قائد الطوفان قائد الطوفان

3.5 ملايين سائح في فلسطين.. ما أثر ذلك على الاقتصاد؟

الرسالة نت - الضفة المحتلة

يلصق الطاهي إليا خير قطع بسكويت مصنوعة من الزنجبيل ببعضها بعضا بخلطة من السكر لبناء غرفة مزينة بأنواع من الحلويات ليقدم من داخلها ضيافته للزوار القادمين إلى أحد فنادق بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة.

خير الذي يعمل في فندق "بردايس بريميوم" عند المدخل الشمالي لبيت لحم، استوحى الفكرة من القرن الـ16 الميلادي، التي أعيد تطبيقها في المحلات التجارية الكبيرة في أميركا منذ عام 2006.

أراد من ذلك أن يوصل رسالة للزوار الأجانب القادمين إلى بيت لحم بأن الفلسطينيين يستطيعون مواكبة ما يحدث في العالم، ولكن بطريقتهم الخاصة.

قدم خير من داخل غرفته الهدايا والضيافة الفلسطينية من كعك العيد والمشروبات للزوار والمقيمين في الفندق الأحدث في بيت لحم، بل إن فكرة غرفة بسكويت الزنجبيل جذبت الزوار الفلسطينيين أنفسهم وشرعوا في التقاط الصور معها.

ملايين السياح

ويستكشف السياح المعاملة الحسنة من قبل الفلسطينيين سواء في الفنادق أو المنازل المهيأة لذلك، كما يتعرفون على الأماكن التراثية الدينية والتاريخية، رغم العوائق التي يضعها الاحتلال.

تتجول وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة بين الفلسطينيين والسياح الذين يحتفلون بالعيد في ساحة كنيسة المهد ببيت لحم، وتؤكد أن الاحتفال الحقيقي هو بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ورغم ذلك فإن أكثر من 3.5 ملايين سائح زاروا فلسطين على مدى عام 2019، ومعظم الفنادق احتجزت غرفها بالكامل في كل المدن الفلسطينية وخاصة في بيت لحم.

واعتبرت معايعة أن الحركة السياحية تؤثر بشكل مباشر على العاملين في القطاع السياحي الذين يبلغ عددهم أكثر من 37 ألف فلسطيني.

ترى الوزيرة في حديثها للجزيرة نت أن فلسطين بوصفها دولة تحت الاحتلال تتعرض يوميا لمضايقات، ولو تحررت فإنها تستقبل عشرات الملايين من السياح لأن ما تحويه فلسطين ليس موجودا في العديد من دول العالم، فكثير من الزوار لا يسمح لهم الاحتلال بالدخول، وإذا دخلوا لا يسمح لهم بالتنقل بحرية.

مجموعات سياحية

أما رئيس جمعية الفنادق العربية في فلسطين إلياس العرجا فيقول إن 95% من السياح القادمين إلى فلسطين يأتون عبر مجموعات بهدف الزيارة الدينية، وتتركز زيارتهم كزوار مسيحيين على كنيسة المهد خاصة ولثمانية أشهر في العام.

والغريب أن شهور ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران وتموز/يوليو هي الأقل عددا في الزوار لفلسطين، وتتركز السياحة في أيام محددة فقط هي أيام العيد.

تحوي فلسطين 11 ألف غرفة فندقية، تتوزع على الفنادق التي يقام معظمها في بيت لحم، والباقي موزع في الخليل ورام الله، إضافة إلى غرف فندقية منزلية مؤهلة لاستقبال السياح.

وعن أثر السياحة على الاقتصاد الفلسطيني، يجيب العرجا للجزيرة نت بأن آلافا من الفلسطينيين يعملون في القطاع السياحي، فالقادم إلى أحد الفنادق يمكن أن يصرف مئة دولار أميركي، يذهب منها أكثر من ثمانين دولارا إلى القطاعات الأخرى من سائقي مركبات عمومية وصانعي التحف والهدايا والأعمال اليدوية التي تباع إلى السياح وغيرهم.

مرشدون فلسطينيون

يتركز وجود السياح في فلسطين في مدينتي القدس وبيت لحم لأن المناطق الرئيسية فيهما مؤهلة لاستقبال السياح، كما أن الزائر للمدينتين اللتين تقعان جغرافيا وسط فلسطين يستطيع زيارة المناطق الأثرية في القدس الشرقية والغربية، وكذلك مواقع بيت لحم وأريحا قرب البحر الميت كأقدم مدينة في العالم.

وتستمر جولة السياح في فلسطين أياما عدة، لكن معظمها يكون في الداخل الفلسطيني المحتل كالناصرة وحيفا وعكا وبحيرة طبريا وغيرها، وهنا لا يستطيع الأدلاء السياحيون الفلسطينيون الدخول، فـ55 دليلا سياحيا فلسطينيا يملكون التصاريح للتنقل في الداخل المحتل، وهناك أكثر من 200 مرشد يعملون فقط في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية.

بالإضافة إلى ذلك فإن الحافلات السياحية الفلسطينية لا تستطيع التنقل، لأن الحافلات الإسرائيلية هي التي تجوب كل المناطق، مما يؤثر أيضا على هذا القطاع تأثيرا سلبيا كبيرا.

يقول العرجا للجزيرة نت إن عدم امتلاك الفلسطينيين لحدودهم الجغرافية ودولة مستقلة يعني أن أكثر من ثلثي العالم لا يستطيعون زيارة فلسطين، ولا بناء علاقات سياحية معها كدول شرق آسيا ومعظم الدول العربية، إلا التي يسمح الاحتلال لمواطنيها بالحصول إلى تأشيرة الدخول.

ورغم ذلك فإن صمود القطاع السياحي وتشغيله لهذه الإعداد من الفلسطينيين بحد ذاته انتصار للواقع الفلسطيني الذي رغم العوائق ما زال مفتوحا على العالم، ويستطيع الفلسطينيون تغيير الصورة النمطية عنهم التي تضخها آلة الدعاية الإسرائيلية التي تظهرهم كإرهابيين.

الجزيرة نت

البث المباشر