رغم الحملات التوعوية التي تطلقها الجهات المختصة كوزارة الداخلية وبعض الهيئات الخاصة والمعنية بحماية المرضى النفسيين من خطر المشعوذين، إلا أن الغالبية يفضلون طرق أبواب الدجالين بدلا من الأطباء مما يضر عددا كبيرا منهم ويودي بحياة بعضهم.
قبل أيام وقعت حادثة كان ضحيتها شاب عشريني يعاني من اضطرابات نفسية، فبدلا من أن يطرق ذووه باب العيادات النفسية، عالجوه على يد شيخ "كما يدعي"، فطلب غمره بجردل من مياه قريء عليها قران لكنهم وضعوه في برميل كبير ففارق الحياة غرقا.
يعلق العميد أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة الفلسطينية بغزة، على الحادثة السابقة بقوله أنه لم يثبت أي عمل جنائي فيها، بل هي دليل على جهل المواطنين في معالجه أبنائهم عند طرق مثل تلك الأبواب.
وردا على عدم ارتداع المشعوذين رغم الحملات التي تقوم بها الداخلية يقول:" الحملات تكون خلال فترة معينة، وهي غير كافية الأمر الذي يعيد الدجالين للعمل"، مشيرا إلى أن وزارته ستعيد من جديد إطلاق حملة لمكافحة المشعوذين والدجالين.
ومن حين لآخر يشهد قطاع غزة كبقية المجتمعات، حالات لوفاة مواطنين، نتيجة قيام بعض السحرة والدجالين بطقوس ما يعرف باستخراج الجن، حيث شهدت الأعوام 2018،2019،2014 سقوط ضحايا بشكل مباشر لهذا النوع من الطقوس التي تشمل في بعض الحالات الضرب واستخدام العنف، أو الاجبار على شرب سوائل تعد على يدّ سحرة ومشعوذين.
ويصنف الضحايا في العادة، بأنهم مصابون بمرض الفصام، وهو مرض نفسي تصاحبه هلوسات بصرية وسمعية، فبحسب أطباء علم النفس، في بعض الحالات، يخيل لهؤلاء المرضى سماعهم لأصوات أو مشاهدتهم لأشخاص، وقد يعتقد البعض تعرضه لمس شيطاني، ويعزز هذا النوع من الاعتقاد الثقافة الشعبية السائدة، التي توهم المصابين بالفصام بوجود هذا النوع من المس.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإن منظمة الصحة العالمية رصدت 210 آلاف مواطن في غزة يعانون من اضطرابات صحية نفسية وخيمة أو متوسطة، بينما لا يوجد سوى مشفى حكومي واحد للأمراض النفسية لا يتسع سوى لعشرة أسِرَة.
وتشير دراسة حديثة أجراها الطبيب عايش سمور رئيس مستشفى الامراض النفسية السابق في قطاع غزة، إلى أن نسبة مرض الفصام في قطاع غزة تصل إلى 1.6% بينما نسبة المرض العالمية ًلا تزيد على 1%، كما أن نسبة الإصابة بحالات الاكتئاب الشديدة العالمية تتراوح ما بين 5-7%، بينما في غزة تصل إلى 10%، فيما ارتفعت حالات الاكتئاب الخفيفة في غزة إلى 30%، علما بأنها لا تتعدى في كل العالم 20% كحد أقصى.
بدوره، حمل الباحث القانوني عبد الله أبو شرشرة وزارة الصحة، جزءا مهما من المسؤولية، إذ يحظر قانون الصحة العامة في فلسطين على أي شخص أن يمارس الطب، أو يتظاهر مباشرة أو ضمناً بأنه يمارس الطب أو أنه مستعد لممارسة الطب إلا إذا كان مصرحا له بذلك.
وطالب الوزارة بإغلاق أي مراكز تدعي أن لديها القدرة على علاج هذا النوع من الامراض، ومنها المراكز التي تقدم العلاج بأساليب مثل الريكي والطاقة إذا ما تجاوزت هذه المراكز التراخيص الممنوحة لها.
وختم قوله لـ"الرسالة" أن خضوع مئات الحالات التي لا تمتلك الارادة الحرة، والتي تجبر على العلاج بواسطة الضرب والعنف، والضغط النفسي الشديد، يعتبر انتهاكا جسيما للقانون الدولي لحقوق الإنسان.