اتضحت معالم "صفقة القرن" التي رددها الاعلام (الإسرائيلي) والأمريكي خلال العامين الماضيين، لتظهر صورتها التي تُعطي للاحتلال وطنا وتشرعن مستوطناته وتلغي وجود اللاجئ الفلسطيني.
وبعد الإعلان عن "صفقة القرن"، بات العبء ثقيلا على الفصائل الفلسطينية التي تعاني ويلات الاحتلال والانقسام الفلسطيني وسطوة "اتفاقية أوسلو" في الضفة وترهل منظمة التحرير.
ومن المقرر أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو مساء اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل "صفقة القرن".
وكرد على نية ترامب الإعلان عن الصفقة، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية اضرابا شاملا اليوم الثلاثاء، ومظاهرات حاشدة ونقاط تماس مع الاحتلال رفضا للصفقة.
البداية بإنهاء الانقسام
بدوره، ذكر المختص في الشأن السياسي محسن أبو رمضان أن اتضاح المعالم الرئيسية للصفقة والتي تهدف بالأساس لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني، "يحتم علينا التوحد لمواجهتها".
وقال أبو رمضان: "صفقة القرن تعني شرعنة الاستيطان وإنهاء وجود اللاجئين، لذلك المطلوب من الفصائل إنهاء حالة الانقسام فورا وأن تلتقي جميع الفصائل للتباحث في كيفية رفض الخطة والرد عليها".
وأشار إلى أن المقترح أثبت للجميع أن موضوع "حل الدولتين" انتهى والمطلوب الالتقاء وطنيا، لأنه لم يعد جدوى في المفاوضات وأن هذا الطريق مسدود.
وأشاد باجتماع الفصائل في غزة أمس الاثنين: "كان جيدا ويجب أن يكون هناك اجتماع مماثل له في الضفة ليكسر حالة الجمود السياسي".
ودعا أبو رمضان السلطة لسحب الاعتراف بـ (إسرائيل)، قائلا: "لا مبرر لاستمرار الاعتراف بـ(إسرائيل) ويجب مغادرة مربع أوسلو ووقف التنسيق الأمني وانهاء العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي".
ودعا لضرورة إعادة ترتيب البيت الداخلي والبداية تكون من منظمة التحرير الفلسطينية بأن تكون شاملة وملمة لجميع الفصائل.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع سابقه، بأن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية يعتبر حجر الأساس لمواجهة "صفقة القرن".
وقال عوكل: "يجب الجلوس على طاولة الحوار والتفاهم على الأجندة الوطنية التي يجب العمل عليها بعد الانتهاء الفعلي من العمل باتفاقية "أوسلو".
وأكد أن الصفقة تحاول الإطاحة بجميع قرارات الأمم المتحدة وتحويل الفلسطينيين لأقلية على هذه الأرض لا حق لهم بالمطالبة بأي حقوق من عودة ومقدسات وأرض محتلة.
ويرى الدكتور حسام الدجني أن المطلوب من الفصائل، العمل الجاد على إنهاء الانقسام، ودعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للاجتماع لمناقشة ما يمكن عمله لتحويل أي تهديد لفرصة، والتوافق على استراتيجية للمواجهة.
وشدد الدجني على ضرورة أن يبدأ عباس بخطوات عملية لتعزيز صمود قطاع غزة عبر وقف الإجراءات العقابية التي أقرها في مارس عام 2017، ووقف التراشق الإعلامي، "فمواجهة صفقة القرن لا تتم عبر الاتهامات المتبادلة التي تضعف الموقف الفلسطيني وتسهل تمرير الصفقة لأنها في النتيجة تصنع رأيا عاما فلسطينيا محتقنا ومستقطبا وعاجزا عن اتخاذ أي خطوات".
وأوضح أن المطلوب من حركة حماس وفصائل المقاومة العمل بكل قوة لمنع تمرير الصفقة، وفتح صفحة جديدة في العلاقة مع حركة فتح، "وما قامت به حماس أخيرا في الدعوة للقاء وطني يدعو له الرئيس خطوة في الاتجاه الصحيح، فإن لم تجتمع قيادة الشعب الفلسطيني في هذه الظروف فمتى ستلتقي؟"
وحذر من أن "صفقة القرن" تستهدف المشروع الوطني ولا فرق بين غزة والضفة والقدس، وما لم يتحرك الجميع تحت مظلة وطنية واحدة ستُمرر الصفقة، "فالتصريحات لا يمكن أن تشكل معيقا لمرورها، بل القرارات الصادمة وعلى رأسها استعادة الوحدة الوطنية والعودة إلى كل أشكال المقاومة، وتطبيق كل مخرجات المجلس المركزي هي الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة صفقة القرن، ودون ذلك فإن المعطّل لتحقيق ما سبق هو شريك بقصد أو دون قصد في تمرير صفقة القرن".