كشف تقرير صحافي، نشر اليوم، الخميس، أن وكالة المخابرات الأميركية "سي آي إيه"، حصلت على معلومات قبل هجوم إيران بساعات أن الأخيرة تعتزم إطلاق صواريخ على قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية في محافظتي الأنبار، وأربيل العراقيتين؛ ردا على اغتيال قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني، في عملية أميركية الجمعة الماضي.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيّة، أن السلطات الأميركية، تمكنت بفضل المعلومات التي وصلت إلى "سي آي إيه"، من تحذير العناصر الذين تواجدوا في القاعدتين. وكشفت الصحيفة أن المعلومات التي تفيد بأن إيران مستعدة لإطلاق هجومي صاروخي على القاعدتين العسكريتين، وردت إلى وكالة الاستخبارات الأميركية في تمام الساعة الثانية بتوقيت واشنطن، أي قبل نحو ثلاث ساعات من تنفيذ الضربة الإيرانية على قاعدة "عين الأسد" التي تضم نحو 1000 عسكري أميركي.
ووفقًا للصحيفة، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية كشف خطة طهران ووجهت تحذيرات إلى البيت الأبيض تضمنت سيناريوهات محتملة للرد الإيراني على اغتيال سليماني، بدءا من إطلاق الصواريخ والقذائف أو من خلال هجمات ضد أهداف أميركية في الشرق الأوسط وحتى احتمال اقتحام المئات لقاعدة "عين الأسد" في غرب العراق.
وكشف تقرير الصحيفة الذي استند إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونائبه مايك بنس ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين ومستشارين عسكريين، عقدوا اجتماعا في "غرفة العمليات" بالطابق السفلي في البيت الأبيض قبل ساعات من الضربات الصاروخية التي أصابت قاعدتين في العراق تضمان قوات أميركية.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن أجهزة الاستخبارات كانت قد رصدت أنشطة عسكرية إيرانية قبل الهجوم، شملت نقل قاذفات صواريخ، ورصدت اتصالات قادة عسكريين إيرانيين تفيد بأن هجوما إيرانيا سيحدث الثلاثاء.
ورغم ذلك فإنه حتى صباح ذلك اليوم، لم تكن المعلومات واضحة، لذلك تم الإبقاء على جدول أعمال الرئيس كما هو، وشمل ذلك مقابلة رئيس وزراء اليونان، الذي التقى به أولا ثم التحق ببنس وأوبراين في غرفة العمليات.
وقبل أن يلحق بهما ترامب، كان المسؤولان يديران النقاشات حول التعامل مع هذه التهديدات، بينما كان ترامب محاطا بالصحافيين الذين سألوه عن تطورات الأزمة مع إيران، فقال لهم إن طهران "ستواجه عواقب وخيمة" في حال أقدمت على مهاجمة أهداف أميركية.
وبعد انتهاء الاجتماع بضيفه، انضم ترامب إلى غرفة العمليات حيث قام المستشارون العسكريون، بطرح الخيارات المتاحة للرد على إيران في حال أقدمت على قتل أميركيين، وذلك بحضور رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك مايلي، وكبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني، كما حضرت عبر مكالمة فيديو، مديرة "سي آي إيه" جينا هاسبل.
وأبرزت الصحيفة موقف هاسبل التي أبلغت ترامب قبل اغتيال سليماني أن التقديرات الاستخباراتية تفيد بأن التهديد الذي يمثله قائد "فيلق القدس"، أكبر من التهديد الذي يمثله الرد الإيراني على عملية اغتياله. وتنبأت هاسبل بأن الرد الأكثر احتمالا لإيران على اغتيال سليماني هو توجيه ضربة صاروخية ضد قواعد تضم قوات أميركية، وهو ما حدث بالفعل.
وفي تمام الساعة الخامسة والنصف بتوقيت واشنطن، أي بعد حوالي ثلاث ساعات من بدء اجتماع ترامب بمساعديه، علم البنتاغون أن 16 صاروخا أطلقت من إيران ضد قاعدتين أميركيتين، ووصل عدد منها إلى قاعدة "عين الأسد"، التي لم تصب سوى بأضرار بسيطة بالبنايات؛ وبعد دقائق، ضربت صواريخ قاعدة جوية في أربيل، بشمال العراق، في هجوم لم يسفر عن وقوع إصابات.
وشددت الصحيفة الأميركية على أن التحذيرات الاستخباراتية المبكرة كان لها الفضل في عدم حدوث خسائر تذكر نتيجة القصف الإيراني، بعد أن سقطت هذه الصواريخ في أماكن لا تتواجد بها قوات أميركية.
واختار ترامب "التهدئة" مع إيران بإعلانه أنّ طهران "تخفّف على ما يبدو من حدّة موقفها" بعد الضربات الصاروخية التي لم تسفر عن إصابة أي من الجنود الأميركيين بأذى، وقوله كذلك إنّه مستعدّ للسلام مع الجمهورية الإسلامية.
وتراجع ترامب عن تنفيذ عمل عسكري جديد ضد إيران، لكنه أبلغ إيران بأنه سيشدد العقوبات الأميركية التي تشل اقتصادها بالفعل، وقال في خطاب وجهه للشعب الأميركي "يبدو أن إيران تخفف من حدة موقفها وهو أمر جيد لجميع الأطراف المعنيين وللعالم. لم نخسر أي أرواح أميركية أو عراقية".
ويتطلع ترامب والمسؤولون الإيرانيون إلى نزع فتيل الأزمة التي هددت يوم الأربعاء بالتطور إلى صراع مفتوح بعد اغتيال سليماني في ضربة جوية أميركية بطائرة مسيرة، تبعها هجوم إيران الانتقامي.
وأثارت الأعمال العسكرية المتبادلة، بعد تصاعد التوترات على مدى شهور، منذ أن انسحبت الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني مع ست قوى عالمية، المخاوف من أن الشرق الأوسط يتجه صوب حرب أخرى.
لكن الجانبين ابتعدا عن الحافة، في حين دعا زعماء عرب وزعماء دوليون آخرون إلى ضبط النفس. وفي العراق سعت الجماعات المعارضة للوجود الأميركي في البلاد كذلك إلى تهدئة المشاعر.