نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن الدور المذهل الذي تلعبه أجهزة الهاتف الذكي الصغيرة في عمليات الجوسسة وسرقة البيانات.
وقالت الصحيفة، إنه أصبح من المحتمل الآن أن يرسل هاتفك الذكي موقعك بشكل دقيق إلى الشركات التي تسعى إلى تحويل رحلة تسوق خاصه أو زيارة طبية إلى مجموعة من البيانات الكبيرة التي تخدم مصالحها.
مع ذلك، لا تخضع معظم الشركات والأفراد الذين يستفيدون من هاتفك الذكي لتتبع تحركاتك اليومية لأي نوع من المحاسبة أو التدقيق.
الأطراف الفاعلة
ذكرت الصحيفة أن "خرائط غوغل" يعد تطبيق تتبع الموقع الأكثر شعبية في العالم، حيث يجذب أكثر من مليار مستخدم شهريا، يقوم معظمهم غالبا بتشغيل خاصية تتبع الموقع. تحتفظ شركات التكنولوجيا الكبرى على غرار غوغل وفيسبوك بأهم البيانات التي تجمعها من أجل الاستخدام الداخلي، في حين يقوم اللاعبون الصغار الآخرون وراء الكواليس باستغلال العديد من تطبيقاتك المفضلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصناعة تطورت لتستقطب المزيد من الشركات المتخصصة في مراقبة الهواتف عبر إشارات البلوتوث أو العمل على تطوير التكنولوجيا التي تتيح حدوث ذلك.
علاوة على ذلك، يعمل البعض الآخر على نقل هذه البيانات لشركات التسويق، واستخدامها لإنشاء إعلانات تستهدف فئات معينة.
وأوردت الصحيفة أنه من المستحيل تقريبا معرفة هوية الشركات التي تحصل على معلومات موقعك أو ما تفعله بها، نظرا لأن جمع بيانات الموقع غير منظم إلى حد كبير.
وفي الواقع، تقوم هذه الشركات بشكل غير قانوني بوضع أجهزة تمكن من تحديد الموقع عبر الهاتف، ثم إعادة بيع المعلومات التي تجمعها بشكل دائم، ما يخلق فرص تجارية واسعة النطاق.
التكنولوجيا
أوضحت الصحيفة أن صناعة الإعلانات تعمل وفقا لنظام معقد تمثل فيه كل شركة مجرد رمز صغير.
ويعتبر إنشاء تطبيقات ذات جماهيرية كبيرة أمرا مكلفا وصعبا، لذلك تقوم الشركات الصغرى بالسطو على نجاح التطبيقات الكبرى عبر إدراج برامج التتبع الخاصة بها التي تندرج ضمن "حزمة أدوات تطوير البرمجيات".
وأضافت الصحيفة أن الشركات تدفع في كثير من الأحيان أموالا طائلة للوصول إلى هذه التطبيقات، خاصة إذا ما كانت ترغب بشدة في الحصول على هذه البيانات ومقدار قيمة الربح المتوقع التي قد تنتج عن ذلك.
وحسب موظف سابق في شركة تعمل على سرقة المواقع، كان مسؤولا عن توظيف التطبيقات واستخدام حزمة أدوات تطوير البرمجيات الخاص بها، فإن الشركات الصغيرة يمكنها عقد هذا النوع من الصفقات في أقل من أسبوع، مع التركيز بشكل كامل على الإيرادات المادية المتوقعة".
وأوضحت الصحيفة أن حزمة أدوات تطوير البرمجيات توفر خدمات مفيدة وحيوية، على غرار تكامل تسجيل الدخول أو تقنية التعيين.
في هذا السياق، تحتوي أغلب تطبيقات غوغل وأمازون وفيسبوك على هذه الحزمة التي تساعد في توفير بيانات تحليلات حركة مرور الويب أو تسهيل الدفوعات وبث الإعلانات.
في جميع الحالات، تستفيد الصناعة التي تقوم على سرقة بيانات المستخدمين من هذا التطبيق.
وأكدت الصحيفة أنه من المحتمل أن يسرب كل تطبيق البيانات المسروقة إلى خمسة أو 10 تطبيقات أخرى، وفقا لأحد الخبراء في المجال.
علاوة على ذلك تستخدم حزمة أدوات تطوير البرمجيات البيانات بشكل مختلف، حيث تقوم بدمجها مع بيانات أخرى لمعرفة المزيد عن المستخدم، كما تنطبق هذه العملية حتى على الشركات التي تدعي أنها لا تشارك بيانات المستخدم.
ونوهت الصحيفة بأن شركات سرقة بيانات الموقع تبرر انتهاك خصوصية المستخدم والتجسس على التفاصيل والتحركات الأكثر حميمة للحياة اليومية، من خلال الإشارة إلى أنها تحركاتنا مجهولة وغير شخصية.
في هذا الصدد، قال كبير مسؤولي التسويق في شركة بيانات المواقع الأمريكية "فاكتوال": ليس لدينا علاقة مباشرة مع مستخدم التطبيق أو المستهلك".
التطبيقات
من الصعب تحديد التطبيقات التي تشارك بيانات موقعك من أجل الربح. مع ذلك، تشمل التطبيقات التي تستفيد من بيانات المستخدم عبر حزمة أدوات تطوير البرمجيات العديد من المجالات، على غرار تطبيقات السفر، ونمط الحياة، وتطبيقات الأعمال، وتطبيقات الخرائط، وأنظمة الملاحة، وشبكات التواصل الاجتماعي والتسوق.
الأعمال
أوضحت الصحيفة أن مشاركة بيانات موقعك ليست دائما أمرا سيئا.
تقوم العديد من التطبيقات التي تستخدم الموقع بذلك بتقديم عديد الخدمات مفيدة على غرار تطبيقات خدمات البث الصوتي التي تستخدم هذه البيانات لتحديد أنماط الموسيقى المفضلة للمستخدم وبثها.
علاوة على ذلك، يستخدم تطبيق الطقس الشهير "ماي رادار" البيانات الدقيقة للمواقع من أجل تقييم حالة الطقس.
وأفادت الصحيفة بأن النظرة السلبية لهذا المجال أصبحت راسخة بسبب فضائح فيسبوك وتسريبات البيانات وانتهاكات الأمن، التي جعلت الكثير من المستخدمين الأمريكيين أكثر قلقا بشأن ما يحدث لبياناتهم، لذلك أصبحوا اليوم أكثر ترددا في الموافقة على مشاركة موقعهم.