في الوقت الذي بِتنا فيه على أعتاب العام الجديد 2020، لم تُفصح السلطة عن الموازنة رغم أنه من المفترض أن تعلن عن ذلك قبل نهاية العام.
ورغم تغيير السلطة لحكومتها التي كان يرأسها رامي الحمد الله وتعيين القيادي في فتح محمد اشتية رئيسا للحكومة التي لاقت اعتراضا من مجمل الفصائل الفلسطينية، ورغم اجتماعات الحكومة المتتالية واتخاذها القرارات بشكل أسبوعي، إلا أنها لم تتناول قضية موازنة 2020 بأي شكل من الأشكال، ولم تبرر سبب تأخر الموازنة في ظل اجماع فلسطيني بعدم وجود سبب لتأخر الإعلان.
وينص قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية رقم (7) لعام 1998 في مادته رقم (3) على أن يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بداية السنة المالية"، مع العلم أن المادة رقم (1) من القانون ذاته ذكرت أن السنة المالية تبدأ في الأول من يناير وتنتهي في الـ 31 من ديسمبر من كل سنة ميلاديّة، فيما أعطت المادة رقم (4) من القانون ذاته مهلة 3 أشهر بعد الموعد المحدد إذا لم يتيسر إقرار الموازنة بداية السنة المالية.
** تأخر دون سبب
بدوره، أكد عاطف عدوان رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي أن عدم وجود جهات رقابية على الموازنة والتي يمثل المجلس التشريعي أهمها، يدفع الأموال العامة أن تكون عرضة للفساد.
وقال عدوان إن عدم عرض أرقام محددة وواضحة في الموازنة يزيد من الأموال المهدرة وخصوصا أن الكثير من الأموال والمساعدات لا تُعرف قيمتها ولا الواردة.
ولفت إلى أن الموازنة لم تعرض على التشريعي سوى مرتين منذ عام 2006، ومنذ الانقسام تقر الحكومة برام الله الموازنة دون إدراج قطاع غزة، وهو ما يخالف القانون والدستور.
وأضاف: "نطالب بأن يكون المجلس التشريعي هو المصادق على الموازنة وندعو مؤسسات المجتمع المدني للضغط من أجل ذلك، ونحن ننتظر إعلان حكومة اشتية للموازنة ويجب أن تشمل قطاع غزة المحاصر".
في حين يرى الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى أنه لا مبرر لتأخر إعلان موازنة 2020 طالما انتهت أزمة المقاصة والطواقم الفنية موجودة ووزارة المالية تعمل بالكامل.
وقال موسى إن الحكومة في رام الله كانت تصدر سابقا بيان موازنة ولكن العام الحالي حتى اللحظة لا جديد، "ومن المفترض أن تكون موازنة المقترحة قبل بداية العام الجديد".
وأضاف: "عدم تفعيل المجلس التشريعي يوجد مشكلة وحالة فراغ وكذلك انعدام الشفافية في الموازنة
وحالة التضخم الكبيرة في الأجهزة الأمنية ترهق الموازنة وهو بحاجة لحلول جذرية وإعادة هيكلة".
ويرجع موسى السبب في العجز المالي الدائم إلى تخبط الحكومة في وضع استراتيجية محكمة، والسير عليها في إدارة نفقاتها وإيراداتها، وتعويلها دائما على التمويل الخارجي المرهون بأجندات سياسية.
ويستحوذ قطاع الأمن على الجزء الأكبر من موازنة السلطة مقارنة مع قطاعات أخرى خدمية وتنموية تحظى بنسب أقل من الموازنة العامة.
وشكل الإنفاق على قطاع الأمن نحو 21% من موازنة السلطة الفلسطينية خلال 2018، إذ بلغت الموازنة الجارية لهذا القطاع 3.475 مليارات شيكل (نحو مليار دولار)، حسب ما نشره مؤخرا المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن.
وفي مؤتمره السنوي الثاني بعنوان "واقع النزاهة في قطاع الأمن الفلسطيني"، أكد المنتدى المدني أن رجحان كفة الإنفاق على القطاع الأمني يُضعف الإنفاق على قطاعات خدمية وتنموية أخرى، مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
وورد في تقرير المنتدى المدني أن 83.5% من الموازنة الجارية لقطاع الأمن تذهب للرواتب والأجور، مشيرا إلى انخفاض حجم موازنة الأمن المرصودة لعام 2018 قياسا بسنوات سابقة بسبب التقاعد المبكر وأنصاف الرواتب في قطاع غزة.
وحسب نتائج مقياس واقع النزاهة في قطاع الأمن الفلسطيني المنشور في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بلغ مجموع الرواتب الشهرية المخصصة للعاملين في قوى الأمن 242 مليون شيكل شهريا (نحو 69 مليون دولار)، 63% منها رواتب لفئات الضباط من ملازم حتى لواء.