمني لصالح منظومته الأمنية، خاصة وأن هذا التنسيق لم يتوقف منذ عام 2005 كما صرّح بذلك رئيس السلطة.
وقال أبو هربيد لـ"الرسالة نت" إن عملية استهداف أبو العطا، تكشف خطورة الاستجابة من موظفي الأجهزة الأمنية بغزة، لمسؤوليهم في توجيه المعلومات، التي ثبت أكثر من مرة وصولها للاحتلال.
وذكر أن هذه العملية تستهدف أساسا ضرب الوحدة المقاومة التي تتمثل في غرفة العمليات المشتركة.
وأوضح أبو هربيد أن هذه العملية تكشف أن التنسيق الأمني يستهدف منظومة المقاومة برمتها وليس فقط حماس، "فكل من يعمل بالمقاومة مستهدف".
وأشار إلى أن الاحتلال بات يستخدم كل الأدوات لتحقيق مصالحه الأمنية، ومخابرات السلطة واحدة منهم.