بوتيرة متسارعة؛ تكثف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكاتها واعتداءاتها المتواصلة بحق المسجد الأقصى والمقدسيين؛ في محاولة لتغيير ملامح المدينة وفرض سياسة الأمر الواقع جديدة تعزز السيطرة على المدينة المقدسة.
ومؤخرا؛ منعت قوات الاحتلال خطيب المسجد الأقصى إسماعيل نواهضة للأسبوع الثالث على التوالي من الوصول للمسجد والدخول فيه؛ دون أي مبرر، ضمن سياسة التضييق وتشديد الخناق على المرابطين في الأقصى.
وكانت مخابرات الاحتلال منعت الشيخ نواهضة من المرور عبر حاجز قلنديا قبل شهرين، واعتقلته واقتادته للتحقيق في مركز شرطة المسكوبية غربي القدس المحتلة، وبعد التحقيق معه بشأن إحدى خطبه في المسجد الأقصى، سلمته قرارًا يقضي بالإبعاد عن المسجد لمدة 11 يوما.
انتهاكات بالجملة
ما سبق يأتي في ظل هجمة شرسة وغير مسبوقة تشنها قوات الاحتلال على المسجد الأقصى، فخلال العام المنصرم شهد المسجد اقتحام أكثر من 34 ألف متطرف (إسرائيلي)، ومنعت فيه الصلاة 3 مرات، ومنع الأذان فيه مرة واحدة خلال شهر آذار/مارس.
كما اقتحمته قوات الاحتلال المدججة بالسلاح 4 مرات، فيما اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 2000 فلسطيني من القدس، كما هدمت سلطات الاحتلال أكثر من 100 منشأة وصادرت 8 منشآت.
وسجل عام 2019 ارتفاعا ملحوظا بعمليات الاعتقال العشوائية التي طالت مئات المقدسيين، إذ جرى اعتقال حوالي 2037 مقدسياً، بينهم 498 قاصرا و77 سيدة.
وشهد شهر شباط أوسع حملة اعتقالات خلال النصف الأول من 2019، تزامنا مع هبة باب الرحمة، واعتقل خلال "حملة شباط" قيادات وطنية ورجال دين، منهم رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب.
في حين اعتقل نائب المدير العام لدائرة الأوقاف الاسلامية الشيخ ناجح، ومدير الوعظ والإرشاد في المسجد الأقصى رائد دعنا، ومدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس وغيرهم.
وضمن سياسة العقاب بحق المقدسيين ومحاولة الاستفراد بالمسجد الاقصى قامت السلطات (الإسرائيلية) وبقرار من قائد الجبهة الداخلية للاحتلال بإصدار 338 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس، وتراوحت القرارات بين أسبوع و6 أشهر.
استغلال الظرف
ويرى الخبير في شؤون مدينة القدس د. جمال عمرو، أن كل المؤشرات في المنطقة والشرق الأوسط كلها تشير إلى أن المناخ السياسي نحو الاعتداء والتهويد وفرض سياسة أمر واقع في المسجد الأقصى، موات جدا في الوقت الراهن؛ وهو ما يدفع الاحتلال لتكثيف هجمته نحو الأقصى.
ويضيف عمرو في حديثه لـ"الرسالة نت" أن سلطات الاحتلال تحاول تطبيق التقسيم المكاني والزماني للمدينة بشكل متدرج عبر تطبيق السياسة التي اتبعتها في يافا القديمة بإسقاط المباني التاريخية، وهي محاولة لنقل هذه التجربة في ظل الواقع السياسي المتردي والانشغال الدولي بقضايا سياسية بعيدا عما يجري من تغول في المسجد الأقصى.
ويؤكد أن الاحتلال يتعمد رفع وتيرة اقتحامات الأقصى من الحاخامات والمستوطنين وتدنيس المعابد الدينية بأحذيتهم فيه؛ كرسالة بأنه لا توجد محرمات دينية للمسلمين وصولا لفرض التقسيم المكاني وأحقية اليهود فيه.
ويبين عمرو أن ما يجري يعكس تطرف الحكومة اليمينية (الإسرائيلية) والتي تسعى بقوة لإحكام السيطرة على مدينة القدس وإقامة المعابد اليهودية فيها، وصولا إلى المنع التام للفلسطينيين من دخول المسجد إلا في الأعياد والمناسبات الدينية فقط.
ويشدد على أن المطلوب في ظل ما يجري اتجاه المدينة المقدسة هو التعبئة والتجهيز لمرحلة التحرير في ظل حالة التخاذل العربي والعالمي والصمت على جرائم الاحتلال بحق المقدسات والمقدسيين.